*من ملفات الشرطة
*الحلقة الثانية
عرض وتحليل/ حسين كريش
ملخص ما نشر في الحلقة الأولى
بحكم عمله كمحصل مالي تابع لجهة عمله قام الموظف / عبدالله علي عرسه من أهالي قرية دار الحيد بسنحان محافظة صنعاء بسحب مبلغ ستة ملايين وعشرين ألف ريال يمني من مصرف الجزيرة الكائن بشارع حدة وحمله بداخل شوالة على سيارة نوع هايلوكس غمارتين تابعة لجهة العمل في الكرسي الخلفي , وسار بالسيارة متجها إلى منطقة دار سلم ’ وقام هناك بسحب مبلغ آخر مقداره أربعة ملايين وثلاثمائة ألف ريال من محل تجاري لصالح جهة العمل ’ وضمه داخل شوالة أخرى إلى جانب الأولى على الكرسي الخلفي للسيارة , ثم تحرك باتجاه منطقته دار سلم ليتناول طعام الغداء في منزله هناك حيث كانت الساعة حينها الواحدة إلا ربع ظهراً , على أن ينتهي من تناول الغداء , ثم يتجه لإيداع المبلغ الذي في الشوالتين وقدره عشرة ملايين وثلاثمائة وعشرين ألف ريال في حساب صاحب العمل حسب المعتاد أو كما فعل ذلك أكثر من مرة من قبل .. وقد ترك السيارة وبداخلها الشوالتين أمام باب البيت ومقفلة , ودخل المنزل لتناول طعام الغداء مع اسرته واخوانه, وأثناء ذلك – بعد دقائق وصل إليه احد أقربائه وهو ابن شقيقته ليقول له بأنه رأي زجاج فريم السيارة (المثلث)مكسورا وباب الكرسي الخلفي مفتوحا , وسأله من الذي فعل ذلك؟ , فنزل المحصل عقب ذلك هو وإخوانه ليجدوا أن الشوالتين وفيهما المال قد اختفتا من السيارة , وان الكارثة حلت فوق رأس المحصل وأن ثمة شخصين من أهالي القرية شاهدا دراجتين ناريتين مرتا من الطريق وأمام كل سائق منهما شوالة مليئة , واختفت الدراجتان بشارع خولان وتم إبلاغ أقرب مركز شرطة للمنطقة عقب ذلك بما حصل , ولكن دون جدوى , واتجه الاتهام والشك أول الأمر إلى المحصل ( المجني عليه )بينما هو كان اشرف من الشرف نفسه , والكل يعرف عنه بأنه انقى من الذهب وكذلك عائلته , ثم تمت المتابعة بشكل ذاتي من قبل مدير أمن المنطقة الرابعة بمحافظة صنعاء وهو العقيد الركن/ خالد الشمج , ومعه المحصل المنكوب وإخوانه الذين تفاعلوا وإياه وبذلوا جهودا طيلة أكثر من خمسة أسابيع حتى تمكن مدير امن المنطقة وهم إلى جانبه من ضبط ثلاثة أشخاص بعد استخراج صورهم والتعرق عليهم من خلال كاميرات المراقبة الموجودة في المصارف بشارع حدة وعلى طول الطريق الذين سار فيه المجني عليه بالسيارة حتى قرية دار الحيد ..حيث تم عمل محاضر جمع استدلالات مع هؤلاء الثلاثة بالمنطقة , ليبدأ هنا انكشاف المجهول وليبدأ تغيير الرؤية أو المعادلة , وتتحول القضية إلى مسار آخر ..وهاهي بقية الوقائع ومع أحداث الحلقة الثانية..
– في المحاضر التي أجربت مع الثلاثة الأشخاص المضبوطين بالمنطقة وبعد محاولات لكل منهم المراوغة والهروب والتظاهر بالتغابي واختلاق القصص للتمويه , اعترف ثلاثتهم في نهاية المطاف بأنهم وأشخاص آخرين شركاء لهم من قاموا بتنفيذ العملية أو من كانوا وراء ارتكاب الجريمة، وهي قيامهم بمراقبة المجني عليه عند وصوله بالسيارة الهايلوكس ودخوله لسحب مبلغ الـ”6.020.000″ ريال من محل الصرافة في شارع حدة، وحمله داخل الشوالة على السيارة ثم تحركه بالسيارة من الشارع وهم تحركوا وراءه لمتابعته على دراجات نارية وسيارة خاصة تابعة لهم ومواصلة ملاحقتهم له على خط سيره حتى وصوله إلى دار سلم وقيامه بسحب المبلغ الآخر من المحل التجاري وحمله في شوالة أخرى على السيارة ثم الاستمرار في ملاحقته إلى أن وصل أخيراً إلى باب منزله بقرية دار الحيد بسنحان ووقوفه بالسيارة بجوار المنزل وإغلاقها وبداخلها الشوالتين ودخوله حينها المنزل لتناول الغداء.. حيث لم يتركوه ولم يخافوا، وسار بعضهم خلفه على دراجتين إلى داخل القرية، ثم إلى جوار السيارة في باب المنزل، وقام أحد سائقي الدراجتين بدق زجاج فريم السيارة المثلث وكسره برأس بلاك على مطاط، وفتح باب السيارة وإخراج الشوالتين منها، ووضع كل منهما على دراجة أمام السائق وتحرك كل من الدراجتين سريعا ومراقبة الدراجات الأخرى خلال ذلك من بعيد، إضافة إلى التواصل بالتلفونات والتنسيق بين الجميع والانتظار بالسيارة في الجولة التي بعد مفرق دار الحيد بشارع خولان حتى وصول الدراجتين بالشوالتين إلى الجولة وتسليم الشوالتين لمن كان منتظراً للسيارة والاختفاء بالسيارة، عقب ذلك تفرقت الدراجات كذلك كل منها ذهبت في اتجاه مختلف وبشكل عادي لا يلفت النظر، ثم تم الإلتقاء وتقاسم المبلغ بعد ذلك بين أفراد المجموعة وبصورة كما هو المعتاد لهم وكما سبق في العمليات التي قاموا بتنفيذها من قبل.
فكان بعد إعتراف الأشخاص الثلاثة الآنفي الذكر أن تنفس مدير أمن المنطقة الرابعة العقيد الركن خالد الشمج ومن معه الصعداء وأحسوا كأنهم في حلم ولم يصدقوا أنهم كانوا في كابوس وخرجوا منه بمعجزة.
ولقد سارع مدير أمن المنطقة عقب إستكمال المحاضر والاعترافات لإرسال الثلاثة (المتهمين) مع الأوليات وعددها 15 ورقة إضافة للمضبوطات بحوزتهم وهي سلاح مسدس وأربعة تلفونات إلى مباحث محافظة صنعاء لتولي المتابعة والتحقيقات في القضية بالاشتراك مع مباحث أمانة العاصمة التي أشارت المعلومات الأولية إلى أن العديد من أفراد العصابة المطلوبين كانوا يقطنون بنطاقها وارتكبوا أكثر من عملية مماثلة وسابقة ضمن اختصاصها، مع استمرار دور المنطقة الرابعة بالمحافظة، وتعاون المجني عليه عبدالله عرسه واخوانه الذين كانت فرحتهم أكثر وأكثر باكتشاف القضية والفاعلين المتهمين وأصروا على البقاء في التعاون وتجنيد أنفسهم إلى جانب أجهزة الشرطة والعدالة حتى ضبط كافة أفراد العصابة وكشف الحقائق كاملة وإعلانها على الملأ… و… حيث اهتم مدير مباحث المحافظة العقيد محمد شرف أول الأمر بشكل شخصي ومعه مشرف أنصار الله وهو الرائد فارس فؤاد عسكر، بعد التنسيق معهما بشأن ذلك من قبل مدير أمن المنطقة الرابعة، ثم توسع الاهتمام بالقضية ليتحول بصورة رسمية وعلنية ويتم تشكيل فريق عمل للمتابعة والضبط والتحقيق بقيادة مدير البحث عينه، والفريق مكون من المقدم أمين البلطة رئيس قسم مكافحة السرقات والملازم عبدالغني عويدان والملازم جبران الضبري والمساعد محمد قائد ومعهم الأخ أحمد العركاضي من أنصار الله إضافة إلى مشرف أنصار الله (أبو نصر) .. والذين قاموا كخطوة أولى في المهمة بفتح محضر لأخذ إفادة المجني عليه المنكوب عبدالله عرسه، وأخذ إفادة رفيقه الذي كان معه إسماعيل النهمي وبعد ذلك بادروا لفتح المحاضر مع المتهمين الثلاثة المرسلين من المنطقة الرابعة والذين كرروا اعترافاتهم بالواقعة ولم ينكروا شيئاً بل انهم أدلوا بأسماء وعناوين زملائهم المشاركين في الواقعة الأخيرة وكذلك المشاركين في عمليات أخرى مشابهة قاموا بارتكابها في أكثر من منطقة داخل أمانة العاصمة والمحافظة.. وكان ممن وردت أسماؤهم وعناوينهم في المحاضر عديد من الأشخاص ضمن نطاق الأمانة، فتم التواصل عقبها مع إدارة مباحث أمانة العاصمة ممثلة بمديرها العقيد الركن معمر هراش الذي تفاعل منذ الوهلة الأولى وكشف أن ثمة بلاغات عن عمليات سرقة ارتكبت بنفس الأسلوب وقيد البحث في نطاق الأمانة وأن بعض الأشخاص ممن ذكرت أسماؤهم من المطلوبين على ذمة قضايا لدى مباحث الأمانة وبعض المراكز والمناطق بالعاصمة.. وانضم – أي مدير مباحث الأمانة- ليشكل مع مدير مباحث المحافظة ومدير المنطقة الرابعة ثم مع مشرف أنصار الله بمباحث المحافظة، فريقاً قياديا عملياً متكاملاً .. لتتحرك على إثر هذا التكامل الجماعي أجندة عمل وراء كل المتهمين المطلوبين والذين يصل عددهم إجمالاً حسب المعلومات المتواردة والمؤكدة إلى أكثر من 18 فرداً يشكلون معاً مجموعتين أو عصابتين كل منهما تحت امرة شخص يترأسها، ويدير شؤون عملياتها وأغلب أفراد العصابتين إن لم يكن جميعهم لديهم دراجات نارية أو سيارات تاكسي أجرة، وكذلك أسلحة مسدسات، أو هذا ما كشفت عنه التحريات التي قام بها فريق العمل المشترك، وتبينت من الإفادات والاعترافات التي أدلى بها فيما بعد أحد رئيسي العصابتين والذي تم ضبطه بعد تحرك جماعي لفريق العمل المشترك وضبط أشخاص آخرين ضمن العصابة، وصل عددهم مع المضبوطين سابقاً إلى سبعة أشخاص، ثم تمكن بعد ذلك عناصر الفريق من التوصل إلى شخص ثامن وضبطه كواحد من أفراد العصابة المتهمين، وضبط سيارة معه، إضافة إلى ضبط دراجتين ناريتين مع آخرين كان أفراد العصابة يستخدمونها كأدوات في المراقبة أمام المصارف والبنوك ومتابعة الضحايا عند خروجهم من هذه البنوك والمصارف وهم يحملون مبالغ النقود التي قاموا بسحبها منها، ثم يستمرون في متابعتهم حتى يجدون الفرصة المناسبة ويتمكنون من سرقتهم، وإن انتبه هؤلاء الضحايا وقاوموا، سارع من يحمل مسدسه من أفراد العصابة إلى إطلاق النار من المسدس لتخويفه وصده.. ثم يلوذون بالفرار بعد أن يكونوا قد حصلوا على الغنيمة دون أن يلحق بهم أحد.. وهكذا كان أسلوب تنفيذهم لمعظم العمليات في نطاق الأمانة ونطاق المحافظة.. ومنها كانت العملية التي قام أفراد العصابة قبل الواقعة الأخيرة، والتي كان الضحية فيها مواطن اسمه محمد الدبعي، وسرقوا عليه مبلغ خمسين ألف دولار وسبعمائة وخمسين ألف ريال يمني من فوق سيارة له نوع كرولا وذلك في شارع عذبان أمام أحد المطاعم للعصيد أثناء ما كان يتناول المجني عليه طعام العصيد على الرصيف وأمامه السيارة كانت واقفة ومغلقة والنقود كانت بداخلها وقد استخدم أفراد العصابة خلال ذلك حيلة مبتكرة، وكانت حيلة جهنمية لا تخطر إلا على الشيطان.. و.. وهذا وغيره ما ستعرف عنه وتقرأه في أحداث الحلقة الثالثة والأخيرة بعدد الأحد القادم إن شاء الله تعالى وإلى اللقاء..