حمدي دوبلة
اليوم يصادف الذكرى الـ49 لعيد الاستقلال المجيد الـ30من نوفمبر عيد الجلاء ورحيل آخر جندي من قوات الاستعمار البريطاني لجزء غال من اليمن بعد احتلال دام عقوداً من الزمن قهر اليمنيون بعزائمهم أقوى وأعتى جيوش الأرض وخارت أمام إيمانهم ترسانة الإمبراطورية التي قيل عنها بأن الشمس لا تغرب عن أراضيها.
استمر الاحتلال البريطاني للجزء الجنوبي من اليمن 128عاما لكنه انهزم في النهاية وكان لتلك الهزيمة النكراء في اليمن تداعيات كثيرة على عظمة وأركان تلك الإمبراطورية العظمى وشكل انسحابها النهائي من اليمن بداية نهاية لهذه القوة الاستعمارية الأولى في العالم.
رحل آخر جندي بريطاني من اليمن في مثل هذا اليوم الـ30من نوفمبر من عام 1967م ليكون ذلك النصر اليماني الكبير تتويجا لمسيرة حافلة من النضال الوطني المقدس استمرت لسنوات طويلة سواء في شمال الوطن أو جنوبه فقد انبثقت من بوتقة واحدة وحملت شعار التحرر والانعتاق من تحكم قوى الهيمنة والتكبر والتخلف واستعباد اليمن وشعبه ونهب ثرواته.
ولعل من سخرية الأقدار أن يأتي عيد الاستقلال هذا العام وجزء غال من الوطن وهو نفسه الذي ظل لعقود طويلة تحت هيمنة الاستعمار البريطاني يرزح اليوم تحت وطاة الاحتلال مجددا لكنه هذه المرة بأدوات أكثر تخلفا وهمجية واقل شانا من أسياد الأمس الذين أوكلوا إليهم مهمة تدنيس الأرض اليمنية بعد أن عجزوا عن المغامرة من جديد بتدنيس تراب اليمن بصورة مباشرة بالنظر الى الخسائر الباهظة التي دفعوها في مخاطرتهم القديمة.
أذناب المستعمرين القدامى من أعراب البادية العملاء ومرتزقتهم من مختلف أنحاء العالم يبسطون نفوذهم منذ أكثر من 15 شهرا على الجنوب لن يكونوا بأفضل حال من أسيادهم الأقدمين مهما حازوا على دعم وتأييد قوى الاستكبار العالمي ولن يكون أمامهم سوى السير في درب أسلافهم إلى الهزيمة النكراء والمصير المحتوم في معانقة الانكسار والخسران فالشعب اليمني بمختلف أطيافه ومكوناته وشرائحه وفي طليعتهم أبطال الجيش واللجان الشعبية يسطرون اليوم أعظم الملاحم البطولية في مقارعة المستعمرين الجدد..يخوض الشعب اليمني هذه المعركة المصيرية المقدسة بإمكانيات مادية متواضعة مقارنة بما يمتلكه العدو من دعم دولي هو الأكبر في التاريخ الإنساني قديمه وحديثه لكنه يؤمن إيمانا راسخا بعدالة قضيته وحقوقه المشروعة في الدفاع عن نفسه وكرامته ووجوده وبالتالي فلا يخالج شعبنا بعد 20شهرا من العدوان والصمود الاعجازي أي شك في معانقة النصر المبين الذي باتت تلوح بشائره في الأفق اثر الهزائم النكراء التي تمنى بها قوات العدوان ومرتزقته القادمين من كل أصقاع الأرض.
لقد أثبت الشعب اليمني للعالم مجددا انه شعب لا يُقهر ولا يستكين للأعداء مهما بلغت قواتهم وإمكانياتهم كما اعاد الذاكرة لقوى الطغيان العالمي بأن الأرض اليمنية ستبقى كما كانت دائما عبر العصور مقبرة للغزاة ومحطة أخيرة لكل طامع وخائن ومتآمر وعميل.
وهاهو الشعب اليمني العظيم رغم العدوان الغاشم وجرائمه البشعة بحق الأبرياء ومقومات الحياة من المنشآت الخدمية والبني التحتية ورغم تداعيات الحصار الجائر يتداعى من كل المناطق لخوض شرف هذه المعركة الوطنية الكبرى لمواجهة العدوان ودحر قوى الاستعمار والاحتلال الجديد..
ونتوقف هنا في هذه المناسبة الوطنية عند دعوة المجلس الأعلى للحراك الوطني الجنوبي و ملتقى أبين للتصالح و التسامح و التضامن لأبناء الشعب اليمني إلى رص الصفوف واستمرار الثورة كونها الضامن الوحيد لمقاومة الاحتلال والعدوان وانتصار أهدافها التحررية.
وأوضح المجلس والملتقى في بيان أصدره أمس الأول بمناسبة الـ30من نوفمبر أن الشعب اليمني يحتفل هذا العام بعيد الاستقلال وهو يعيش مرحلة مصيرية و مفصلية من تاريخه تتطلب من الجميع الارتقاء إلى مستواها من خلال رفع وتجسيد شعار “لا صوت يعلو فوق صوت معركة الدفاع عن الوطن و كرامة الشعب” .
وأشار البيان إلى أن معركة التحرير والاستقلال الثاني التي يخوضها الشعب اليمني بكامل مكوناته الحية والفاعلة ضد العدوان السعودي الأمريكي تتطلب تصالح و تسامح يمني- يمني تمتن مداميك الوحدة ؛ الصخرة التي تتحطم عليها كل مؤامرات قوى الاحتلال و العدوان و الوصاية وتكريسها بوحدة الجبهة المواجهة للعدوان من خلال إعادة الاعتبار للشراكة الوطنية لكل مكونات المجتمع التي مثلتها الشراكة في ثورة 21 سبتمبر ومعركة التحرير والاستقلال الثانية ضد العدوان السعودي الأمريكي.
وقال البيان ” ليس مصادفة أن تأتي احتفالات شعبنا اليمني بعيد الاستقلال الأول 30 نوفمبر متزامنا مع معركة كل اليمنيين من أجل التحرر والاستقلال من الوصاية السعودية الأمريكية التي تسعى من خلال حربها العدوانية للانقضاض على ثورة 21 سبتمبر التي أسقطت الوصاية على اليمن والى الأبد تحقيقا لأهداف ثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر المجيدة.”
وأكد البيان مواصلة المجلس والملتقى مواصلة خيار التحرير و الاستقلال التام و استمرار الثورة (21 سبتمبر ) حتى استكمال تحقيق أهدافها وفي مقدمتها رفض تقسيم اليمن وإعادة بناء وحدة عادلة مقتدرة ، وتحقيق الاستقلال الكامل والعدالة الاجتماعية وبناء الدولة اليمنية على أسس المدنية الحديثة.
ويبقى التأكيد بأن النصر سيكون إلى جانب الشعبي اليمني أما الأعداء فليس أمامهم غير الهزيمة مصيرا محتوما.