تقارب روسي- تركي رغم الألم
عبدالله بجاش
وسط أجواء من الألم والحزن لشعب وقيادات روسيا الاتحادية لاغتيال سفيرها أندريه كارلوف في أنقرة على يدي رجل الشرطة التركي الجنسية أحد أفراد قوات مكافحة الشغب ويدعى مولود مرت ألتنطاش إلا أن موسكو تلقت هذه الضربة المؤلمة بتقارب أكثر مع أنقرة لاسيما في الملف السوري ومكافحة الإرهاب والذي كانت علاماته واضحة من خلال المؤشرات الأولية لرئيسي البلدين اللذين أرادا احتواء التداعيات للحادث منعا لأي تعكير لصفوة العلاقات الثنائية من ناحية وعلى الملف السوري من ناحية أخرى خاصة وأن جريمة الاغتيال جاءت في توقيت حساس يهدف إلى إعاقة اللقاء الثلاثي الذي تم عقده في موسكو بين وزراء خارجية كل من روسيا وتركيا وإيران والذي رتب له مسبقا بدون حضور غربي وعربي حول الوضع في سوريا عقب عودة حلب إلى أحضان سوريا والذي يعد نصرا كبيرا لدمشق وحلفائها.
مع أننا لو عدنا إلى الخلف قليلا لوجدنا أن حادث اغتيال السفير الروسي في أنقرة يشبه نوعا ما من حادث إسقاط الطائرة الروسية في سيناء وحينها كانت القاهرة وموسكو تعملان على تعزيز العلاقات بين مصر وروسيا حيث أوجد ذلك الحادث بعض التصدع في علاقات البلدين إلا أنه تم وبسرعة معالجة هذا التصدع وتطورت العلاقات بعد حادث الطائرة ووصلت إلى قيام البلدين بإجراء مناورات عسكرية مشركة .. أما في ما يتعلق بتركيا فأعتقد أن جريمة الاغتيال والتي اعتبرتها روسيا جنائية سوف يكون لها تأثير بسيط على علاقات موسكو وأنقرة وقد لاحظنا تقارب البلدين بطريقة غير مسبوقة فيما شكلت عملية اغتيال السفير الروسي ضربة قاضية حطمت الهيبة الأمنية التركية التي حظيت بها بعد الانقلاب خاصة وان منفذ العملية رجل شرطة ربما تم اختياره بدقة لتوجيه رسالة مفادها منع أي نموذج إقليمي روسي أو إقليمي – إقليمي لحل أزمات المنطقة بدون أي مشاركة أو حضور أو تأثير أمريكي وأوروبي .
وخلاصة القول أن الجهة المنفذة إذا وجدت لعملية الاغتيال فإنها أرادت أيضا إيصال رسالة مفادها أن الحل السياسي للأزمة السورية وعملية التقارب الروسي التركي والذي نجم عنه اتفاق حلب لم توافق عليه العديد من الدول الإقليمية والدولية وكان قد سبق لأطراف إقليمية أن صرحت أكثر من مرة أن الوقت ما زال لإنهاء الحل العسكري والدخول في الحل السياسي بدون شروط مسبقة وفي مقدمة هذه الدول – دولة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والسعودية زعيمة التحالف الظالم على اليمن.