أميركا وحساباتها الخاطئة في المنطقة
عبدالعزيز الحزي
الولايات المتحدة الأميركية تتحرك في المنطقة على أساس لعبة المصالح، لكن هذه المرة بطريقتها الخاصة لتحقيق الربحية الكاملة غير القابلة للخسارة قط أو دفع أي ثمن بمعنى آخر ربحية تامة غير منقوصة لمصالحها.
أما دول المنطقة وخاصة دول الخليج فهي عبارة عن أدوات تنفذ سيناريوهات رسمتها الإدارات الأميركية المتعاقبة للمنطقة بما يضمن تفوق حليفهم الأكبر والاهم ( الكيان الإسرائيلي) الغاصب لأرض فلسطين.
وبالنسبة لباقي الدول العربية المتخاذلة فهي عبارة عن ضحية للمؤامرات الأميركية بين الحين والآخر وتجهل حكوماتها الضعيفة التي تساعد أميركا وحليفاتها من الدول الغربية في تشكيلها تلك المؤامرات.
ومعروف أن الولايات المتحدة تجني الكثير من المصالح من منطقة الشرق الأوسط ،بل إن اغلب مصالحها تقع في المنطقة وبالأخص من دول الخليج الغنية بالنفط.
وتسعى واشنطن حاليا لتحقيق مصالحها بطريقة أخرى وبأقل تكلفة أو دون دفع مسبق أو آجل ،وهي عملية ابتزاز كبيرة في المنطقة تسعى من خلالها إلى زعزعة الأنظمة والحكومات وإيجاد فوضى عارمة على الساحة في الدول داخليا وخارجيا ، مما يتسبب في احتراب بين شعوب المنطقة.
وهنا يجب الإشارة إلى خطط الولايات المتحدة السياسية والعسكرية في منطقة الخليج والتواجد العسكري فيها وفي الكثير من دول المنطقة, فبعد إجلاء الولايات المتحدة لقواتها من العراق في 2011 وعودتها مرة أخرى في 2014, وعزمها على سحب قواتها من أفغانستان بحلول نهاية العام الحالي وكذلك القيود المالية الجديدة المفروضة على ميزانية الدفاع الخاصة بالولايات المتحدة, والاضطراب واسع النطاق والعنف الموجودين في المنطقة ، في ظل ظهور ما يسمى “الدولة الإسلامية” في الشام والعراق (داعش)، تبدو واشنطن عاجزة عن التكيف مع تلك التغيرات الجارية،فبدلاً من إرساء نهجها تجاه المنطقة الحيوية من الناحية الاستراتيجية بما يحقق استقراراً كاملاً تحاول خلق واقع فوضوي في المنطقة لضمان مصالح آنية.
فالولايات المتحدة وحدها هي التي من شأنها أن تؤثر على أمن منطقة الخليج والشرق الأوسط بأكمله سالبا أو إيجابا وذلك بسبب تواجد قواعدها وقواتها العسكرية الكبيرة في دول الخليج .
فبعد أن كان تمركز القوات الأمريكية الكبيرة في الخليج قد ساعد على توفير الضمانات الأمنية لشركائها وخاصة دول الخليج والكيان الاسرائيلي,كما ساعد أيضا في مكافحة الإرهاب الواقع في المنطقة، فإنها باتت حاليا ضماناً لفوضى عارمة تعم المنطقة لخلق واقع يرسم خريطة جديدة لشرق أوسط جديد ترى الولايات المتحدة أنه أكثر ضمانا لمصالحها.
وبعد أن كانت واشنطن تسعى لإيجاد توازن لحماية حلفائها في المنطقة والتركيز على أمن تلك الدول إلا أن سياستها الحالية غير الواضحة تجاه المنطقة وعلاقاتها القوية المفرطة بالكيان الإسرائيلي واعتمادها على حكومات ودول ضعيفة ودعمها للمعارضة المسلحة في بعض الدول وتجييرها لحسابات غير معروفة أو مضمونة فإن القوات الأميركية تصبح أكثر عرضة للخطر في الخليج والمنطقة من الكثير من الخصوم والأصدقاء على حد سواء.
وينبغي هنا أن تدرك الولايات المتحدة بأن حساباتها خاطئة لأن (الرياح تأتي بما بما لا تشتهي السفن) وأن تدرك أن قواتها في منطقة الخليج وفي أي مكان آخر، ليست بمأمن من شعوب المنطقة، كما أن الجماعات المسلحة التي ساعدت في تكوينها وتسليحها وساعدتها في تفكيك بعض الأنظمة في المنطقة ستكون هي أيضا وبالا عليها .
وفي حال لم تجر الولايات المتحدة أي تعديل لأجندتها في الشرق الأوسط, ؛ فإن واشنطن ستقوم مجبرة لا محالة على إجراء تغييرات مهمة فيما يخص قواتها في منطقة الخليج؛ لتواكب الظروف الحديثة ,وحالة الفوضى التي قد تتسبب في مغادرة قواتها المنطقة اختياريا أو إجباريا ولو بعد حين .