السلطة حولت فكرة الوحدة من اتحاد بين دولتين إلى كابوس مرعب

قدم الحراك الجنوبي أمس رؤيته لجذور القضية الجنوبية وذلك أمام فريق القضية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
«الرؤية قدمتها رضية شمشير»
والثورة تنشر نص الملخص التنفيذي أما نص الرؤية كاملة تجدونها على موقع «الثورة نت».

الملخص التنفيذي
أقل من قرن من الزمان منذ ظهور أول فكرة لليمننة السياسية في منطقة جنوب الجزيرة العربية وذلك بإعلان قيام المملكة اليمنية المتوكلية في عام 1918م وفي هذا العام تحولت اليمن لأول مرة من جغرافيا إلى هوية فاسم اليمن لم يكن قبل هذا التاريخ إلا دلالة على اتجاه جغرافي ولم يكن يمثل هوية أو دولة ارتكزت هذه الهوية على التوسع وضم كافة المناطق التي تقع تحت مسمى اليمن أسموها الفروع وضمها إلى الأصل صنعاء.
وبعدانقلاب سبتمبر 1962م شعر الائتلاف القبلي بموجة التغيير القادمة فركب الموجة واخترقها وحرفها وهو ذاته الواقع الذي أعاد نفسه عند قيام مراكز القوى بركوب واختراق ثورة فبراير 2011م ومحاولة احتوائها وحرفها عن مسارها كما احتوت انقلاب سبتمبر وحرفته عن تحقيق أهدافه.
ومع تنصيب صالح رئيسا تم تقسيم السلطة بين ثلاثة مراكز قوى عسكرية وقبلية ودينية وكان ذلك التقاسم يعني تقاسم الثروة والسلطة أن كل واحد من الثلاثة له حصته سواء في التعيينات لكبار المسئولين او لصغارهم أو في التجنيد في الجيش او في الموازنة العامة للدولة او القطاعات الاقتصادية أو في غير ذلك وبدأ عصر مراكز القوى في تسخير كل مقدرات الوطن لمصالحهم وتم التعبئة للهوية اليمنية وبناء الدولة بهدف الحفاظ على تماسك البلد خدمة لزيادة ثرواتهم والجنوب كان احد الأطماع الاستراتيجية لمراكز القوى التي تم التخطيط والتنفيذ لها بعناية ودهاء.
البعد القانوني

> إن الشعب في الجنوب المقيم على أرضه منذ آلاف السنيين إنما قد دخل الوحدة على أساس اتفاقية شراكة مع شعب الجمهورية العربية اليمنية وهو في هذه الحالة لم يبع أرضه وثرواته ومؤسساته ولم يرهنها لأحد بل كان دافعه للوحدة هو الأخاء اليمني والعربي والإسلامي والقومي ولكن هذه الوحدة ضربت في الصميم بإعلان الحرب في 1994م من قبل سلطات صنعاء.
إن الوحدة التي قامت بين الدولتين في الشمال والجنوب لم تكن قائمة على أسس وقواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية كما أن اتفاقية الوحدة المبرمة لم تكن بين دولتين ذات سيادة وأعضاء في العديد من الهيئات والمنظمات الدولية والعربية ولم تشرك أي من هذه الهيئات وتحديداٍ منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في التوقيع على هذه الاتفاقية ولو حتى كشهود ولم تنشر تلك الاتفاقية او تودع لدى الهيئات الدولية ولا يعلم الشعب في الجنوب والشمال عن هذه الاتفاقية شيئاٍ سوى ما تسرب بأنها من صفحة ونصف الصفحة وهي مساحة لا تكفي حتى لعقد تأجير محل.
البعد السياسي

> باعتماد سلطة الحرب والأساليب العسكرية والأمنية المختلفة لإحكام مراكز القوى في صنعاء سيطرتها على جغرافيا الجنوب والفيد والنهب المستمر على مقدراته وثرواته مستخدمة مختلف الأساليب والسبل لاستدعاء جراحات وخلافات الماضي بهدف تفكيك البنية الاجتماعية والسياسية فاتبعت سياسة التعاقدات الانتقائية لضمان التمثيل الشكلي للجنوب وإفراغه من محتواه كمؤسسات دولة قامت على النظام والقانون.
حرب صيف 1994م أحدثت تصدعات عميقة في جدار الوحدة ومما زاد الأمر سوءاٍ الممارسات التي أعقبت الحرب و انفراد السلطة في صنعاء بحكم دولة ما بعد 94م كما أنها لم تقم لحل المشاكل الناجمة عن حرب بل إنها استعذبت نتائجها المأساوية ووظفتها لتكريس سياسة النهب و الإقصاء والاستبعاد و التسلط في حين يردد مواطنون من الجنوب أن السلطة إلى جانب تسريح عشرات الآلاف من المدنيين و العسكريين عقب الحرب الأهلية في 1994م قد أطلقت يد الفاسدين و النافذين لنهب أراضي الجنوب و بيع مؤسساته العامة إلى المقربين إلا أن قرار تسريح آلاف العسكرين والمدنيين هم من أطلقوا شرارة (الحراك الجنوبي).
البعد الاقتصادي

(أقسم الرئيس علي عبدالله صالح بتحويل عدن إلى قرية) قد تكون من الأقاويل التي يرددها الناس وقد لا يكون القسم حقيقياٍ لكنه بالتأكيد ما جرى على أرض الواقع فبموجب اتفاق الوحدة أصبحت مدينة صنعاء عاصمة الكيان الجديد وبسقوط صفة العاصمة السياسية عن عدن وعدم مصداقية تحويلها الى عاصمة اقتصادية وتجارية عانت مدينة عدن من تدهوراٍ لكل مقومات الحياة فيها وبشكل خاص في الجانبالتجاري والاقتصادي.
وقد اسهمت هذه السياسة في الجنوب في تعطيل مصالح التجار وانتشار الفساد بصورة غير موجودة في مناطق أخرى في اليمن.
وأمرت الدولة مكاتب شركات النفط العاملة في اليمن والتي كانت قد اتخذت من مدينة عدن مقراٍ لها بالانتقال الى صنعاء واغلاق كافة مكاتبها في عدن كما عملت الدولة بفرض تعريفات مختلفة للخدمات الأساسية أرخص في الشمال عن الجنوب فعلى سبيل المثال فأن مكالمة هاتفية داخل مدينة صنعاء ارخص بـ40% منها في عدن وبـ50% عنها في المكلا كما أن سعر الكيلو وات/ساعة من الكهرباء في الشمال للبيوت السكنية او للأغراض التجارية والصناعية ارخص عنها في الجنوب بفروقات تتجاوز الـ30%.
البعد الثقافي والاجتماعي

> يشير الواقع إلى أن هناك ثقافة مدنية تأسست لعقود في الجنوب أحدثت تحولاٍ في سلوكيات الجنوبيين فبات ترسيخ مبدأي النظام والقانون في الاحتكام اليه هما المؤشران الرئيسيان للدولة في الجنوب.
إن هذه النهضة الثقافية الاجتماعية في الجنوب والتي للأسف تم القضاء عليها بعد قيام الوحدة مباشرة في العام 1990م بفعل السياسات الخاطئة والممنهجة لسلطات صنعاء وبشكل سافر بعد حرب صيف 1994م فبدلاٍ من تسخير قدرات البلد وثرواته في تطوير التعليم باعتباره أحد أهم ركائز بناء الإنسان وأداة التنمية وهدفها والثروة الحقيقية لأي مجتمع حدث تراجعاٍ كبيراٍ لما تم إنجازه في مرحلة ما قبل الوحدة حيث عملت عقلية المنتصر بعد حرب صيف 1994م على صياغة سياسة تعليمية تنسجم ومصالح الفئة الأقل والمسيطرة على مقدرات الجنوب ومستقبل أبنائه بالإضافة إلى تدمير منظومة القوانين الاجتماعية التي أسست لقيم إنسانية حضارية وعلاقات متكافئة بين جميع أفراد المجتمع في الجنوب.
لقد تحقق للمرأة الجنوبية المساواة وتكافؤ الفرص في مواقع صنع واتخاذ القرار من سبعينات القرن الماضي فهي أول قاضية وأول نائب وزير وأول عميد كلية اقتصاد وأول مذيعة تلفزيون وأول مذيعه إذاعة واول مالكة ورئيس تحرير لصحيفة على مستوى الجزيرة العربية.
إحياء النعرات والثأرات القبلية واستخدام الدين من قبل السلطات الشمالية كانت اللعبة الخطرة في السياسة اليمنية الداخلية . حيث بدأت السلطة في الشمال بالإعداد لحرب 1994 بالترويج لفكرة «إن الجنوبيين ما هم إلا شيوعيون كفرة» وان قتلهم ونهبهم وانتهاك أعراضهم حلال وجاءت فتوى الشيخ عبدالوهاب الديلمي عضو مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح سيئة الصيت لتحفر جرحاٍ غائراٍ في قلوب الجنوبيين.
إن الحصيلة السوداوية لما اسمي بالوحدة كانت كافية لإسقاط مشروع يمننة الجنوب و تراجع المدافعين عنها وخروجها من وعي الجنوبيين والى الأبد.

قد يعجبك ايضا