معادلة الحرب الاقتصادية
علي أحمد جاحز
لم يكن لدينا ادنى شك حين اعلن العدوان ما سمي بعاصفة الحزم اننا سنتجاوزها و نتعداها و ننتصر عليها ونحيلها الى أضحوكة تاريخية ، طبعا بفضل الله و بفضل صمود وثبات الشعب اليمني وأبطال الجيش واللجان الشعبية و حنكة و حكمة القيادة وسداد رؤيتها وتحركها المدروس والاستراتيجي .
ولذا فان النتيجة التي نلمسها اليوم رغم الثمن الكبير الذي دفعناه ، نتيجة مشرفة وأكبر مما كنا نتوقعه و يتوقعه العدو والمراقب ، سواء على المستوى العسكري او الاجتماعي أو الاعلامي أو التعبوي أو الامني أو الاقتصادي ، كان العدو يلقي بكل ثقله في كل تلك الجبهات ، لكنه في الجانب الاقتصادي لم يكن قد بدأ الحرب الاقتصادية وانما يكتفي بإدارة حصار اقتصادي ينتج أزمة اقتصادية لا تميت ولا تحيي ، لكنه اليوم بدأ الحرب الاقتصادية التي يريدها أن تميت الشعب اليمني وتدمر كل شيء وتترك اليمن رهين الفوضى و اللادولة واللا ادارة واللا مؤسسات .
المستوى العالي من الوعي الشعبي الذي أنتجه الصمود و التصدي للعدوان ، خلق قناعات لدى الشعب اليمني بان لا شيء مستحيل أمام الارادة الشعبية التي جربت زراعة التماسك و الصمود وجنى ثمرته افشال اهداف العدو وإنهاكه وهزيمته مرحليا في كل جولات التصعيد التي كان ينتهجها وصولا الى احراز انجازات استراتيجية تمثلت في تغيير المعادلة ونقل العدو من موقع الهجوم الى موقع الدفاع وإجباره على ان يشكو ويصرخ ويصيح بصوت الملسوع الموجوع المرتبك .
الحرب الاقتصادية التي بدأها العدوان منذ اشهر قليلة ماضية لا تختلف في عنفها ووحشية اهدافها عن تلك العسكرية التي جرى تجاوزها بمعجزة الصمود والتصدي ، ومثلما أبطل صمود الشعب اليمني وتماسكه ووعيه و أسناده للجيش واللجان الشعبية وفق تحرك جاد واستراتيجي ، فاعلية فارق السلاح والامكانات العسكرية الجوية والبحرية والبرية ، سوف يبطل فاعلية فارق السلاح والامكانات التي تمتلكها الادوات الاقتصادية التابعة للعدو ، وذلك بنفس التحرك الجاد و نفس الروحية الحاملة للأهداف والمؤمنة بالنتيجة والمنطلقة من الالتزام والتقيد بأسباب النصر .
في معادلة الحرب الدائرة بين اليمن كطرف وحيد وبين تحالف العدوان وعلى راسه امريكا ، ثمة شيء لا يمتلكه العدو وهو الإيمان الحقيقي العملي بأن الله يساند ويعين ويدفع و يهيئ ويصرف الامور وفق الشروط التي طرحها لنا واضحة في كتابه العزيز ، ولذا نستطيع ان نقول ان العدو الذي اعتقد انه بقدرته فقط سيحسم الامر في الميدان ، لم يكن يعمل في حسابه ان يواجه الكثير من المفاجآت التي ظهرت خلال المعركة ومن حيث لم يحتسب .
كلنا نتذكر ان السيد القائد حذر السعودية والتحالف من تبعات استمرار العدوان على اليمن وابعاد و مخاطر الانسياق وراء مخططات صهيونية امريكية لن تستثنيهم ، اليوم السعودية تواجه اكبر ازمة اقتصادية واجهتها ، حجم الابتزاز الذي تتعرض له سواء من امريكا التي اخرجت لها ملفات قديمة مثل ملف 11 سبتمبر ، وورطتها في صفقات تسليح باهظة الثمن وتحلبها عبر الامم المتحدة ومنظماتها التي تسرب بين الحين والاخر ادانات لجرائمها في اليمن ، علاوة على كلفة الحرب التي وصلت بحسب تقرير البنك الدولي الاخير الى 19 مليار دولار خلال شهر اغسطس فقط ، وكلفة شراء الصمت و شراء الولاءات وشراء المرتزقة .
الاقتصاد السعودي يدفع ثمن مغامرته ومقامرته في العدوان على اليمن ، وليته يتعلم ، لا اعتقد ان بيده ان يتعلم ، وتلك الفاتورة الباهظة الثمن بدأت تفعل فعلها في العمود الفقري لنظام ال سعود ، ولان هذا النظام يعتمد في الاساس على المال في الوقوف على قدميه ، فان كل تلك الكوارث الاقتصادية ستضعفه سياسيا وعسكريا على مستوى المنطقة والعالم وعلى المستوى الداخلي ، خصوصا في ظل الضعف الحاصل عسكريا والذي بات مكشوفا امام العالم وامام شعب المملكة .
الاجراءات التقشفية التي تتخذها المملكة على جرعات تمس معيشة الناس وتلامس مستوى معيشتهم الذي اعتادوا عليه ، مثلما مست امنهم واستقرارهم العمليات اليومية من قصف صاروخي او تقدم و التي ينفذها الجيش واللجان الشعبية داخل الاراضي الحدودية وتبعاتها من قتل للجنود والضباط و سقوط مناطق ونزوح مواطنين وووو الخ ، وكل هذا سيترك اثرا بالغا في كينونة النظام وان على مراحل,
الحرب الاقتصادية التي اعلنها العدو مؤخرا ارتدت سريعا اليه وبدأ يعيش حالة حرب اقتصادية ، وهنا نتذكر ان خطاب السيد القائد الاخير حمل رسائل هامة ابرزها مواصلة الصمود وتعزيز التماسك ، اضافة الى وعود واثقة بتجاوز الحرب الاقتصادية كثمرة للتحرك الجاد تماما كما اثمر التحرك الجاد في مواجهة الحرب العسكرية .