رائحة البارود..طعم الانتصار.
عباس غالب
الإهداء:- إلى أرواح شهداء مراسم عزاء آل الرويشان وفي المقدمة الشهيد عبد القادر علي هلال…
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمرارة طعم العلقم تخرج هذه العبارات مكلومة بروائح الدم والبارود وغبار الحقد والكراهية، فضلاً عن غيمة الحزن التي ظللت سماء الوطن برهة ثم انقشعت بفضل الجلد الذي خبره اليمنيون طيلة نحو عامين من العدوان والحصار.
***
لقـد ظلت روائح الدم والبارود تثقل كاهل الأمهات والثكالى وأنآت الجرحى غير أنها كانت سفراً في رحلة الألف ميل بحثاً عن الخلاص من ربقة العبودية والهيمنة السعودية، بل وتعمّد هذا الحزن في جدار القلب، لكنه أبداً لم يجعلنا نجنح في اتجاه الانكسار، خاصة وقد أفاق شهداء اليمن في الحديدة وتعز وذمار وصنعاء وحجة وحرض وغيرها بأمل كبير يتطلعون إلى القادم.. وتحولت هذه القلوب إلى أيقونات في درب طويل من العظمة والإرادة اليمانية التي ما تزال تتفيأ ظلال الحرية والاستقلال.
***
هل رأيتم بالأمس وسحابة الحزن تخيم على وجوه أبناء اليمن، بينما يتنصل المجرمون عن دماء الشهداء ويلوذون في صمت مخز يهربون من دماء الشهداء وهي تلاحقهم في الشقوق التي يختبئون فيها.
إن ما حدث ليس مأساة فقط، إنه كذلك ملحمة للعنفوان اليماني في لحظة استثنائية تزهر فيها قبور الشهداء بشتلات من الأقحوان على درب رحلة طويلة من الصمود والبطولة وصولا إلى اللحظة الحاسمة والحقيقية التي تجتث غيمة الحزن الرابضة على كواهلنا وإسقاط أعمدتها المنتصبة هناك في رمال ممالك الصحراء وعواصم الإرهاب.
ألم أقل لكم إنني اشتم رائحة البارود المعجونة بدم الشهداء وأحلامهم المتناثرة في سماء الوطن، بينما طعم العلقم لم يغادر حتى اللحظة حواسنا.. ومتناس يرين مع الأسف الشديد في غمرة هذا الحزن أن نقول بأن دماء الشهداء لا يمكنها أن تتطابق مع الحسابات البترو- دولاريه في أسواق النخاسة العالمية والعربية.. إن دم الشهداء ثمرة أحلام أجيال تمتد جذوتها من عمق الأرض اليمانية لتشع وسط ظلمة هذا الليل العربي الحالك في ملحمة البحث عن الألق والحرية والاستقرار الذي يحاول البعض إطفاء شعلته والإطباق على وهجه غير أن المارد الذي خرج ذات يوم لن يعود إلى القمقم كما يتصور بعض المتهالكين على شرب نخب دم اليمنيين في الماضي والحاضر.. إنها لحظة مغايرة تماماً لحالة الهذيان الذي يعيشه أرباب الظلام!