حتى السير في جنازة القتيل
عباس الديلمي
تتسيد نقاشات مجالس المقيل هذه الأيام مجزرة أو محرقة تجمع العزاء في القاعة الكبرى بالعاصمة صنعاء وفي مجلس كنت حاضرا فيه سمعت أحد الجلوس يسأل آخر عن خبر توجيه ملك السعودية سلمان لما يسمى بمركز سلمان بعلاج جرحى تلك المجزرة.
فرد عليه بأن ذلك كما يقول المثل الشعبي المصري (دعوة مراكبي) فلم يفهم السائل ما المراد بهذه الإجابة المختصرة, إلى أن تم الشرح وتفسير ما المقصود بهذا المثل (دعوة مراكبي) وهي عندما يكون شخصا مارا على زورق أو مركب بحري على نهر النيل فيشاهد شخصا واقفا على ضفة النهر , فيبادر بدعوته صائحا: اتفضل.. وهو يعرف حق المعرفة أن ذلك الشخص لا يستطيع تلبية دعوته ولا يستطيع الوصول إليه بعبور النهر وهو لا يمتلك وسيلة عبور.. إنها باختصار دعوة إسقاط واجب ويصعب أن تتم.
إن ما تناقلته وسائل إعلام السعودية والتابعة لها عن توجيه السفاح سلمان.. لا يخرج عن ذلك المثل المصري الساخر من صاحب الدعوة، كيف لا وذلك السفاح وحلفه العدواني وقرن الشيطان الأكبر بعد ارتكاب المجزرة المحرقة التي هزت ضمير العالم .. عدا عبدة “محطة البترول” السعودية، يمنعون وصول الأدوية والمستلزمات الطبية عن جرحى ومشوهي المجزرة، كما يمنعون سفرهم إلى الخارج لتلقي العلاج وعدم السماح بفتح مطار صنعاء، وهم يعلمون جيداً أن أولئك الجرحى يعانون من حروق بليغة وإصابات حرجة ولا يتحملون السفر براً إلى المطارات الواقعة تحت الاحتلال كمطار عدن أو مطار سيئون ولا توجد سيارات الإسعاف الكافية والمجهزة لنقلهم.. حتى وإن توفرت الوسائل لنقل من يمكن نقله براً إلى عدن أو سيئون، فإن الجريح قبل غيره يعرف حق المعرفة أنه سيواجه من سيقوم بفرز وغربلة الجرحى على أساس هذا حوثي وهذا عفاشي بل وعلى أساس المنطقة والمذهب والتوجه السياسي .. الخ, كما أن الجرحى وذويهم على ثقة تامة بأن مرتكب الجريمة قد استباح أرواحهم ودماءهم على أنهم روافض ومجوس وعبدة نار ويشكلون تهديداً على أمن مملكتهم بعمالتهم لإيران.. وغيرها من مزاعم تدمير اليمن وقتل أبنائه, كيف يقدم على علاجهم ورعايتهم وإعادتهم إلى وطنهم.
كان الأولى لمستشاري سلمان أومن يقومون بعمله ألا يعلنوا باسمه ذلك التوجيه المهزلة نحن نعرف أن من المنافقين من يقتل المقتول ويمشي في جنازته, كما يقال: ولكن من أشرنا إليهم قد فشلوا في تغطية الجريمة والتنصل منها, كما فشلوا حتى في أن يمكنوا القاتل من السير في جنازة قتيله.