التّجلّط
أشواق مهدي دومان
هو انحباس الدّم في ممراته؛ بسبب تراكم الدّهون التي تسمى بالكليسترول مما لا يسمح للدّم المحمّل بالغذاء والأكسجين بالمرور إلى القلب ومنه إلى أجزاء الجسم البشري؛ الذي هو الأضعف فبمجرد حدوث مثل ذلك الخلل الطفيف قد يفقد الإنسان حياته وقد يصاب بالشّلل أو أي عاهة مزمنة وفي القليل قد ينجو من الموت ، ومن آثار الجلطة…
تلك رؤية الطّب لعمليّة التّجلط ؛ بينما هناكَ رؤية قلبية فكرية عقلية وجدانية للتّجلُط عبّرت عنه لغتي ،ووجدت أنّه أخطر من تجلّط الدّم لأنّه إن حصل فلا يكتفي إلا بإخراج الإنسان عن إنسانيته والرّمي به في قمائم التّكفير وحينها يتم نسخ عقول ممسوخة تعمل على تحريف معنى النّص القرآني وتمييعه في عقول من يتربّى(في عزهم) ويحلّلون به ما حرّم الله ،ويحرّمون به ما أحلّ الله ؛ غير مدركين خطورة ما يقومون به وهو تحدي القرآن ومحاولة تحريف لمفاهيمه لأنّ تحريف نصّه قد خرج عن إرادتهم فقد تحدّاهم قائلا: ” وإنا له لحافظون”..
نعم : الوهابيّة والتّكفير هي تجلّط بصورة تكنولوجيا داعش وفِراسة القاعدة وعقلانية النّصرة وفيه انحباس الإنسانية بالدعوة لتجميد العقل البشري وتجميده في برّادات كتب ابن تيمية ومحمد عبد الوهاب وفتاوى العريفي وتصريحات القرني ودعوات السّديس وكل أولئك لا يخطئون ؛فهم لهم تسمية الملائكة ومن انتقدهم كبشر ضعاف ؛ فهو كافر ووجب استتابته ثم قتله…
هذا ممرهم الضّيق الذي يحصرون العقل فيه فلا يجوز التفكير بخطأ واحدٍ من شيوخهم ورموزهم وتحت هذه المظلة يكرهون ويحقدون أو يحبون ويسامحون…
فالملعب لهم ومرمى الكرة لهم والكرة لهم واللاعبون منهم وما عليك إلا أن تقف حارسا (شكلا _ أي مسلما بالشّكل المرسوم لك منهم) للمرمى و يحرم عليك معارضتهم أو الدّفاع أو الهجوم أو صد الكرة..
اصمت ولا تتكلم في حضرة شيوخهم وحتّى لو كنتَ صاحب ثقافة قرآنية حرّة لا منطلق لها إلا النّص القرآني المباشر واختلفت معهم ؛ فأنت كافر وفاسق ومجوسي ورافضي وإيراني وعلوي وتبع بشار الأسد والخامنائي وبوتين ونصر الله والحوثي وعفاش وكل أولئك كفرة،ووجب قتلهم وحرق أرضهم ولو كانت أرضا قدسية بقدسية من قدّسها وهو الله الخالق الذي خلّدها بقوله:” بلدة طيّبة وربّ غفور ” ولو كانت أرض الحضارات وأرض الجنتين ، ولو كانت موطن أنصار رسول الله من ساندوه في شدّة حرب أهله له فهاجر إليهم مهموما كئيبا مقهورا مظلوما معذّبا ، ولو أوصى رسول الله بهم قائلا: استوصوا بالأنصار خيرا ..ولو عظّمهم رسول الرحمة المهداة للعالمين بقوله: ” أتاكم أهل اليمن الأرق قلوبا والألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية” ..
فلا يعني لهم ذلك شيئا أمام فتوى العريفي والقرني والسّديس وغيرهم حين قالوا مخالفين للرسول الأعظم في معرفته التي هي معرفة الله وفي قوله الذي لا يكون إلا من وحي يوحى وفي نطقه الذي لا ينطق عن الهوى …
فليذهب القرآن وليذهب الرسول أمام قول وتصريح شيوخ الوهابية بأنّ :
أهل اليمن مجوس وروافض وكفرة ووجب قتلهم ؛ بل إنّ قتلهم فرض عين على كل أمريكي وتركي وإماراتي ومصري وسوداني وسنغالي وجانجويدي وبلاك ووتري وقطري وسعودي و…الخ
اقتلوا الكفر في يمن الإيمان ورشّوه صواريخ وقنابل عنقوديّة وصوتيّة…
وفي الجهة الأخرى : رشّوا إسرائيل ماء وبردا وسلاما فقد استنجد نتنياهو بكم يا حماة العروبة والإسلام ؛ فكيف لا تنجدون حفيد القردة والخنازير؟
أيها الملوك الحامون والخادمون للمسجد الأقصى الذي أحرقه اليهود أكثر من مرّة وما قامت لكم طائرة لإنقاذ مسرى محمد بن عبدالله …
فمَن هو محمد بن عبدالله ومسراه أمام من غضب عليهم محمد بن عبدالله ؟
ما هو القرآن وما نصّه أمام أوامر أمريكا ومدللتها إسرائيل ؟
وينتقدوننا حين نصرخ من ظلم وقهر وعربدة لهم ، ينكرون صرختنا المزلزلة والكاشفة جرمهم وأصلهم ؛ ينكرون حقيقة صرختنا التي عصفت بهم مدة عامين وكشفت زيفهم وزيف حضارتهم ومدنيتهم وكشفت إسلام الوهابيين ووطنية العملاء المنافقين وأذيالهم من المتعاطفين معهم، والذين أنكروا صرختنا وكفّرونا حين قلنا :
الموت لأمريكا والموت لإسرائيل ..
وهم يرون ويسمعون ماتفعله أمريكا وإسرائيل والوهابية في يمننا ويريدوننا أن نتشبّه بهم في خنوعهم و ذلّتهم لها …
وحينها سيردّ عليهم القهّار بقوله(تعالى):
(سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ ? فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ ? إِنَّهُمْ رِجْسٌ ? وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ ? فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى? عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى? رَسُولِهِ ? وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ ? عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ? وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
[سورة التوبة 95 – 98]