إب / محمد الرعوي –
محافظة إب فؤاد اليمن النابض بالأصالة والجمال تمتلك من أسرار السحر والجمال ما يجعل المرء شغوفاٍ ليضعها في سويداء قلبه من جمالها الأخاذ ينبثق العشق والهيام .. ومن مروجها الخضراء ترتسم أجمل اللوحات الربانية التي تأسر القلوب .. من أين ما أردت الوصول إليها ترافقك أسرار الجمال وفي مستقرها تجد نفسك في رحابة المكان ويستهويك النظر إلى جمال محياها فلا يسع روحك وأنت تتجول في ربوعها الغناء إلا أن تخضر بأخضرارها وترفرف مع أنسامها التي تداعب الزهر كأنها أنفاس الأحبة وبأهازيج طيورها وزهو فراشاتها على زهرة المكان الموشى بخلد الأخضرار يجعل منها سيمفونية عذبة تعزف الطبيعة على أوتارها ثنائية الزرع والمطر.
> ينتظر العديد من أبناء محافظة إب بفارغ الصبر تتويج محافظتهم بوسام الحسن والجمال وإعلانها رسمياٍ عاصمة للسياحة وفي خضم مشاعرهم الفياضة وحباٍ وعشقاٍ لهذه المحافظة تراودهم مشاعر القلق المصحوبة بالحسرة مما تكابده المحافظة من موت سريري أنشب أظافره في جسدها الموشى بالحسن والدلال ليجعلها تعيش في وحل العشوائية والعبث والإهمال أمام صمت مريب من قيادة المحافظة التي لم تعد تكلف نفسها بذل أدنى جهد في خدمة المحافظة أو تفقد أحوالها.
وكان يفترض بقيادة المحافظة أن لا تفوت فرصة إعلان محافظة إب عاصمة سياحية في استثمار كافة الموارد والإمكانات والدعم لتجعل من المحافظة ورشة عمل مفتوحة وشعلة متقدة من العمل الدؤوب في إعادة ترميم البنية التحتية المندثرة في المحافظة في سبيل إعادة الروح للخدمات العامة وإيجاد الخدمات السياحية والبيئية المعدومة من طرقات وحدائق ومتنفسات وخدمات إيوائية وفندقية وخدمات مياه وصرف صحي وكهرباء وزراعية وغيرها من المشاريع الخدمية التي تجعل من إب أهلاٍ لحمل راية السياحة .
لكن قيادة محافظة إب رغم كل تلك الفرضيات والأولويات التي يتوجب أن تكون ضمن قائمة مهامها فإنها تغط في سبات عميق جاعلة من هذه المحافظة المغلوب على أمرها مرتعاٍ للعبث والعشوائية والتشويه الذي طال محافظة إب تاريخاٍ وخضرة.
تحديات جديرة بالاهتمام
> من المؤكد أن الجميع يدرك أن المحافظة تواجه العديد من التحديات وتقف أمامها العديد من الهموم والقضايا الملحة المتعلقة ببنيتها ومشاريعها التي شهدت العديد من العثرات بالإضافة إلى تدني مستوى الخدمات الأساسية التي تقف حجر عثرة أمام المستقبل السياحي المجهول لهذه المحافظة وهذا يؤكد وبما لا يدع مجالاٍ للشك أن قيادة المحافظة تواجه العديد من التحديات التي تتطلب العمل الجاد والمخلص لما من شأنه خلق بنية استثمارية وسياحية واعدة تؤهل المحافظة للحاق بركب المحافظات التي شهدت قفزات تنموية زائدة ومشاريع واعدة في مختلف المجالات الحياتية .
ويقيناٍ منا بأنه لا زال في الوقت متسع وأن الأمل لا زال يحدونا بتفاعل قيادة المحافظة والجهات المختصة مع ما يطرح من آراء ووجهات نظر أو ملاحظات جديرة بالاهتمام لخدمة المحافظة وأبنائها كان لزاماٍ علينا أن نستعرض بعضاٍ من الهموم والمشاكل والنقائض التي تعيشها المحافظة في خضم استعدادها لتتوج رسمياٍ بلقب عاصمة السياحة اليمنية .
علامة استفهام
> هنا تبرز العديد من التساؤلات إزاء مستقبل هذه المدينة الفاتنة التي بفضل عواملها الطبيعية وظروفها المناخية ووفرة أسباب استقرار الإنسان وروعة الحياة فهي لا تزال أرضاٍ بكراٍ قابلة لكل أصناف الاستثمار إلا أنها لم تنل من الاهتمام والترويج والعمل بقدر ما يطالها من التدمير والإهمال والعشوائية في بيئتها الزراعية والسياحية والخدمية التي ستؤهلها لتكون قبلة للسياحة ومأوى لأفئدة المغرمين بحبها. وحتى لا يفوتني التنويه إلى ما كانت تطرحه قيادة المحافظة وتغني على ديدنه من مظاهر الترويج للمكنون السياحي والاستثماري لهذه المحافظة الولادة من خلال إقامة المهرجانات السياحية السنوية التي كانت تقليداٍ سنوياٍ تقيمه المحافظة في كل عام وكان آخر مهرجان هو المهرجان السياحي السابع في أغسطس من العام 2009م ثم دون سابق إنذار توقفت قيادة المحافظة عن الاستمرار في إقامة المهرجانات السياحية .
حيث أكدت قيادة المحافظة أن المهرجانات قد تتوقف بعد المهرجان السياحي السابع نظراٍ لعدم وجود اعتمادات مالية وشركاء ومساهمين لإقامة هذه الفعالية السياحية كونها تعلب دوراٍِ هاماٍ في الترويج للموروث السياحي والمخزون التاريخي الذي تعج به المحافظة وأن هذه التظاهرة السياحية كانت تمثل بوابة للعبور إلى رحابة التطلعات التي ينشدها أبناء المحافظة كنواة أولى لتأسيس بنية تحتية للسياحة والاستثمار وبما يكفل النهوض بالخدمات السياحية والفندقية والإيوائية .
وفي أول بادرة بقيادة المحافظ تم إلغاء الأوبريت الغنائي وما يصاحبه من فقرات وفعاليات أو الحد منها وتقنين الاعتمادات المالية المرصودة لذلك استشعاراٍ منه بعدم جدوى الأوبريت والفعاليات الأخرى التي تلتهم العديد من الملايين الممكن تسخيرها في جوانب أخرى من شأنها خدمة البنية التحتية والاستثمارية والسياحية في المحافظة إلا أن العديد من أبناء محافظة إب يتساءلون: ماذا قدمت المهرجانات السياحية التي كانت تقيمها المحافظة خلال سبعة أعوام من عمر المهرجانات¿ مؤكدين أنها لم تكن موسماٍ للترويج السياحي للمحافظة بقدر ما كانت تمثل محطة سنوية للاسترزاق واستنزاف الملايين التي ذهبت أدراج الرياح متسائلين أين ذهبت وعود قيادة المحافظة في تسخير الملايين التي كانت تنفق في المهرجانات السياحية لخدمة المحافظة وأبنائها في الوقت الذي تشهد فيه المحافظة تراجعاٍ وتقهقراٍ ملحوظاٍ في مختلف الجوانب الخدمية والسياحية .
الزحف العمراني يخدش محياها الأخضر
> من المؤكد أن غياب المحافظ وتواريه عن الأنظار إلا ما ندر أضفى شرعية زائدة على ما تشهده المحافظة من تسيب وإهمال وتجاهل من قبل بقية قيادة المحافظة المرابطين في وظائفهم ومناصبهم منذ سنوات وهذا ما جعل الأمر يزداد سواءٍ فالمحافظة الآن بحاجة ماسة لعدد من الجهود لإنعاش ما تبقى فيها من روح وحتى تستعيد ألقها السياحي والتاريخي فمن أولوياتها بعد خدمات البنية التحتية أنها بحاجة إلى وقفة جادة لوقف الزحف العمراني العشوائي الذي أهلك الحرث والنسل وقضى على مروجها الخضراء.. ذلك هو ما تتعرض له الأرض الزراعية المتبقية من احتياج البناء العشوائي والزحف العمراني الذي شوه وجهها الجميل وخدش محياها الأخضر متناسين أن هذه الأرض كانت حاضرة الزراعة والرافد الاقتصادي لليمن منذ القدم ما جعل أجدادنا الأوائل يطلقون عليها لقب “سلة الحبوب لليمن “.
وهنا أستطيع أن أؤكد أن مستقبل المدينة وضواحيها مرهون بين أمرين : إما وقفة جادة من قيادة المحافظة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذا العبث والعشوائية مع الأخذ بعين الاعتبار عمل المخططات المناسبة في مناطق المرتفعات التي تراعي جوانب الحفاظ على البيئة الزراعية وكل أساليب التخطيط الحضري السليم المعمول به في كل بلدان العالم وإما أن ننتظر الغد القريب حتى تلفظ إب الخضراء أنفاسها الأخيرة تحت وطأة النشوة العشوائية والكتل الخرسانية المبعثرة في كل حدب وصوب .
كل ذلك فيما لا يزال في المدينة متسع مهيئ للتوسع العمراني في العديد من الضواحي والمرتفعات المطلة على مدينة إب من مختلف الاتجاهات وبانتظار لفتة كريمة من عيون القيادة لإنزال مخططات حفرية وعمرانية في ما يسمى بوحدات الجوار في تلك المناطق الأخرى التي يفترض أن تؤهل لتصير مناطق سكنية واستثمارية ذات تخطيط حضري قبل أن تشهد هي الأخرى كما هو الحاصل الآن من تراكم وتزاحم العشوائيات في هذه المناطق نظراٍ لبعدها عن عيون الجهات المختصة وخصوصاٍ مكتب الأشغال العامة والطرق .
وهذا الصمت المريب والتجاهل المقصود لعدد من المناطق مثل مناطق مشورة ومناطق السبل ومناطق عيقرة وجوبلة والحمامي وغيرها من المناطق المجاورة لخط الثلاثين والتي لم تصلها المخططات والطرق والخدمات إلى الآن يمثل عاملاٍ مساعداٍ للاستيلاء على الجبال والتباب والمرتفعات من قبل كبار القوم وعتاولة الأراضي وهذا الأمر ليس ضرباٍ من الخيال بل هو حقيقة واقعة تعيشها المدينة وتسبب هذا الأمر بالعديد من المشكلات وانتشار القتل والاعتداءات بسبب الأراضي والأغرب من ذلك أن العديد من الجبال والتباب التابعة لبعض مسئولي المحافظة دخلت ضمن المخططات الحضرية ووصلت إليها الشوارع الاسفلتية رغم أنها لا تزال جبالاٍ مقفرة وخالية من السكن والسكان بل لا تزال بعيدة عن مركز المحافظة أكثر من غيرها من المناطق والقرى السكنية المجاورة التي لا تزال تعيش أزماناٍ غابرة دون أي خدمات تذكر من مياه أو طرقات أو إنارة إلا ما ندر .
خدمات البنية التحتية
> الحديث في هذا الموضوع ذو شجون فقد بحت أصوات المنادين برد اعتبار المدينة ولكنها لا تجد سوى آذان صماء وأعين عمياء فأين من يؤنبهم الضمير وتهز مشاعرهم الآهات التي تنبعث من أوساط حفريات الشوارع وركام بقايا الأسفلت المبعثر في عدد من شوارع المحافظة وغير بعيد عن ذلك لا تجد وأنت تطوف أرجاء المكان متنفساٍ أو حديقة أو حمامات عامة خصوصاٍ داخل مركز المحافظة في حين تكاد تكون الخدمات في عدد من المناطق السياحية والأثرية والتاريخية معدومة تماماٍ وخير شاهد على ذلك أن وادي الدور ووادي عنة ووادي بناء ومنطقة ظفار وحصن حب والتعكر وقلعة سمارة وحصن جبل العود وحصن المرايم وقلعة باب المناخ في يريم والحمامات الطبيعية كحمام الشعراني وحمام الأسلوم في العدين وغيرها الكثير والكثير من العناوين السياحية البارزة تفتقر لأدنى الخدمات من طرقات أو مطاعم أو حمامات عامة أو خدمات فندقية وإيوائية تؤهلها لأن تكون مرتعاٍ ومتنفساٍ يجد فيه السائح أو الزائر بغيته .