أمريكا وحلفاؤها والنهاية الحتمية للمهرجين

جميل أنعم
تقول المعطيات على الأرض أن أمريكا وحلفاءها لم يوفروا أي محاولة لإسقاط النظام السوري المقاوم، وبدأ الانهيار والارتداد العكسي يأخذ مجراه وبإمكاننا تلمس أقصى ما كان بإمكانهم عند خسارة أكبر معاقلهم في حلب كان الصراخ والضجيج فقط .. استعانوا بكل شيء، كل شيء حتى “ملائكة العريفي” لم يوفروها وشاركت أيضاً بالقتال “ضد النظام الظالم الذي يقتل شعبه” ثم رأينا “ملائكة العريفي” تأكل الأكباد وتقتلع القلوب وتسبي النساء في سوريا حتى حان موعد قطافها .
إذن بعد فشل كل الطرق لإسقاط النظام السوري وجعله تابعاً للسياسة الأمريكية بحروب الوكالة عن طريق التنظيمات التكفيرية، بينها اختبار إمكانية الحسم بالحرب المباشرة حين أتت الأساطيل الأمريكية للمتوسط لتوجيه ضربة لسوريا، تحت ذريعة الكيماوي، جاء الرد صاعقاً بإنزال صاروخين أمريكيين تجريبيين أطلقا باتجاه سوريا بصاروخين روسيين، وإعلان “فلادمير بوتين” بأن قواعد الرصد والمتابعة للصواريخ الباليستية في العالم الموجودة في سيبيريا تم تشغيلها وربطها بالدفاعات السورية، وأن سوريا أعطيت كل الأسلحة اللازمة للدفاع عن نفسها من s300 إلى صواريخ الياخونت أرض بحر، قرر الأمريكي العودة بأساطيله وحفظ ماء الوجه بتفكيك السلاح الكيميائي السوري، والتي أبدت سوريا استعدادها التخلي عنه منذ عام 1997م، فلديها ما يغنيها عنه .
وبدأ تقرير “بيكر وهاملتون” والذي أصدرته نخبة الديمقراطيين والجمهوريين في مطلع عام 2006م، يأخذ مكانه بالاعتماد كسياسة أمريكية متبناه، حيث يدعو هذا التقرير الإدارة الأمريكية إلى إعادة النظر في سياساتها المتبعة في المنطقة، ويرسم طريقاً جديداً للحل الشامل لكل أزمات المنطقة التي تسببت بها أمريكا وعجزت عن حسمها، والانخراط بالتفاهمات قبل أن تتصدع الولايات المتحدة وتجد نفسها نادمة على مقامرات غير مضمونة النتائج، فكان الاتفاق النووي الإيراني لعجز الحسم العسكري من جهة، ومن جهة تقييد تطور إيران النووي قبل أن تصل لنسب تخصيب تسمح لها بتصنيع قنبلة نووية . يعلم الأمريكي اليوم انه لو كانت هنالك فرصاً للحسم لأستخدمها قبل التوقيع على الملف النووي الإيراني.
وبدأ عملياً تقرير “بيكر هاملتون” بالتطبيق في كل الملفات، وبعد مجيء الأساطيل الروسية إلى سوريا، أصبح الأمريكي يعلم أكثر من أي وقت مضى أن مناورات حلفائه التركية والإسرائيلية والسعودية لا تتعدى كونها ألعاباً صبيانية لن تقدم ولن تأخر في أي ملف، لكنها ضجيج يفيده في أي مفاوضات ليكسب أفضل ما خسره .
وعلى هذا الأساس ومتغيرات الأرض في سوريا والعراق فإن حظوظ حلفاء واشنطن بدأت بالانحسار، وأصبح الجيش العربي السوري والجيش العراقي ومن ورائهما الجيش الأحمر الروسي والحشد العراقي وحزب الله اللبناني عازمون على إنهاء حقبة “داعش” و”جبهة النصرة” في سوريا والعراق، ولم يكن لدى الأمريكي أي خيار آخر سوى الانخراط في هذه الحرب، حتى لا يتم إقصاء كل أتباعهم في سوريا، وإيجاد مساحة وإن كانت ضئيلة في حكومة يتم التوافق عليها .
يدرك الأمريكي هذا منذ انسحاب أساطيله من عرض المتوسط، لكن حلفاءه لم يستوعبوا ذلك، وتم منحهم أشهراً في سبيل تغيير هنا أو هناك، من ضمنها فرصة التحالف السعودي والذي كان برسم السعودي سينجح في أيامه الأولى في اليمن ليتجه للحسم في سوريا، لكنه دخل مستنقعاً إلى اليوم وما زال لا يريد الاعتراف بالفشل والهزيمة.
في المقابل كان أردوغان مستميتاً في حربه على سوريا ولم يكن ينوي إيقاف الدعم عن الجماعات التكفيرية، ولم يكن ينوي إيقاف تبني هذه الجماعات، أو إيقاف تدفقها من الحدود لخراب سوريا، حتى بعد قرصه بعدة تفجيرات في بلاده وبمسرحية الانقلاب، وجيد بل ممتازاً اغتيال السفير الروسي في تركيا لتعطي تركيا مبرراً إضافيا لإبادة جحافل الدواعش من دون رحمة وأي مبادرات تأخير.
ومؤشر تفجيرات تركيا وعدن وما حدث في الأردن لتهديد الأمن القومي الأردني في السياحة كلها، نعلم علم اليقين بأن هندستها تتم على أيدي المخابرات الأمريكية، وتلك رسائل أمريكا لحلفائها في الخفاء لكي يدركوا بأن الإرهاب سيقرع أبوابهم ويبدو أن السعودية تدرك ذلك وفعلت كل ما بوسعها مبكراً للاستغاثة بحزب الله اللبناني لتسعير حرب طائفية يقيها من عودة الإرهاب وارتداده إلى نحرها ونحر كل الدول التي تواطئت على سوريا، فكان إنزال قناة المنار من الأقمار الفضائية وإصدار بيان اتهامه حزب الله بالإرهاب ومحاصرة لبنان وقطع الدعم كلها كلها انتهت بحكومة لبنانية وتوافق ألقى بمساعي بني سعود إلى الهاوية … وما تبقى من أوراق بني سعود العسكرية يصح عليه المثل العربي “إذا غاب الأسد ألعب ياقط، أو إذا غاب القط ألعب يافار”، وبصيغة أخرى “بغياب الرجل أسترجلت المرأة” ..
وبلغة أخرى بغياب النمر تنمر القط السعودي الإماراتي وكشر عن انيابه ومخالبه وظن نفسه أنه نمر، وباغتياله للشيخ النمر غدراً ولؤماً ارتدى جلد الأسد ليظهر نفسه بأنه بطل الغابة فأصبح يجول ويصول وبقانون الغابة يقتل بالطيران وبأسلحة الدمار الأمريكي والصهيوني الشامل ويحاصر هنا بالمال وهناك بالاقتصاد .. بينما الأسود والنمور تشتبك مع الأذرع التكفيرية المسلحة في اليمن وسوريا والعراق وحتى لبنان، وبدأت بالفرار والهروب إلى الأردن في طريقها إلى السعودية التي ارتدت جلد الأسد وأمام مشهد جحافل الدواعش الهاربة فزع بني سعود وهرب، ليسقط رداء الأسد، وتتناثر أنيابه المزيفة، وتضمحل مخالبه المزورة، فتبدَّى صورة الحمار السعودي الذي أصدر صوتاً قبيحاً طالباً للاستغاثة وبصوت النهيق نهيقاً متواصلاً مشفوع بالمسكنة والذل نهيق الشفقة والاسترحام فأمننا من أمن اليمن وإيران على تخومنا، والليوث الأصيلة لأتقارع الحمير فتركته وشأنه فواصل الحمار نهيقه وبتردد عالٍ حتى وصل أسماع “حزب الله” “وأنصار الله” والحشد العراقي الذين يعرفون جيداً بل وممتازاً بأن الحمار ينهق إذا شاهد شياطين داعش فتركوه لمصيره مع شياطينه التي فقَّسها وأحتضنها وربّاها ووزعها لتسفك الدماء، وهاهي ترتد عليه فالجزاء من جنس العمل، ولسان حال الأسود إن أنكر الأصوات لصوت السعودية، وتجاهلت الأمر واتجهت إلى ترتيب أوضاعها الداخلية تمهيداً للمعركة الفاصلة مع مربي الحمار وشياطينه أمريكا وإسرائيل.

قد يعجبك ايضا