انطلقت ثورة 14 أكتوبر المجيدة من جبال ردفان الشامخة معلنة ثورة شعب ضد المستعمر الانجليزي البغيض لدحره من أرض الأحرار ومعلنة الكفاح المسلح لطرد ذلك المستعمر الذي جثم على أرض الجنوب اليمني الحر.
ومع انطلاق شرارة الثورة تدافع الجميع لنصرة هذه الثورة المباركة والتلاحم معها من أجل دحر الاحتلال الانجليزي البغيض وإجباره على الرحيل وتحقيق الاستقلال الوطني المجيد.
وكان للأدباء والشعراء دورهم الفاعل والكبير في مناصرة ثورة14 أكتوبر وذلك من خلال الأعمال والكتابات الادبية والنصوص الشعرية التي تغنت بملاحم البطولة وبثت الحماس في أوساط الجماهير وكانت كلماتها طلقات نارية قاتلة في صدور المستعمر, كما كانت مشاعل تنوير في دروب النضال والجماهير التي وجدت في هذه الأعمال الأدبية لسانها المعبر والصادق .
ولذلك نجد أن شعراء اليمن في الشمال والجنوب كان لهم اسهامهم الفاعل في هذه الثورة المباركة ..ومن هؤلاء الشعراء الشاعر الكبير الراحل عبد الله البردوني حيث كتب قصيدة “أخي يا شباب الفدا في الجنوب” وذلك أثناء اندلاع شرارة ثورة 14 أكتوبر المجيدة والتي تعبر عن ضمير شباب الثورة وعزمهم على مواجهة المستعمر والنضال من أجل طردهم من الأرض الطاهرة التي لاتقبل بالمستعمرين والغزاة . وفي السطور التالية نص هذه القصيدة للشاعر الكبير عبدالله البردوني :
أفِقْ وانطلقْ كالشعاعِ النّدي
وفجّرْ من الليلِ فجرَ الغدِ
وثِبْ يا ابنَ أمي وثوبَ القضا
على كلّ طاغٍ ومستعبدِ
وحطّمْ ألوهيَّة الظّالمينَ
وسيطّرة الغاصب المفسدِ
وقلْ للمضلّينَ باسمِ الهدى :
تواروْا فقدْ آنَ أنْ نهتدي
وهيهاتَ هيهات يبقى الشبابُ
جريح الإبا أو حبيسَ اليدِ
سيحيا الشبابُ ويُحيي الحمى
ويُفني عداة الغدِ الأسعدِ
ويبني بكفْيهِ عهداً جديداً
سنيّاً ومستقبلاً عسجدي
وعصراً من النورِ عدلَ اللَواء
طهور المنى أنِف المقصدِ
فسر يا ابن أمي إلى غايةٍ
سماوَّيةِ العهدِ والمعهد
إلى غدِك المشتهى حيثُ لا
تروحُ الطغاةُ ولا تغتدي
فشُقَّ الدجى يا أخي واندفع
إلى ملتقى النورِ والسّؤدُدِ
وغامرْ ولا تحذرنّ المماتَ
فيغري بك الحذرُ المعتدي
ولاقِ الردى ساخراً بالردى
ومتْ في العلا موت مستشهدِ
فمن لم يمتْ في الجهادِ النبيلِ
يمت راغم الأنفِ في المرقدِ
وإن الفنا في سبيل العلا
خلودٌ, شبابُ البقا سرمدي
وما الحُرُّ إلاّ المضحّي الذي
إذا آن يومُ الفدا يفتدي
وحسبُ الفتى شرفاً أنَّهُ
يُعادى على المجدِ أو يعتدي
أخي يا شباب الفدا طال ما
خضعنا لكيدِ الشقا الأسود
ومرّت علينا سياطُ العذابِ
مرور الذبابِ على الجلمدِ
فلن نخضعَ اليومَ للغاصبين
ولم نستكن للعنا الأنكدِ
سنمشي سنمشي برغمِ القيودِ
ورغم وعودِ الخداعِ الردي
فقد آن للجور أن ينتهي
وقد آن للعدلِ أن يبتدي
وعدنا الجنوب بيومِ الجلاءِ
ويومُ الفدا غايةُ الموعدِ
سنمشي على جثث الغاصبينَ
إلى غدِنا الخالد الأمجد
وننصبُّ كالموت من مشهدٍ
وننقضُّ كالأسد من مشهدٍ
ونرمي بقافلة الغاصبين
إلى العالمِ الآخر الأبعدِ
فتمسي غباراً كأن لم تعش
بأرضِ الجنوب ولم توجدِ
أخي يا شبابَ الفدا في الجنوب
أفق وانطلق كالشعاعِ النَدي.