ماذا عن “الرصاص المصبوب” على قطاع غزة قبل ثماني سنوات!؟”

هشام الهبيشان

ما ان  انتهت التهدئة “تحت وقع الخروقات الصهيونية ” التي دامت ستة أشهر  والتي كان قد تم التوصل إليها بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من جهة والكيان الصهيوني  من جهة أخرى برعاية مصرية في يونيو 2008م، حتى بدأ كيان الاحتلال الصهيوني هجومٍ جوي بربري، نازي، فاشي – استهدف قطاع غزة بـ 27-12من عام 2008م تحت عنوان “الرصاص المصبوب ” ،مستهدفاً الشجر والحجر، الإنسان والمكان ، وهذا العدوان لايدخل إلّا بخانة  حرب الإبادة وجرائم الحرب ، والتي استمرت طوال 22 يوماً من القصف والتدمير المتواصل، مخلفةً في نهاية المطاف أكثر من 1440 شهيداً و5450 جريحاً وتدمير آلاف المنازل، ودمار شامل للكثير من المدارس  والبنى التحتية والمساجد والجامعات والمستشفيات والمناطق الحيوية بالقطاع، أو بمعنى آخر، هو تدمير ممنهج للبنية التحتية في قطاع غزة ،وهذا ما كان ليحصل إلّا بضوءٍ أخضر وشراكة من بعض الأنظمة العربية فيه، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر  ، و كل ذلك بهدف أن يشعر أهل غزة إن قوى المقاومة هي السبب بما يجري لهم، بهدف أن ينسلخ أهل غزة عن قوى المقاومة وعن فكرها المقاوم، فقد كان الهدف من كل ذلك، هو تقسيم غزة لخمس مناطق، لعزل قوى المقاومة عن بعضها البعض، ومن ثم تدمير المخازن والانفاق، والسيطرة على نقاط العبور وتهريب وتخزين الأسلحة ومن ثم تصفية العدد الأكبر من القادة العسكريين والأفراد المنضوين ضمن صفوف تنظيمات المقاومة بقطاع غزة، وهذا ما لم يحصل ولن يحصل، بل وقف أبناء قطاع غزة يداً واحدة مع قوى المقاومة .
في المقابل انكشف موقف المتخاذلين من الأنظمة العربية وبرز ذلك من خلال ردود أفعالهم الهزيلة، وانفضاح أمانيهم بأن ينجح الكيان الصهيوني بإركاع غزة وأهل غزة، بالطبع حاولت بعض الأنظمة العربية “ الأنظمة التي تعرف بتبعيتها إلى المشروع الصهيو – أمريكي” أضفاء طابع أخر لهذه المحرقة، وعنوان آخر لها ، فهذه الأنظمة  لها مصلحة مشتركة مع العدو الصهيوني، بالإجهاز على حركات المقاومة بالقطاع وخصوصاً حركتيّ حماس والجهاد.. الإجهاز عليها عسكرياً وليس سياسياً بالطبع ، وهنا لا ينكر عاقل أن الصهاينة عندما دخلوا هذه المعركة، لتنفيذ تلك المحرقة ، لم يدخلوها وحدهم بل بالشراكة مع بعض شركائهم من الأنظمة العربية، وهذا ما لم يخفيه الكثير من جنرالات الجيش الصهيوني وبعض الساسة الصهاينة ، وهذا قد يثير استغراب البعض، فهل من المعقول أن تصل عمالة بعض الأنظمة العربية إلى درجة الاشتراك بتلك المحرقة، وقتل أهل غزة العُزل ؟؟.
الجواب ، ببساطة “نعم” وهذا ليس مستغرباً من هذه الأنظمة، فهناك اليوم أدلة ملموسة على كل هذا، فالتجربة السورية والعراقية والليبية واليمنية والسودانية تثبت أن هذه الأنظمة العميلة ، أصبحت شريكاً وموغلاً بالدم العربي، تعملُ يداً بيد مع العدو الصهيو -أمريكي ، لتنفيذ باقي فصول مؤامراتهم القذرة الرامية إلى إبادة هذه الأمة وإلى تقسيم المقسم بالوطن العربي ، وهذا تطور خطير بعمل هذه الأنظمة العميلة، فبعد أن كانت هذه الأنظمة مسؤولة عن الامداد واللوجستك والتسهيل لاحتلال أراضٍ عربية، كما شاهدنا بالتجربة العراقية –الليبية –السورية ، اليوم أصبحت  هذه الأنظمة شريكة للمشروع الصهيو –أمريكي ،بالقتل والتدمير والتخريب للفسيفساء المكونة للخارطة العربية، لتمزيقها وإعادة ترتيبها بما يخدم هذا الكيان الصهيوني ،لتكوين ثلاثة وخمسين كيان عرقي ومذهبي وديني بالمنطقة العربية ، يكون فيها الكيان الصهيوني هو السيد المطاع ،وكل طرف من هذه  الأنظمة، سعى من خلال محرقة غزة لتقديم صكوك الطاعة لهذا الكيان، بسبيل أرضائه وإرضاء السيد الأمريكي .
محرقة غزة “2008م”،لم تكن حدثاً عابراً، فالصهاينة قد باشروا فصول هذه المحرقة بمثل هذه الأيام من عام 2008م،بالشراكة مع بعض شركائهم من الأنظمة العربية على أساس أنها ستكون معركة صهيونية  بالوكالة عن شركائهم من بعض الأنظمة العربية، ولكن المفاجأه كانت كبيرة ،ورغم حجم الخسائر التي تلقاها القطاع  ، إلّا إن الصهاينة تلقوا ضربات موجعة بالعمق الصهيوني فارأضي فلسطين المحتلة الخاضعة أغتصاباً للكيان الصهيوني، أصبحت  بمجموعها تحت نيران وصورايخ المقاومة ،وبغضّ النظر عن نتائج  ضربات المقاومة ،فهذه الضربات وضعت الكيان الصهيوني وقادته، بمأزقٍ كبير بعد أن أثبتت قوى المقاومة أنها قادرة على الرد، وكل ذلك بفضل منظومة خبراء فلسطينيين، تدربوا على أيدي أمهر الخبراء العسكريين بالجيش العربي السوري وقوى المقاومة اللبنانية، ومستشارين وخبراء إيرانيين، واستطاعت منظومة الخبراء الفلسطينيين، أن تتمرس على صناعة هذه المنظومة الصاروخية التي ضربت تل أبيب وحيفا و…ألخ .
وهذا بحد ذاته شكّل حالة من الصدمة لقادة الكيان الصهيوني وشركائهم من الأنظمة العربية ، فهم تورطوا حينها بمعركة لم يدرسوا نتائجها، وهذا يذكّرنا بحرب الصهاينة  بتموز 2006م مع حزب الله ، والتي ورطت حينها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض أدواتها من الأنظمة العربية الكيان الصهيوني بها ، ونذكر حينها كيف أن كوندليزا رايس وبعض التابعين لوزراة خارجيتها من بعض الأنظمة العربية، كيف أنهم كانوا رأس الحربة بهذه المعركة ، رغم إن القادة الميدانيين بالجيش الصهيوني قرروا الانسحاب من المعركة بتموز 2006م في صبيحة اليوم الثالث لها ، إلّا إنّ رايس وبعض التابعين لوزراة خارجيتها من بعض الأنظمة العربية  حينها، رفضت ذلك واستمرت المعركة ليخرج منها الجيش الصهيوني جاراً لذيول الهزيمة ، وهذه المعركة سُجّلت بالتاريخ على أنها  كانت معركة صهيونية على لبنان بالوكالة عن الأمريكان وبعض أدواتهم من الأنظمة العربية ،ونفس هذه المعركة وتوصيفاتها التي عاشها لبنان ،حصلت بقطاع غزة بالعام 2008م.
ختاماً ، تعد الحرب الصهيونية على قطاع غزة أواخر العام 2008 وأوائل العام 2009م من أبشع الحروب التي شنت في التاريخ المعاصر ضد شعب أعزل، وذلك في ظل صمت عالمي وتخاذل من قبل بعض الأنظمة العربية التي خلعتها شعوبها وبعضها مازال يمارس دوره بذبح هذه الأمة،وفيما يلي بعض الإحصائيات لتلك الحرب:إحصائية الخسائر الفلسطينية خلال الحرب على قطاع غزة:- بلغ عدد الشهداء 1440 شهيدًا.- بلغ عدد الجرحى 5450 جريحًا.- بلغ عدد الذي تشردوا من بيوتهم 9000 مشرّدً.- بلغ عدد المساجد المدمرة 27 مسجدًا.- بلغ عدد المدارس المتضررة 67 مدرسةً.- بلغ عدد المرافق الصحية المدمرة 34 مرفقًا صحيًا.
كاتب صحفي اردني

قد يعجبك ايضا