حاوره/ أحمد الحامد – أنور الركن
لم نجد صعوبة في اللقاء بالأستاذ عبدالله أحمد الكبسي وزير الثقافة في حكومة الإنقاذ التي تشكلت لإخراج اليمن من مأزقها السياسي والمعيشي الذي وضعها فيه العدوان الغاشم من قبل آل سعود وحلفائهم.
قلب الرجل كان مفتوحاً قبل باب مكتبه.. واستقباله لصحيفة الثورة كان فيه احتفاء وبشاشة وسعة صدر.. والأهم أنه كان شفافاً في إجاباته وواضحاً في طرحه لأجندة عمله كوزير جديد يسعى لانتشال وزارة الثقافة من وضعها المحبط وركودها الذي فرضته أحداث العدوان.. تحدث عن الواقع والطموح.. والعراقيل والحلول المقترحة ببساطة وعمق وجدية عكست واقعيته وحماسه ورغبته الحقيقية في النهوض بالعمل الثقافي رغم الصعوبات الكبيرة وتجدد مآسي العدوان والحصار التي لا تزال نيرانها تلتهم البلاد والعباد.. فكان لنا هذا الحوار الشيق:
* الأستاذ / عبدالله أحمد الكبسي وزير ثقافة في حكومة إنقاذ تشكلت في ظروف عصيبة.. إمكانيات الخزانة العامة شحيحة.. أحوال البلاد في غاية السوء من جميع النواحي.. أما الواقع الثقافي فحدث ولا حرج.. كيف يمكن لوزير الثقافة أن يقدم أجندة عمل وينفذها أمام تحديات بهذه الجسامة؟
– أمام حكومة الإنقاذ الوطني تحدٍ حقيقي في تجاوز الصعاب وإيجاد الحلول فالشعوب الحية ترتقي للعلا أثناء وبعد الأزمات التي تمر بها وعليه فعملي كوزير لوزارة مهمة كوزارة الثقافة وفي ظل الوضع الذي ذكرته في سؤالك بالتأكيد سيكون به بعض الصعوبات ولكن إن شاء الله وبتعاون الجميع سنعمل على ترتيب وتنظيم الجوانب الإدارية والفنية لديوان الوزارة والهيئات والمؤسسات التابعة لها ومن ذلك استكمال البناء التشريعي للهيكل اللوائح التنظيمية الخاصة بالوزارة وكوادرها من الموظفين والمبدعين، “مشروع التوصيف الوظيفي للفنانين”.
كما سنعمل على تنشيط مختلف القطاعات الثقافية والفنية والتراثية وسنبحث عن مصادر تمويل لتلك الأنشطة إلى جانب تسهيل وتوفير إمكانيات الوزارة الفنية “التقنية” والإنشائية “القاعات والمسارح” لأي فعاليات ثقافية للمنظمات والمؤسسات والمبادرات الشعبية وضمن الخط الثقافي الوطني العام.
وعمل الوزارة هو عمل متعدد من ثقافة بمختلف أنواعها وأشكالها وكذلك معنية بالحفاظ على الآثار والمخطوطات والموروث الشعبي والمدن التاريخية.
فعمل الوزارة هو عمل فني لا يختلف عليه وبالتالي الوزارة ستمضي قدماً في العمل وبما يتوجبه عليها في واجبها الوطني والإنساني.
* في ظل حالة الانقسام السياسي وتعدد الولاءات “إن جاز التعبير” والمسميات المناطقية والمذهبية كيف يمكن توحيد عمل الكيانات الثقافية في اليمن عموماً مع تعدد المذاهب الفكرية وشتاتها واختلاف توجهاتها السياسية؟ هل هناك رؤية لتجاوز هذه المعضلة؟
– حكومة الإنقاذ الوطني أعلنت في ظرف استثنائي متجاوزة كل تلك الانقسامات والولاءات السياسية والمناطقية والمذهبية الضيقة ومهمتها وطنية لليمن كله وحصلت على تأييد الشعب وثقة مجلس النواب والكيانات الثقافية المؤمنة بوحدة وحرية واستقلال اليمن ستعمل في بوتقة واحدة من خلال مشاريعها الثقافية الوطنية.. وسنعمل بالوزارة على التعامل وتوحيد عمل الكيانات الثقافية بمختلف مذاهبها ومداركها ودعم أنشطتها بالقدر المتاح وإشراكها بأنشطة وبرامج الوزارة في ظل الخط الثقافي الوطني.
* هناك مخاوف في الشارع العام من هيمنة جهة سياسية بعينها على مقاليد الأمور وفرض ثقافة معينة تخص هذه الجهة، فهل ستصبح وزارة الثقافة ممثلة بوزيرها الكبسي مجرد أداة لتحقيق غايات تلك الجهة من خلال إملاءات قد تفرض على الوزير والوزارة؟ وما صحة هذه المخاوف؟!
– اليمن يتميز بتعدد الكيانات الثقافية والمذاهب والمدارس الفكرية ومن يعتقد أنه سيفرض ثقافة بحد ذاتها تخص كيان ثقافي أو مذهب فكري واحد وإلغاء الكيانات الثقافية والمذاهب والمدارس الفكرية الأخرى فهو واهم ولا يفقه شيئاً من تاريخ اليمن.
فتعدد الكيانات الثقافية والمذاهب الفكرية هي حالة إيجابية تخدم الوطن عند ما تصب كلها في خدمة اليمن كل اليمن وأي وزير الكبسي أو غيره لن يستطيع فرض أو تبني ثقافة أو مذهب فكري معين ما لم يكن جزءاً لا يتجزأ من الموروث الثقافي الحضاري لليمن.. فلا خوف من ذلك وكما قلت سابقاً بأننى من موقعي سأتعامل وأدعم كل الكيانات الثقافية والمذاهب الفكرية والفنية العاملة ضمن الخط الثقافي الوطني.. بما يحقق ثقافة السلم الاجتماعي ونبذ ثقافة الكراهية.
* انتماؤك السياسي قبل تكليفك بمنصب وزير الثقافة ألن يلقي بظلاله على أسلوب أدائك كوزير بشكل أو بآخر؟
– كل الاتجاهات الحزبية والسياسية تصب في إطار خدمة المجتمع والوطن .. وأي شخص تحمل أو كلف بتحمل مسئولية وطنية فأنه أصبح لا يمثل حزبه أو مذهبه أو معتقده الفكري وأنما اصبح يمثل الوطن من خلال الأسلوب الجامع لكل الأفكار والاتجاهات وأنا من موقعي بالوزارة سأعمل على أن تقوم الوزارة بمهامها وتطوير عملها والاستفادة من كل الخبرات المتواجدة بها دون النظر لأي انتماء حزبي أو سياسي أو فكري أو مناطقي أو مذهبي.
* وزارة الثقافة بقطاعاتها وكوادرها في حالة من السوء يرثى لها ويبدو تأثير حرب العدوان على هذا الكيان العريق أشد من تأثيره على مناحي الحياة الأخرى في اليمن والركود الثقافي أشبه بالموت في هذه المرحلة.. كيف تنوون التعامل مع هذه المهمة الشاقة باعتبارها حجر الاساس لنهوض العمل الثقافي وانبعاث روحه مجدداً؟
العدوان السعودي الأمريكي دمر المسارح والمنشآت والمباني الخاصة بالوزارة ولكنه لم يستطع تدمير الروح اليمنية وبرغم الظروف الصعبة التي خلفها العدوان على الإنسان اليمني ومنه المبدعين وحاول أن يزعزع ثقة الإنسان اليمني بنفسه، ظهرت عظمة الإنسان اليمني وتحمله في تجاوز الظروف الصعبة وظهرت العديد من حالات الإبداع الثقافي والفني المتصدي للعدوان.
والمرحلة القادمة أن شاء الله سيكون الإبداع أكثر تميزاً وانتشاراً ونشاطاً.. ومطلوب منا كوزارة وكمثقفين ومبدعين تسخير كل الإمكانيات لمواجهة العدوان وأثاره والنهوض بالحالة الإبداعية في إطارها المألوف لكي تكون جبهة حريبة تقوم بدور وطني دفاعي ونشر ثقافة التلاحم والتسامح والسلام من خلال أدواتها الإبداعية وبالإمكانيات المتاحة.
* كيف يمكن إقامة نشاط ثقافي فاعل – مهرجانات – أدب – موسيقى – مسرح – تشكيل … الخ في خضم إمكانيات مادية تساوي “صفر” تقريبا وكوادر بشرية تحتاج إلى دعم مادي كأساس لإنعاش الرغبة في الإبداع وحالة حرب وعدوان يحاصر كل مسببات وأسباب الحياة؟
– من الطبيعي لأي مثقف أن يقف مع وطنه ويسخر كافة الإمكانيات لخدمة بلاده وبخاصة في الظروف الاستثنائية وتوجيه المجتمع وتنويره بالمؤامرة التي تدار على بلادنا وفي هذا السياق هناك العديد من المشاريع والمبادرات الثقافية “أدبية وفنية التي قدمت الينا من مثقفين ومبدعين أفراداً وجماعات ومنظمات ومؤسسات غير حكومية ويرغبون بتنفيذ تلك المبادرات والمشاريع بتمويل ذاتي مع تقديم الوزارة لهم الإمكانيات الفنية والتقنية والإنشائية “القاعات والمسارح” المتاحة لدينا.
* هل ينوي الوزير الكبسي إعادة غربلة وزارة الثقافة وإعادة هيكلتها للبدء على أساس جديد أم أنه ينوي الاستمرار بنفس الهيكل الإداري وخطوط السير التي رسمها من جاؤوا قبله؟!
– لا أقول بأننا سنبدأ على أساس جديد ولا على أساس قديم بل سأعمل على السير بالتعامل بخطوط السير “حسب تعبيرك” الإيجابية التي رسمها من كان متحملاً للمسئولية قبلي والعمل على تطوير مقومات واحتياجات العمل بالوزارة إداريا وفنيا وماليا وإبداعيا وابراز دور الوزارة لتكون ضمن الوزارات المهمة باعتبارها تتحمل مسؤولية كبيرة وهامة وهي الثقافة والشعوب تقاس بثقافتها.
* صندوق دعم الثقافة والتراث.. تم تأسيسه لدعم الكوادر المبدعة المشتغلة بالثقافة ولكنه انحرف عن مساره وتخلى عن الكثير من مهامه وسخر معظم إمكانياته المادية لأمور بعيدة عن الثقافة ودعم المبدعين. ما هي المعالجات التي ستقومون بها لإعادته إلى هدفه الأساس؟!
– الصندوق يعاني حاليا من قلة الموارد نتيجة آثار العدوان على الاقتصاد والتجارة بالبلاد مما أثر على عدم قيام الصندوق بتوفير الدعم للأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية ودعم المبدعين.. ولكن سنعمل مع إدارة الصندوق على إيجاد قنوات جديدة لدعم الصندوق ومتابعة الاستحقاقات المالية المتأخرة من الجهات الممولة للصندوق.. وإن شاء الله يعود الصندوق للقيام بالمهام الذي أنشئ من أجلها.
* شكراً معالي الوزير
– الشكر لك ولصحيفة الثورة المتميزة