جلوبال ريسيرش:
تم التوصل لاتفاق توسطت فيه حكومات روسيا وتركيا لإخلاء شرق مدينة حلب مما تبقى من المليشيات الإرهابية وعدد قليل نسبيًّا من المدنيين، وهي المدينة التي وقعت تحت وطأة الإرهابيين طوال السنوات الماضية، ولكن يوم الثلاثاء الماضي كانت نهاية أربع سنوات من القتال على أكبر مدينة في سوريا وعاصمتها التجارية.
يؤكد موقع جلوبال ريسيرش الكندي إلى أن عودة شرق حلب تحت سيطرة الحكومة السورية تمثل نقطة تحول في الحرب المستمرة منذ خمس سنوات لتغيير النظام، والتي دبرتها واشنطن وحلفاؤها في المنطقة، فقد كانت هذه المدينة الواقعة في شمال سوريا تمثل أكبر مدينة ذات تعداد سكاني تحت سيطرة الإرهابيين.
يشير الموقع البحثي الكندي إلى أن عودة المدينة للحكومة السورية تمثل كارثة بالنسبة للولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، بجانب السعودية وغيرها من الممالك النفطية الرجعية، والتي دفعت مليارات الدولارات لتسليح وتمويل المليشيات، ونقل عشرات الآلاف من التكفيريين من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا إلى سوريا لتخريبها.
ويضيف: هذه النكسة الاستراتيجية للتدخل الإمبريالي الأمريكي في سوريا فاقمت الصراعات الضروس المريرة داخل المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة بشأن السياسية الخارجية الأمريكية، وبصفة خاصة لمساعي واشنطن ضد روسيا في الفترة التي تسبق تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب، حيث سيتولى رسميًّا مقاليد الحكم في الشهر المقبل، وقد أصر ترامب خلال حملته الانتخابية على أن الولايات المتحدة ستتحالف بشكل وثيق مع موسكو في مكافحة الإرهاب في سوريا، وهي سياسة لقيت معارضة شديدة من أعلى المستويات في البنتاجون ووكالة الاستخبارات الأمريكية.
كان الإحباط واضحًا بين واشنطن وحلفائها، يوم الثلاثاء الماضي، أثناء الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن، وحينها أدانت واشنطن وبريطانيا وفرنسا ارتكاب القوات الروسية والسورية فظائع مزعومة في حلب.
بدورها نفت الحكومة السورية وروسيا ارتكاب أي مجازر، واتهمت المتمردين المدعومين من الغرب بإطلاق النار على المدنيين أثناء محاولتهم الفرار من المناطق الخاضعة لسيطرتهم، محاولين استخدام المدنيين كدروع بشرية.
حين سيطر الإرهابيون على حلب في عام 2012، نفذوا عمليات إعدام بحق المدنيين، وظلت هذه الحكومات الغربية نفسها صامتة، بينما بررت وسائل الإعلام الغربية عمليات القتل بأنها في حق مؤيدي الرئيس السوري بشار الأسد، دون أي إدانة.
يقول جلوبال ريسيرش ان الاتفاق الذي تم التوصل إليه لإخلاء حلب، بين الاستخبارات العسكرية التركية والروسية، يوضح أن واشنطن لا تلعب أي دور في حل الأزمة في حلب، فقد كانت الولايات المتحدة دائمًا في مهب الريح حتى في المفاوضات السابقة مع روسيا للتوصل إلى حل لوقف إطلاق النار، ولكن وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت يوم الثلاثاء الماضي أنها لم تتلقَّ أي اشعار مسبق للاتفاق الروسي التركي، مؤكدة أن الأزمة تحتاج لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة.
السرعة التي انهارت بها الجماعات الإرهابية فاجأت الولايات المتحدة وداعمي هذه الجماعات، ولكن انهيار هذه الجماعات لا يعني شراسة الهجوم على شرق حلب من الحكومة السورية، وإنما يوضح الانقسامات بين مختلف الفصائل المتمردة والتي كان آخرها في الشهر الماضي، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة بينهم للسيطرة على المناطق.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن نهاية حصار حلب لا يعني انتهاء الحرب السورية، وهو نفس التصريح الذي صدر من وزير خارجية قطر محمد عبد الرحمن آل ثاني، مؤكدًا أن المعارضة السورية ستقاوم، وأن هذه الحرب لم تنتهِ.
بالنسبة لإدارة أوباما، يبين الموقع الكندي أنه وقبل شهر واحد من مغادرتها للبيت الأبيض، أمرت بالتحاق 200 جندي أمريكي من قوات العمليات الخاصة إلى سوريا، لينضموا إلى 300 آخرين هناك، ظاهريًّا لتدريب المليشيات الكردية لاستعادة مدينة الرقة، كما أنه في الأسبوع الماضي أمر أوباما بالتنازل عن قانون مراقبة تصدير الأسلحة الأمريكية والعلاقة بالقوات الأجنبية غير النظامية، مما سيسهل تدفق الأسلحة الأمريكية إلى سوريا.
المستفيد الأول مما يحدث هم الأكراد الذين يتبعون الخطة الأمريكية، ولكن عودة حلب للحكومة السورية تثير اهتمامها وتضع عينها على الرقة، حتى مع التدخل التركي في سوريا بحجة مكافحة داعش، ودعم الأمريكيين للأكراد، ومع الدعم الروسي لسوريا في الرقة سيرتفع التهديد الحقيقي للاشتباك بين أكبر قوتين نوويتين في العالم.