وهم الشرعية !
عباس السيد
تساقطت أوراق التوت تباعا وكشفت عن حقيقة ” الشرعية ” كدمية بيد الخارج ، كما كشفت عن حقيقة التحرير كاحتلال ونشر للفوضى ، ومحاولة لفرض الانفصال وتفكيك الوطن إلى دويلات وإمارات .
وهذا ما دفع البعض من الناشطين الذين سوقوا بحماس لوهم الشرعية وشرعنوا للعدوان للإنكفاء على أنفسهم والتوقف عن التنظير والتبشير .. ربما أدرك بعضهم متأخراً أنه كان غبياً في قراءاته وتوقعاته ، أو لأن مهمته كانت محدودة الوقت والأجر . فيما لا يزال البعض من أولئك الناشطين يعيشون حالة من التخبط ، ويعجزون عن إخفاء حالة الإحباط التي أصابتهم من مسار المعركة والفشل الذريع لقوات التحالف المعادي ومرتزقتها في التقدم والحسم .
أحد هؤلاء ، وهو من المنظرين الحداثيين الشباب كتب مقالا بعنوان : ” وهم الصمود وشيخوخة الحسم “.
لكنه لم يشر في مقاله إلى الجهة أو الأطراف التي صمد اليمنيون أمامها .
“فقد تحاشى ذكر السعودية والتحالف الدولي الذي يعمل بقيادتها ، بغض النظر عن الدور الذي يقوم به هذا التحالف ، هل هو عدوان ، له أهدافه الخاصة ، أم مجرد دعم لإعادة الشرعية كما يعتقد أو يكذب صاحبنا .
وسواء كان الصمود حقيقة أو وهما ،كما وصفه المثقف التقدمي ، فهو أولا صمود في مواجهة تحالف الخارج بكل قوته وإمكاناته الهائلة . ولا يمكن أن يكون الصمود خلال أكثر من 18 شهراً وهماً ، إلا إذا كان دور السعودية وتحالفها في أرض المعركة وسمائها وهماً أيضا ، وهذا غير صحيح .
وفي قراءته لأسباب ” فشل الحسم” أو شيخوخته ، كما وصفها ، وخصوصا في تعز والبيضاء ، قال إنها تعود إلى توزع عناصر الفساد ، التي كانت جزءا من النظام القديم ، في مفاصل ” السلطة الشرعية “.
وفي الحقيقة ، تعد ” سلطة الشرعية” بكاملها جزءا من النظام القديم ، بما في ذلك رأسها عبدربه منصور . وهي سلطة لا تمتلك قرار الحسم أو التأجيل . ومثل هذه القرارات أكبر منها بكثير .
فالسعودية التي أنفقت مليارات الدولارات في هذه الحرب لا يمكن أن تسمح ” لشلة فاسدين” في سلطة هادي أن يعرقلوا حسم المعركة في هذه المحافظة أو تلك ، إن هي أرادت الحسم – بغض النظر عن قدرتها على ذلك -.
وما يتردد في بعض وسائل الإعلام الخليجي حول تقاعس هذه الجماعات او ذلك الحزب عن المشاركة الفاعلة في معركة تعز أو غيرها ، هو مجرد ضحك على الدقون .
التحالف الذي يعشقه صاحبنا يريد الفوضى في بعض المحافظات . فهو لا يريد أن يسيطر على تعز ، وهذا رايي الشخصي ، لان ذلك لا يخدم مخططه الانفصالي التفكيكي .
سيطرة ” الشرعية ” على تعز ، تقتضي ان تزال الفواصل والاحزمة الأمنية التي فرضت على الحدود الشطرية .
تحرير تعز يعني استمرار حركة النقل والسفر بين عدن وتعز كما كانت من قبل ، وتعني عدم إمكانية الترحيل والتهجير للشماليين من مدن الجنوب .
وهنا يفترض أن سياسيونا وناشطونا ومثقفونا عن دور العناصر الشمالية في سلطة هادي في هذا المخطط ، أو موقفها منه ، وخصوصا المنتمين لمحافظة تعز كالمخلافي والاصبحي .
الإجراءات الانفصالية في الجنوب تجري على قدم وساق ، ولذلك ترابط سلطة هادي في الرياض ، مع أنها قادرة على الانتقال وممارسة عملها من عدن ، لكنها تريد أن تمنح القائمين على تلك الإجراءات الفرصة لتنفيذ المخطط وعدم تحميلها أي مسؤولية أو احراج – كما حدث في عملية ترحيل الشماليين – التي اعتبرها هادي تصرفات فردية .
كما أن تواجد السلطة الشرعية في عدن سيضعها في موقف حرج ، عندما يمنع أنصارها من اجتياز نقطة كرش نحو عاصمتهم المؤقتة . ولذلك تستمر الشرعية الدمية في أكل الثوم الانفصالي بفم شلال والزبيدي وغيرهما من المرتزقة والحمقى ، وتلك مجرد أمثلة فقط .