يتعرون ليستروا سلمان !
عباس السيد
البيان المشكوك فيه لآل الرويشان الذي يطالب بـ ” التريث ” وانتظار تحقيق الأمم المتحدة ، يتناقله الناشطون المرتزقة في وسائل التواصل الاجتماعي مثل إعلان ممول .
الكثير من أولئك الناشطين كانوا يظهرون في كل مواقفهم طيلة السنوات الماضية كنخبة ذات مستوى عال من الذكاء والاطلاع والقدرة على تحليل السياسات واشتشراف الآفاق ، وكان كل من يختلف معهم يوصف بأنه لا يفهم أو جزء من القطيع ولا يستحق أن يضيعون وقتهم للرد عليه .
لكنهم أمام بيان آل الرويشان أظهروا عكس ذلك تماما ، ضاع ذكاؤهم وحذقهم ، وذابت ثقافتهم القانونية ووعيهم السياسي ، وتعاملوا مع آل الرويشان كـ ” أولياء دم ” ولهم الكلمة الفصل والسلطان ، وعلينا أن نصمت . مع أن البيان موقع من احد أفراد العائلة ويقيم في الإمارات وبتاريخ سابق للجريمة بشهر .
لقد كانت المناسبة خاصة بآل الرويشان ، وكان نصيبهم من الفاجعة هو الأكبر من حيث عدد الضحايا الذي وصل إلى ثلاثين شخصا ، لكن هذا لا يعني أنهم المعنيون بالثأر أو العفو . فالجريمة كبيرة والضحايا كثر ، ومن يجب عليهم أن يلتزموا الصمت هم آل الرويشان الذي تحولت مناسبتهم إلى فخ سقط فيه المئات من القيادات والضباط في أجهزة الأمن والدفاع .
هذا ليس اتهاما لآل الرويشان الكرام ، لكنهم يتحملون مسؤولية أخلاقية في عدم تقدير حجم الخطر والظروف الأمنية وتجرد العدو من كل القيم والأخلاق كما شهدت بذلك المجازر التي ارتكبها من قبل واستهدفت فيها حفلات أعراس ومراسم عزاء في أكثر من محافظة .
الحديث عن لجنة دولية محايدة للتحقيق في مجزرة صالة العزاء ، هي مجرد خطة ذكية لامتصاص الغضب والحيلولة دون تعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة الغزو والعدوان . ولا شك بأن الأصوات الدولية المتحمسة للتحقيق تعمل بتنسيق سعودي وخطة مدروسة . ومن يروجون لبيان آل الرويشان يعملون في نفس السياق ، هذا أولا .
ثانيا : الدعوات للتحقيق وانتظار نتائجه ، هي غمز واتهام لجهات محلية بضلوعها في العملية ، وقد كثف الناشطون المرتزقة من غمزهم لحرف التهمة عن السعودية ، رغم أن السعودية أوشكت على الاعتراف بجريمتها في رسالتها لمجلس الأمن وفي ما نشر عن حديث جون كيري مع محمد بن سلمان بعد الجريمة . لكن البعض من القطيع والناشطين على استعداد للتعري ليستروا عورات آل سعود .
اتهام جهات محلية بالضلوع في الجريمة يأتي أيضا في سياق الفجور في الخصومة ، وهو اتهام لا يصدقه إلا ألأغبياء ، فجريمة بهذا الحجم ، لا يقوم بها إلا مجرم كبير ، مجرم بحجم دولة عظمى أو يرى أن دولته كذلك ، وأنه بعيد عن المساءلة . هذه جريمة لا يمكن لأي طرف محلي أن يغامر باقترافها ، لأنها ستؤدي إلى نهايته سواء كان حزبا أو جماعة أو شخصا .
علينا ألاَّ نعول على أي تحقيق . تعزيز جبهة مواجهة العدوان هو السبيل لحماية دماء اليمنيين وارضهم ، والهدف الرئيسي للتشويش على الجريمة سواء بالبيان أو الصور المفبركة التي يجري تداولها لجرحى تم تصفيتهم في المستشفيات ، أو بمزاعم قيام البعض بتجريف مسرح الجريمة ومحو الآثار ، تهدف إلى تشتيت المواقف وعدم تعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة العدوان والغزو .