مجزرة الموسيقي العسكرية
كمال البرتاني
قبل ساعة من الآن , تطايرت الآلات الموسيقية, في سماء صنعاء مشتعلة كالنجوم , في آخر استعراض تقوم به .
كانت أسرة واحدة , مدمنة للمارش والأجواء الحماسية
, حتى جاء أعداء الحياة والموسيقى بدوابهم الطائرة , فشتتوا شملها :
كان بعضها لايزال يصهل كخيول جريحة , والبعض الآخر صار أشلاء متناثرة في ليل الشارع الذي أضاءته الحرائق .
الساكسفون تضرج بدم طفل , واختلط بكاء النساء بأنين أبواق الكلاريون , ونشيج النايات .
وسط أسماك البليلي عثرنا على جثة الترومبون , أمام عربة بائع الجبن البلدي , كان الكلارنيت يلفظ نغماته
الأخيرة.
الطبول الضخمة تمزقت , وخرجت من أحشائها كل الإيقاعات المكبوتة , الآلات النحاسية ظلت تشتعل
كشظايا نيزك , ومزامير القرب التي تفطرت , لم يكن أحد يسمع تجشؤاتها الوداعية و بينما سيارات الإسعاف
تذرع المكان .
أما الصنوج فبدت كطيور , لا يمتلك كل منها سوى
جناح واحد, وذيل من اللهب .
كم أوجعنا اللحن الأخير , الذي أجبرت على عزفه
موسيقانا العسكرية , لكننا