عبد الوهاب شمهان
السياحة في هذا الزمان كالمرآة تعكس صورة الدولة والبلد في كل الدنيا، ولذلك تحرص الدول على وجود كيانات سياحية تعبر عن وجودها كدولة وجغرافيا مترابطة وخدمات متكاملة ومجتمعات متحضرة يتوفر فيها الأمن و الاستقرار، مجتمع واحد الكل فيه سواء أمام القانون الذي يعبر عن سيادة الدولة ووجودها، ومن ثم لا يجرؤ أي فرد في المجتمع التطاول على القانون لأن الارتباط بالقانون هو سلوك مجتمعي يؤكد لمصدري السياحة أن هذا البلد محل ثقة وأن السائح يكون فيه بمأمن ولا يخُشى عليه وأن التعاون مع هذا البلد يستحق أن يدفع به في مجالات الاستثمار وخاصة في المجال السياحي ، وأن تنمى العلاقات معه بما يخدم البلدة بعضها بعضا ولا يمكن لبلد أن يصل إلى درجة الحصول على ثقة المجتمع الدولي في إطار الخدمات السياحية أن لم يمتلك رؤية، فالجهد الوطني لا يأتي من فراغ ولا يأتي من خلال النزعة الآنية المحدودة وإنما عبر العمل الجماعي والصف الواحد وما عدا ذلك فيصب في إطار تثبيت العشوائية والركود وهو مالا نتمناه أن تقع فيه حكومتنا الموقرة بل نتمنى أن تكون الراعية للسياحة رعاية المهتم بوجوده الحضاري والثقافي والتاريخي وتعمل جادة على لم الشمل ووحدة التوجه للمسار الأهم وهو وحدة الصف اليماني وتعزيز اللحمة الوطنية والعناية بشكل أساس في عملية الرصد الميداني لأضرار القطاع السياحي وكيفية المشاركة في وضع المعالجات وإشهار تلك الأضرار على المستوى العالمي وفقا الأسس المتفق عليها في مثل هذا الوضع .
– إن الإدارة السياحية ليست عملا استثنائيا صعب المسار لكنها عمل إنساني راقٍ وعمل فني يقوم على التكامل والوعي بأهمية هذا النشاط في كل وقت وحين وعلى أن المسار طويل الأمد وأن البناء لا يعتمد على السكون والثبات في رؤى محدودة بقدر ما يعتمد على بناء علاقات عمل متكافئة في خدمتها للبلد ، ورؤى عقلانية ترمي إلى المستقبل ولا نرى في الحكومة إلا هذا البعد المستقبلي الذي يحتاج إلى التميز في الأداء دون عجلة أو تسويف وإلى البصيرة والحكمة وتكامل الرجال هو من يقفز فوق الصعاب ويتجاوزها ليحقق الحلم اليماني .
إن الدول المصدرة للسياحة ومنظمي الرحلات السياحية يهتمون بمتابعة المقاصد السياحية التي يتوجه إليها السياح ويهتمون بشدة بالخطوات التأهيلية وإعادة التكوين للقطاع السياحي ومدى التقدم الذي تحرزه الحكومات في تطوير الخدمات وتأهيل العمالة السياحية وتطور الأمن السياحي والارتقاء بوحدة الإدارة وتماسكها ورؤيتها للغد وبالتشريعات السياحية والعلاقات الثنائية وهنا تكون المنافسة بين الدول والمنافسة بين المقاصد السياحية، فالسفر أصبح يجمع بين الأمن والأمان والمتعة والتسهيلات التي تعبر عن ترحيب البلد بضيوفه ،كما أن السياحة صارت خدمات مترابطة من حين الوصول إلى المطار إلى حين العودة فإذا حدث خلل ما في هذه السلسلة المترابطة شوهت كل جهد للحصول على الثقة لذا تجد أن البلدان المعتمدة على السياحة تبدأ خدماتها من أول زيارة للوكالة السياحية أو لمنظم الرحلات السياحية فالسفارة ثم الخطوط الجوية أن كانت خطوطها هي الناقل وهكذا تستمر سلسلة الخدمات بسلاسة وسعة صدر وما يساعد على نمو هذه السلسلة وتواصلها مجموع الخدمات العامة التي تقدمها الدولة وعلى قمتها العمل المؤسسي السياحي الحكومي المشرف على إدارة وتنمية قطاع السياحة وصناعة السياحة .
ولاشك أننا لازلنا في بداية مرحلة إن لم تجعل الحكومة السياحة في أول اهتماماتها فهي تضع المسافات بينها وبين العالم وبينها وبين منظمي الرحلات السياحية.. وكما يقال لم تبن صنعاء في يوم فبعد كل هذ العدوان الشرس والأضرار الكبيرة تحتاج السياحة إلى زمن وإذا لم يتم إعداد الرؤية للمستقبل سيظل الركود والانطواء والعمل الآني هو المتسيد .
إن السياحة هي مفتاح اليمن لدخول الغرب والشرق وهي مفتاح الدار والبلد للمستقبل أو المقصد السياحي الذي يعرض تراثه وتاريخه وحضارته ومدنيته وما يتميز به لزواره ويقدم نفسه من خلال سلوكيات أفراد المجتمع والقائمين على الخدمات وعلى الإدارة السياحية وهذا ما يجب أن يحظى باهتمام الحكومة خاصة وأن المجتمع اليماني مجتمع محافظ ومجتمع له خصوصيته التي تحترم من قبل الضيف والتي تؤكدها آداب السياحة وتحترمها وتحافظ عليها.