التطور السياسي للجمهورية اليمنية
قدرية الجفري
في 26 سبتمبر 1962م تم القضاء على النظام الملكي وتسليم السلطة في البلاد وأعلن عن قيام الجمهورية العربية اليمنية.
وقد اتسمت الثورة المعادية للملكية بطبيعتها القومية ونتيجة لانتصار الثورية ثم القضاء على نظام العهد البائد إلا أن القوى الإقطاعية القبلية احتفظت بسيطرتها على مستوى المناطق.
لقد أعطت الأحداث السبتمبرية دفعة لتنامي النزعات التقدمية في أوساط المجتمع اليمني وإحدى هذه النزعات كانت وثيقة الصلة بقضية إنشاء الدولة المركزية القوية تحت لواء الوحدة الوطنية .
وأعلنت قيادة الجمهورية العربية اليمنية عن استعدادها للتعاون ضمن إطار جامعة الدول العربية مع كل البلدان العربية وبدون استثناء وإقامة العلاقات الاقتصادية معها، والتزامها بسياسة عدم الانحياز والحياد الايجابي.
إن نشر الوثيقة البرنامجية الأولى للجمهورية العربية اليمنية يشكل أهمية خاصة إذ تنعكس فيه خاصية الثورة المتميزة بطابعها المعادي للملكية والموجهة إلى إعادة بناء المجتمع على أسس التحولات البرجوازية الديمقراطية مع أخذ الاعتبار للخصائص المحلية.وفي نفس الوقت حاولت القيادة الثورية ترسيخ نفوذها في المجتمع اليمني ليس فقط سياسيا بل واقتصاديا، أما في ما تتعلق بقضية نمو الرأسمال الخاص فقد اتخذت القيادة خطوات أكثر تقدما يرى بأن الرأسمال الخاص يمكن أن ينمو ويتطور بدون رقابة لذا فإن الوثيقة البرنامجية ثم تضع في حسابها حل قضية سكان الريف في البلاد والذين لعبوا دورا في الأحداث الثورية ومع ذلك اتخذت خطوات محددة تقضي بمصادرة أراضي وممتلكات أفراد الأسرة المالكة وبعض كبار الإقطاع وأنصار النظام الملكي وضبط وتنظيم طرق جباية الضرائب المباشرة وإلغاء نظام البقايا على الفلاحين وإبطال كل ديون الفلاحين للحكومة السابقة.
إن كل التصرفات والفعاليات الجمهورية ذات العلاقة بسكان الريف كانت موجهة لتحسين أوضاع صنعاء ومتوسطي ملاك الأراضي ولم تمس مطلقا أوضاع الفلاحين المعدمين.
وقد شهدت عملية بناء نظام الدولة وحلتها التأسيسية والتي لم يكن إبانها لدى الشخصيات التي تسلمت السلطة أية خبرة سابقة وخلال نمو المسيرة الثورية تكون بالتدريج جهاز سلطة الدولة الذي لعب فيها مجلس قيادة الثورة مهام القيادة العليا للدولة.
وكان لنجاح الثورة وقيام الجمهورية العربية اليمنية والتي تعتبر أول جمهورية في شبه الجزيرة العربية صدى هائل في العالم أجمع وقد نظرت الأوساط التقدمية في مختلف البلدان وقبل كل شيء في بلدان التوجه الاشتراكي إلى الثورة اليمنية كجزء لا يتجزأ من المسيرة التحررية الوطنية العالمية والتي فتحت الطريق واسعا للنمو الوطني والتقدم الاجتماعي .
إن القضاء على الملكية في اليمن خلق العلق والانزعاج على امتداد شبه الجزيرة العربية وقبل كل شيء في المحميات البريطانية وفي العربية السعودية .
وقد أدت الأفكار التحررية للثورة اليمنية إلى المقاومة العنيفة من قبل انظمة الحكم الملكية في البلدان العربية وبالدرجة الأولى في المملكة الهاشمية الأردنية والسعودية وأخذت الغالبية العظمي للأسرة السعودية الحاكمة وعلى رأسها الأمير خالد تقدم الدعم والمساعدة للأسرة الملكية اليمنية مبررين ذلك بأنه إذا ما صمدت الجمهورية العربية اليمنية وازدهرت فالخطر لامحالة سوف يخيم على الملكة السعودية وأن الثورة على أبوابها .
ومنذ الأسبوع الأول لقيام الجمهورية ظهرت دلائل لوجود شكلت للقوى الرجعية الإقطاعية في جنوب شبه الجزيرة العربية وهكذا ومنذ الأيام الأولى لقيامها وجدت الجمهورية الفتية نفسها أمام تهديد حقيقي وخطر جاد لعودة النظام الملكي.
وعلى الفور اتخذت الجمهورية حملة من الإجراءات الهامة في صراعها مع قوى الثورة المضادة بحيث أعلنت حالة الطوارئ في البلاد واتخذت قيادة الجيش قراراً بتشكيل الحرس الوطني وإعادة تشكيل الجيش السابق ووضعه تحت قيادة موحدة ورفعت مرتبات الجنود والضباط وضاعفت التعينات اليومية ووجهت الحكومة نداءها إلى الشباب تدعوهم في للنهوض بالوطن والدفاع عن الجمهورية.
ولإيقاف النشاط التخرسي لسفارة المملكة العربية السعودية في اتخذ قرار بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين كما أعلن عن إغلاق البنك السعودي في اليمن.
إن العلاقات الإيجابية للقبائل اليمنية بالثورة أحدى العوامل في تثبيت وترسيخ الثورة التي جوبهت بعداء الحوار والثورة المضادة التي أعاقت تطور اليمن على مدى سنين عديدة وكذالك لاغتيالات لرؤساء اليمن التي قامت بها القوى المعادية للنظام من أجل إعادة الملكية ولكن صمود القيادات اليمنية لم يثنها شيء فواصلت كفاحها وحربها للمرتزقة والثورة المضادة والتي في النهاية بقت الجمهورية اليمنية.
رغم كل المحاولات لانكسارها فهذا يدل على أن الشعب اليمني يقوم من تحت الأنقاض لبناء بلده.
إن ثورة سبتمبر قضت على أهم مظاهر وحصون الاستعباد والسيطرة في البلاد ومن منجزات ثورة سبتمبر هو التحاف المجتمع اليمني بالركب العالمي لقد أيقظت الثورة اليمنية المجتمع اليمني من سيات القرون الوسطى ودفعت بأوسع جماهير السكان إلى المساهمة في الحياة السياسية مما أدى إلى يقظة الوعي الوطني.
كما اعتبرت الحرب الأهلية وحله هامة في طريق نمو اليقظة الوطنية وأدت ضرورة خوض الصراع مع قوى الثورة الملكية المضادة إلى تلاحم أوسع فئات المجتمع اليمني مع الجمهورية واستمرار النظام الجمهوري وانهزام الثورة المضادة وخروجها من الأراضي اليمنية عندما يئست من عملائها في للداخل وعلى مدى سين كم ارتأت أويكا الاعتراف بالجمهورية اليمنية وإيقاف الدعم عن الملكية وبذلك عادت العلاقة مع السعودية على أساس عدم عودة أسرة آل حميد الدين إلى اليمن. وبذلك استقر النظام الجمهوري وتحول النظام إلى البناء والتنمية والتنقيب عن التروات المعدنية وبذلك ارتفع إسم اليمن عالياً في دول العالم وانتهت فترة الصراع إلى سلام دائم.