الإفك المنظم ..
أحمد يحيى الديلمي
* الجلاد يتباكى
من المهازل التي يستحيل تجاهلها أو السكوت عنها أن تتحفنا قنوات الكذب والأفك والبهتان بأخبار أقل ما يقال عنها أنها سمجة مخالفة للعقل والتفكير السليم ومحتوى تلك المهازل أن كل من السعودية وتركيا والإمارات وقطر تحذر من الانفلات الأمني المرعب وانتهاكات حقوق الإنسان البشعة في مدينة حلب السورية وأن ممثليات هذه الدولة مجتمعة طالبت الجمعية العامة للأم المتحدة بعقد جلسة تناقش هذه الاختلالات .
كما يقال ( شر البلية ما يضحك ) لكنه ضحك بائس يبدو في هذه أكثر مرارة من البكاء .
أن نسمع الجلاد ممثلاُ في الدول الأربع التي عاثت ولا تزال تعيث في الأرض فساداً دمرت وهدمت المنازل على رؤوس ساكنيها وتسببت في مآسي كارثية تتباكى على الإنسان وحقوقه . وهي نتيجة حتمية لتقاعس العالم وصمته على جرائم هذه الدول مقابل الظفر ببعض المصالح وتسويق المزيد من أسلحة الدمار الشامل. لعله من باب المصادفة إن إذاعة الخبر الفاحشة ترافقت مع حديث لمسؤول في وزارة الصحة اليمنية يتحدث عن الجثامين مجهولة الهوية التي عجز ذوو الضحايا من التعرف عليها، لأن الحادث الإرهابي المروع الذي استهدف الصالة الكبرى بأمانة العاصمة والتي أعقبتها دول العدوان بجرائم أكثر وحشية وبشاعة تسفه مثل هذه الأخبار غير السوية هدفها المتاجرة بالآلام والمآسي البشرية واستخدام المنظمة الدولية مطية للظلال وتزييف الحقائق . وهذه هي المأساة والكارثة التي توحي إلى أن العالم برمته يعاني أزمة حقيقية بسبب سقوط الأخلاق والقيم والمبادئ والتنكر الجاحد للمواثيق والقوانين والأعراف الدولية الحاكمة .
الأدلة واضحة تؤكد على ارتكاب أعظم جرائم الإبادة والحرب الشاملة والعالم صامت لم يحرك ساكناً وهذه هي قمة المأساة .
* الأب الروحي للإرهاب
من يتابع عن كثب صور المآسي البشعة في اليمن وسوريا والعراق وليبيا يجد أن الفاعل واحد هو الأب الروحي مصدر الفكر والتمويل المالي والخطط مع الاختلاف في طرق ووسائل الذبح والقتل والخراب والدمار وتعدد أدوات التنفيذ هذه المعلومة كفيلة بإزالة اللبس والغموض والإجابة عن التساؤلات عن دوافع وأسباب ما يجري في الدول الإسلامية التي أسلفنا .. كلهم يتحدثون بأن الإسلام محور الخلاص لكنه الإسلام المفخخ بالصواريخ والديناميت والرؤوس المحشوة بالرصاص المملوءة بالحقد و الكراهية .
واحدية الخطاب وتبادل الأدوار واستعداد كل طرف للتغطية على الآخر يضيق دائرة الشبهات ، لن نذهب بعيداً مبادرة داعش السريعة لتحمل مسؤولية الجريمة البشعة في الصالة الكبرى وما تلاها من بيانات تنصل من المجرم والفاعل الحقيقي كشف عن طبيعة التكامل بين هيئات الإرهاب والأطراف الحكومية وهي نفسها التي تتباكى على حقوق الإنسان والانفلات الأمني المرعب .
مجرد المقارنة البسيطة بين خطاب السعودية كدولة وبين البيانات الصادرة عن الجماعات التي تدعي الانتماء للإسلام توضح الرؤية والصلة الوثيقة بين هذه الأطراف .
السعودية تقول إنها تملك الحل وتكفر من خالفها وتحذر من تمدد الخطر الفارسي الرافضي المجوسي وهي بنفس الصيغة التي وردت في بيان داعش الذي نعى فيه مفجرو جامع الحشحوش ومركز بدر الذي جاء فيه ( لن نسكت ومقدساتنا تدنس من الروافض والمجوس لن ندع مجوسياً ملحداً يدنس أرضنا وينشر فيها الفحش والرذائل لن يهدأ لنا بالاً حتى نطهر أرض اليمن من الأوباش).. البيان طويل تحدث عن برنامج للانتقام وللاستهداف . لكني أكتفي بما أسلفت ففيه إيضاح لدور الإسلام السياسي المخيف أمام ما نحن فيه من فقر وتخلف وتبعية وغياب للديمقراطية أي أن القصد العودة بالأمة والعقيدة إلى الخلف مئات السنين يقولون أن هدفهم التغيير إن صح هذا القول ، فأي تغيير عبر الرصاص والتفجير و إلقاء أشد الصواريخ فتكاً بالإنسان والبناء والحياة ، إنها خطيئة ما بعدها خطيئة والمطلوب من المجتمع أن يوحد صفه ضد الإرهاب ويضع رؤية استراتيجية للمواجهة بعيداً عن التدليس والمعالجات الديكورية الهشة .
والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل ..