معركة تحرير الموصل ومسرحية تحرير المكلا
حسن الوريث
أعلنت الحكومة العراقية عن بدء معركة تحرير الموصل من عصابات تنظيم داعش الإرهابي قبل أكثر من أسبوع ومازالت المعركة متواصلة وأتوقع لها أن تستمر لأنها معركة حقيقية فعلاً يراد منها تخليص الموصل من هذه الجماعات الإرهابية التي عاثت فيها فساداً وكلنا تابعنا بل واطلعنا على الجرائم البشعة التي ارتكبتها تلك العناصر والعصابات في العراق والموصل والتي تؤكد أن هذه المعركة فعلاً هي معركة كل العراقيين بمختلف انتماءاتهم وطوائفهم وليست معركة فئة واحدة فقط.
ومن يتابع مجريات هذه المعركة والترتيبات التي تمت لها منذ ستة أشهر وربما أكثر يصل إلى قناعة تامة بأن هناك توجهاً عراقياً رسمياً وشعبياً لحسم هذه المعركة وطرد التنظيمات الإرهابية من العراق بشكل نهائي على اعتبار أن معركة الموصل هي الأخيرة بعد أن تم تطهير معظم أراضي العراق من داعش والقاعدة وكل التنظيمات الإرهابية رغم ما تواجهه الحكومة العراقية من صعوبات وعراقيل محلية وإقليمية ودولية سواء من الجهات الداخلية التي تعمل لحساب أجندات خارجية أو تلك الجهات الإقليمية أو الدولية التي تبنت هذه التنظيمات الإرهابية وتدعمها ولا تريد لها ان تنهار وتنتهي .
وبالمقابل فقد تابعنا المهزلة التي تم تسميتها معركة تحرير المكلا من تنظيمي القاعدة وداعش والتي لم تستمر سوى لساعات محدودة أو ربما دقائق تم بعده الإعلان عن تطهير وتحرير المكلا من تلك التنظيمات الإرهابية وبلمسة زر واحدة من قبل الإمارات والسعودية وبقيادة أمريكا حيث تم إعادة عناصر هذه التنظيمات إلى جحورها استعداداً لتنفيذ عمليات جديدة وفق الخطط التي يتم إعدادها لها فيما تم نقل البعض منهم إلى أماكن أخرى بحسب الاحتياج وهذه الدول نفسها التي تتحكم في التنظيمات الإرهابية عندما شعرت بالخطر على عناصر الإرهاب في العراق قامت بتسهيل نقلهم إلى سوريا وربما تنقلهم إلى ليبيا أو لبنان أو أي دولة أخرى لتنفيذ مهام أخرى فيها .
بالطبع عندما نقارن بين معركة تحرير الموصل وما تم تسميته بمعركة تحرير المكلا سنجد أنه لا وجود لأي مقارنة بينهما فمعركة الموصل تنفذها الحكومة العراقية بمساندة الشعب العراقي بكل أطيافه ويهمها تطهير البلاد من هذه التنظيمات الإرهابية التي ارتكبت أبشع الجرائم وأصبح التخلص منها ضرورة لتخليص الشعب العراقي فيما المعركة التي أطلق عليها معركة تحرير المكلا قامت بها دول محتلة وغازية ليست مهتمة بتطهير البلاد من هذه التنظيمات الإرهابية بل إن من المؤكد تبعية داعش والقاعدة لها وتحركها كيفما تشاء وترسلها من مكان إلى مكان فهذه التنظيمات الإرهابية كانت ومازالت موجودة في المكلا ولم تخرج منها بل تم ذلك عبر وسائل الإعلام فقط أمام المجتمع الدولي لتحقيق بعض المكاسب السياسية فقط ليس إلا ولو ذهب أي من الناس إلى المكلا فسيجد داعش والقاعدة في كل مكان وسيجدها هي التي تتحكم في الأمور عبر المجلس الأهلي الذي أنشأته ليحكم بدلاً عن المجلس المحلي الذي أصبحت سلطته إسمية فقط .
بالتأكيد أن هناك فرقاً كبيراً وشاسعاً بين معركة تحرير الموصل التي انطلقت قبل عشرة أيام ومازالت مستمرة وربما تستمر فترة أطول لأنها معركة حقيقية وبين مسرحية تحرير المكلا التي لم تستمر سوى لحظات بسيطة تم عقبها الإعلان في قنواتهم التي تتقن فنون الدعاية والتضليل والخداع عن قتل العشرات بل والمئات من عناصر التنظيم وجرح واسر الكثير منهم فتلك معركة شعب يريد التخلص من تلك العناصر وهذه مسرحية نفذتها وأخرجتها دول لا تريد للبلاد سوى المزيد من الخراب والدمار والقلاقل وزرع الفتن وهذا ما رأيناه في المكلا ونراه في أماكن أخرى واضحاً جلياً دون أدنى شك.