أيها اليمنيون.. هذا وضع حكم آل سعود ما يقارب سنتين من العدوان وهذا المطلوب للحسم؟
حميد منصور
في قراءة لمشهد جريمة استهداف العزاء بالقاعة الكبرى التي ارتكبها طيران العدوان السعودي الأمريكي وراح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى ،فبرغم بشاعة الجريمة وشناعة المجرم وحجم المآسي التي خلفتها إلى جانب العديد من جرائم الإبادة الجماعية في ذات اليوم بصعدة وغيرها وقبلها قرار نقل البنك للدفع نحو الانهيار رغم أن هذه حركة خطيرة على المملكة وليس على اليمن فقط، كل ذلك يعبر عن دخول العدوان لحظاته الأخيرة إذا لم يكن نظام آل سعود نفسه الذي يحتضر وما هذا السلوك الإجرامي غير المدروس إلا انتحار سياسي وعسكري سوف يكون له ارتداده المدمر والاستراتيجي على اقرب دول العدوان بأسرع مما نتوقعه يتجاوز سقفها هزيمة العدوان في الجغرافيا اليمنية إلى إحداث صدمات عنيفة جدا يصعب الجزم على قدرة نظام آل سعود على الاحتواء وضمان عدم انهيار منظومة السيطرة أمام ارتداداتها خصوصا بعد سقوط وانهيار معظم المرتكزات الخمسة الرئيسية التي يقوم عليها حكمهم إما بشكل كلي او شبه كلي او خروج بعضها عن الفاعلية والقدرة عن السيطرة على المستوى الداخلي والخارجي والتي سوف نذكرها ونوضح مؤشرات انهيارها في سياق هذا الموضوع ..
من المعلوم أن حكم آل سعود قائم على خمسة ركائز، الركيزة الأولى الغطاء الغربي بالتحديد الأمريكي والبريطاني ،الركيزة الثانية القوة المالية التي وظفها ملوك آل سعود لشراء الولاءات في الداخل كما مثلت العقيدة الرئيسية في سياستهم الخارجية لتعزيز النفوذ إلى جانب توظيف الوهابية وفكرها الدموي الإجرامي كأداة ضاغطة في المنطقة والعالم وفق قواعد اللعبة التي يتحكم فيها الأمريكي عراب مملكة آل سعود .
الركيزة الثالثة ارتداء الغلاف الديني والذي استثمره حكام آل سعود عبر منابر الحرمين الشريفين وتوظيفهما عبر دعاة الوهابية لتقديم نظام حكمهم في صورة نظام إسلامي وإظهار ملوكها بمظهر حماة الدين والعقيدة .
الركيزة الرابعة القبضة القمعية من خلال تصفية الخصوم جسديا واعتقال المفكرين والمصلحين المحتجين ومصادرة حرية التعبير .. الركيزة الخامسة ولو أنها محدودة وضعيفة وهي القطاعات العسكرية .
هذه أهم ركائز حكم آل سعود في حين يفتقر إلى أهم مقومات الحكم وهي الهوية الوطنية الجامعة المعبرة عن الجغرافيا والتاريخ والمجتمع واختزل الهوية في الأسرة المالكة.. كما يفتقر إلى مجتمع متماسك كونه إلى وقت قريب مجتمع غالبيته من البدو غير المستقرين وغير المرتبطين بجغرافيا قومية إلى جانب الاستهداف المباشر من قبل حكام آل سعود لتفتيت البنى العشائرية والقبلية وتمييع المكونات المجتمعية لإخضاعها وتطويعها من خلال الإقصاء والتهميش والتصفيات الجسدية والاعتقالات لرموزها وتبني تعليم شكلي خالي من الوعي ومقاصد العلم والتأهيل التربوي وإغراق سكان المدن باللهو والترف والشباب بالمخدرات وتوفير بيئة ملائمة للانحراف الفكري والأخلاقي والقيمي .. هذا كله وفق استراتيجية وضعها الغرب عراب نظام حكم آل سعود بهدف تفتيت المجتمع الذي أن تماسك سيكون الحامل والحامي والضمان لنظام الحكم في مواجهة أي خطر خارجي ..جعل نظام الحكم في المملكة معزول عن الحاضنة الشعبية نخب وقواعد شعبية .
وضعية حكم آل سعود في الوقت الحالي ..
بعد تورط نظام آل سعود في تصدر العدوان المباشر على اليمن لمصلحة عرابه الأمريكي وخلال مدة العدوان لسنة وسبعة أشهر هدم حكام المملكة الحاليين ما بناه حكام المملكة لعقود وذلك بانتهاج مسار التدمير الذاتي انطلاقا من الغباء والغرور والطاعة العمياء لعرابهم الغربي الأمر الذي أوصلهم تدمير أهم ركائز بقاء حكمهم الرئيسية والإستراتيجية التي تأسست عليها وضمنت له البقاء والاستمرار، فمشهد ملك آل سعود اليوم يشبه مشهد حكم نبي الله سليمان عليه السلام عندما استمر حكمه وهو ميت فوق عرش الملك . وبشكل متدرج وتنازلي للأحداث نتطرق إلى ما يؤكد ذلك والبداية من قانون جاستا المسمى بقانون العدالة ضد الدول الراعية للإرهاب وبإجماع ممثلي الشعب الأمريكي وحكامه ضد نظام حكم آل سعود.. هذا القانون اخطر تداعياته هو رفع الغطاء الغربي والأمريكي بالذات عبر هذا القانون الذي اثبت وأقر تهمة رعاية الإرهاب على نظام حكم آل سعود وحكم بمقاضاتها بغض النظر عن البعد المادي ، إلا أن ذلك يعتبر قوننة لسياسة التبرؤ والتخلي عن آل سعود بتقديمهم أمام شعوب العالم دولة راعية الإرهاب بشكل رسمي وقانوني .
فقانون جاستا هو بمثابة طلاق بائن لنظام آل سعود وإعلان فعلي عن سقوط اهم مرتكزات حكمهم برفع الغطاء الغربي عنه في وقت يمر باهتزازات عنيفة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا كبيرة جدا ..
ومن المستبعد أن يقطع نظام حكم آل سعود علاقاته مع أمريكا والغرب كون البديل غير متوفر وإعادة الموضوع السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني داخليا وخارجيا للاستغناء عن الغطاء الأمريكي شبه مستحيل ولذلك آل سعود في المربع الذي رسمه الأمريكي لهم بحيث جعل حكمهم يسقط وينهار وهم في حالة ركوع والترجي لعرابهم الأمريكي والاستمرار بوتيرة انتحارية في تنفيذ أجندته ، على أمل حصول تغير ايجابي في العلاقات مع أمريكا والغرب يعيدهم تحت الحماية الغربية في حين يتغابى آل سعود عن حقيقة أن مواقف الغرب عامة ليست عفوية وإنما مبنية على دراسات وقراءة لمصالحهم الإستراتيجية التي تقتضي في هذه المرحلة بتقديم نظام آل سعود ككبش فداء لتلك المصالح الغربية وقرباً لاحتواء مسلسل الجرائم والهزائم والفشل في ملفات الصراع بالمنطقة وترك أسرة الملك ونظام حكمه من الحاشية منفردين ومعزولين في مواجهة التداعيات الانتقامية والمصير القاسي الذي لا نبالغ أن وصفنا تلك الموجات الارتدادية من كل ملفات المنطقة بتسونامي سياسي واقتصادي وعسكري خارجي وداخلي مدمر ..
كما سبق ذلك القانون ، المؤتمر الإسلامي لأهل السنة والجماعة في غروزني عاصمة الشيشان الذي أقيم نهاية شهر أغسطس الماضي وضم علماء ومرجعيات سنية ومفتو غالبية الأقطار العربية والإسلامية وخرج بيان المؤتمر الإسلامي بإخراج الوهابية من دائرة أهل السنة والجماعة وإسقاط ادعاء الشرعية عن الوهابية وخلع لباس الدين عن حكم آل سعود في تمثيل الإسلام والمسلمين .. وبهذا سقطت الركيزة الثانية بتجريد آل سعود ودعاتهم وتعريتهم من اللباس الديني ..
بالنسبة لركيزة القوة المالية تؤكد كل المؤشرات الاقتصادية والإجراءات الصادرة عن نظام حكم آل سعود اكبر دولة منتجة للنفط وصاحب اكبر الاحتياطات المالية انه يمر بأزمة مالية خانقة ومتصاعدة الحدة ومسار بياني يظهر سرعة وحجم الانهيار المالي ،ومن تلك المؤشرات الإجراءات التقشفية التي بدأت بإلغاء الضمان الاجتماعي والعلاوات والحوافز عن موظفي المملكة تلاها خصم 20% أي الخمس من قوام دخل ورواتب موظفي الدولة عدا المقاتلين في الحد الجنوبي في مقابل ارتفاع أسعار الخدمات والمنتجات الاستهلاكية إلى أضعاف، وهذا صادر أكثر من نصف الدخل الفردي للموظف والمواطن العادي إلى جانب إعلان عجز شركات عملاقة عن صرف مرتبات موظفيها لأشهر وتسريح إعداد كبيرة محليين وأجانب من وظائفهم ،كذلك انهيار أسعار البورصة السعودية انعكس ذلك وفق تقارير اقتصادية عن خسائر مهولة جدا في وقت قياسي وصلت إلى أكثر من ستة وسبعين مليار دولار الذي يعني إفلاس مساحة كبيرة من القطاع الخاص وأصحاب رؤوس المال إلى جانب ركود السوق المحلية وتدهور الاقتصاد وازدياد حجم البطالة وظهور حالة من الهروب الجماعي لرؤوس المال إلى الخارج بحثا عن ملاذ أمن .
أيضا من أهم مؤشرات تلاشي القوة المالية في السياسة الخارجية ،انهيار وتفسخ التحالفات السعودية على المستوى الإقليمي والعربي وتخليهم عن التزاماتهم التي أوهموا آل سعود بالالتزام بها في ما سمي بالتحالف العربي لاستعادة الشرعية تحت تأثير المال والإرهاب ، بل ومشاركة كثير من تلك الدول بتمثيل رسمي في مؤتمر غروزني الذي خلع اللباس الديني عن آل سعود ، كذلك مؤشر انعدام وهشاشة المواقف السياسية المتضامنة مع آل سعود ضد قانون جاستا.
آل سعود غارقون ويغرقون في المستنقع اليمني والقوة المالية توشك على الانهيار والقدرة على استخدام الترغيب والإرهاب لإخضاع الدول المتمردة على النفوذ السعودي وفر لها مساحة حرة من الخروج عن الهيمنة السعودية بالانقلاب بالاتجاه المضاد ..
بالنسبة للركيزة الرابعة لنظام آل سعود والمتمثلة في القطاعات العسكرية فهي من الضعف والهشاشة ما يجعلها خارج الاعتماد الحقيقي للارتكاز عليها في مواجهة أي تحديات خارجية وداخلية فهذا مستواها الذي بناه واعتمده حكام آل سعود الذين منعوا بناء قوات مسلحة قوية خوفا على حكمهم من أي انقلابات قد تنطلق منها ،أيضا اعتماد حكام آل سعود على القوات الأمريكية والغربية لحماية حكمهم من أي خطر خارجي أسس قناعة بعدم الحاجة لبناء جيش حقيقي للمملكة ..
ناهيك عن غرق تلك القطاعات العسكرية في العدوان على اليمن وخصوصا المعارك الشرسة والاستنزاف الحاد الذي تتعرض له منذ سنة ونصف تقريبا .. وهذا جعل من الركيزة العسكرية لحكم آل سعود في حكم الانهيار أو العجز من الرهان عليها في حماية حكمهم.
أما بالنسبة للركيزة الخامسة المتمثلة في القبضة القمعية عبر القطاعات الأمنية لحكم آل سعود فهي مشغولة بهاجس الصراع الأسري الداخلي على وراثة العرش في مواجهة منافسين كثر، أهمهم ابن الملك المتحكم في الشؤون المالية والإعلامية ويمتلك قطاعات عسكرية وان كانت غارقة وضعيفة ولا تؤهل للسيطرة على الحكم إلا أنها تملك القدرة على إثارة المشاكل وإعاقة الخصوم عن الوصول للحكم ببساطة ، كما أن الاعتماد على القبضة القمعية للسيطرة على الوضع في حال حصول اضطرابات داخلية متوقعة وحماية الأسرة المالكة ونظام حكمها بدون الركائز الرئيسية الأخرى ومنها غطاء غربي يدعم ويشر عن هذا القمع والكبت ،وقوة مالية تستقطب المواقف الداخلية وتشتري الولاءات المحلية، وشرعنة باسم الدين للسلوك القمعي ، يجعل من نجاح القبضة القمعية المنية في القدرة على السيطرة مهمة في حكم شبه المستحيل، أن لم يكن دورها ذو اثر عكسي يعجل في إشعال فتيل الانفجار الكبير كون المملكة الآن على صفيح ساخن ومحتقن والعد العكسي فيه متسارع ولا يوجد مؤشر لتوقفه أو تباطئه..
المطلوب لاغتنام فرصة الحسم ووقف العدوان..
ما سوف يقود الوضع داخل المملكة الانفجار ويحدد مصير نظام حكم آل سعود ويوقف العدوان على شعبنا والأمة هو التحرك الجاد والمسؤول من شعبنا بكل فئاته ونخبه ومكوناته المجتمعية والرسمية إلى الجبهات امواج بشرية لردع نظام آل سعود وإحداث صدمات عنيفة مزلزلة من خارج جغرافيا المملكة ، التي سوف تنتقل داخلها بما يجعل نظام آل سعود يفقد السيطرة بشكل تلقائي الذي سوف يشكل بخلق فرصة للانفجار الداخلي القادم من تفاقم السخط وتازم الوضع الداخلي وبروز قضايا ومظلوميات حقيقية لم تسقط بالتقادم ومنها الظلم والإقصاء والتهميش لمكونات مجتمعية كبيرة وفق معايير مناطقية ومذهبية وقبلية وسياسية .. فغياب المال وانهيار منظومة الهيبة وسقوط الأقنعة ، يظهر العورات وينكش آلام الماضي ويفجر الاحتقانات التي لم تحل بل كان يتم تخديرها.
فتراكمات المظالم والجرائم والعدوان على شعب الحجاز والشعوب العربية بل والإنسانية جعلت نظام آل سعود في الحجاز ونجد امام استحقاق العدالة الذي يتجلى اليوم نتيجة لرزنامة من العوامل أهمها الذي لو لم يوجد هذا العامل لما وصل آل سعود إلى هذه الوضعية التي جعلت حكمه في حالة احتضار ينتظر رصاصة الرحمة هو والتورط المباشر في العدوان العسكري على اليمن خدمة للأمريكي عراب نظام حكمهم فما على الشعب اليمني الذي أوكلت الأقدار مهمة إنقاذ الأمة العربية والإنسانية من جرائم قرن الشيطان إلا النهوض فزعة واحدة لكسر قرن الشيطان فهذه هي الفرصة المثالية لتحقيق النصر والفرج والتحرر لشعبنا والإنسانية.