السلام عليكم .. من صعدة
أحمد يحيى الديلمي
أمن الطريق وانتعاش الحياة
رغم أن العدوان السعو أمريكي الهمجي السافر أراد فصل محافظة صعده عن بقية المدن والمحافظات اليمنية فأقدم على هدم الجسور واستهدف خطوط الطرق لمنع عبور المركبات عليها إلا أن الإنسان اليمني بإرادته وقوة بأسه الفولاذية تغلب على المعضلة بإيجاد خطوط ترابية بديلة سهلت حركة التنقل في كل الطرقات المؤدية إلى المدينة والمديريات التابعة لها .. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد .
المفاجأة الكبرى غير المتوقعة أن الطريق الذي ظل لعقود من الزمن مصدراً للخوف والقلق نتيجة وجود العصابات والقطاعات القبلية التي جعلت السفر في الليل مجازفة ومصدراً للخطر هذه المخاوف انتهت تماماً بعد زوال الخطر وأصبح الطريق الأكثر أمناً على نحو غير مسبوق ما جعل حركة السير فيه مستمرة والحياة منتعشة في كافة المدن التي يخترقها الطريق طوال الليل والنهار وهذه إحدى فضائل الثورة الشعبية 21 سبتمبر 2015م فلقد قضت تماماً على كل بؤر التوتر وأوقفت عصابات التقطع عند حدها كذلك الوجاهات القبلية التي ظلت تتعاطى مع الواقع بأسلوب انتهازي لا يدخر أي وسيلة مهما تدنت طالما أنها ستضمن تحقيق المصالح الذاتية, كل هذا الواقع المؤلم بددته الثورة الطاهرة التي نعيش اليوم أفراح ذكراها الثانية بعد أن قلبت الموازين وغيرت المفاهيم العشوائية التي كانت سائدة وبدأت برسم معالم الدولة اليمنية المدنية الحديثة التي يتطلع إليها كل مواطن يمني ، ما ميز المشهد على امتداد الطريق من صنعاء إلى صعدة خضرة المزارع ومنظر السبول والسنابل المهيئة للحصاد بعد أن من الله على شعبنا بأمطار غزيرة أذهبت ظمأ سنوات القحط .
وهو ما بعث الألفة في النفوس إلى جانب الأمن والسكينة أثناء السير في الطريق لا تحس بالكآبة ولا يضيق صدرك إلا عندما تمر ببعض المناطق وتستعيد مشاهد الجرائم البشعة وكيف أن البعض تجرد من الأحاسيس و المشاعر الإنسانية وأقدم على التنكيل بالعلماء واستهدف الأسر الآمنة في المطاعم قتل الرجال والنساء والأطفال بلا رحمة ودون أن يرف له جفن ، تلك الأعمال والجرائم البشعة لو لم يتم التصدي لها ولو لم تواجه بحزم لكانت قد استشرت واتسع خطرها وأدخلت البلاد في أتون حرب طائفية قذرة وفق ما خطط له الأعداء ويسعون إلى تكريس نفس النموذج اليوم بالقوة ومن خلال العدوان البربري الغادر الذي تتعرض له اليمن عبر تغذية الطائفية لتغدو سيفاً مصلتاً على رقاب اليمنيين, وهذا ما لم ولن يحدث لأن الثورة الشعبية مثلت سداً منيعاً أمامه وحددت المسار وفق رؤية وطنية عنوانها التكافؤ والندية في العلاقة مع الآخرين ورفض كل أنواع التبعية أو الإذلال أو الاستسلام للرغبات المريضة لدى بعض دول الجوار ودول الاستكبار العالمي وفي المقدمة الأشقاء من يتحكمون في رقاب شعبنا العربي في نجد والحجاز ويحكمونهم بالحديد والنار غير مدركين أن الشعب اليمني شب عن الطوق وأنه على استعداد للدفاع عن وطنه وعزته وكرامته ويستحيل أن يترك البلاد مباحة لطائفة من المجرمين شذاذ الأفاق الذين باعوا الوطن بحفنة من المال المدنس وأن صمود الشعب الأسطوري المعزز بقصص البطولة والشجاعة النادرة لرجال الرجال الميامين من أبطال الجيش واللجان الشعبية والانتصارات العظيمة في الحرب التي قلبت الموازين والاستراتيجيات العسكرية كل ذلك كفيل بإسقاط كل مؤامرات الأعداء مهما عظم شأنها مع ذلك ستظل جريمة حوث صورة بشعة عن الانحراف الفكري الذي شوه الإسلام ومنهجه القويم ومكن الآخرين من اعتباره مصدراً للتطرف والإرهاب أسلوب الجريمة دل على بشاعة وقبح وجوه المعتدين .
صعدة الصمود
من أول لحظة حطت بها رحالنا على مشارف مدينة السلام والصمود . مع أننا وصلنا منتصف الليل وطائرات المعتدين تحلق لا تبرح سماء المدينة إلا أن الحياة تبدو عادية ليلة العيد الأسواق تغص بالبشر والأضواء مشتعلة في كل الاتجاهات بدءاً من سوق الليل الذي يستقبل القات والمنتجات الزراعية المختلفة ( رمان – طماطم – خيار – بيبار ) وكل الخضروات والفواكه بفعل تعدد منتجات المحافظة الزراعية .
اسم السوق يدل على دوره, إذ تتم عمليات البيع والشراء بين أطراف السوق المنتج الوسيط الموزع ومن ثم تُحمل على سيارات تنتشر في كل الاتجاهات لتصل إلى كل المحافظات كون صعدة تغطي معظم المحافظات بالخضروات والفواكه ، عند الساعة الثانية عشرة منتصف الليل تنطلق السيارات إلى كل الاتجاهات محملة بما لذ وطاب. أما الأسواق داخل المدينة فلقد كانت غاصة بالناس وكل شخص يتسوق بصحبة أولاده يستكمل شراء ملابس العيد وآخرون يتحلقون حول دكاكين المكسرات وهدايا العيد الأسواق كخلية النحل أصوات الطائرات المحلقة في سماء المدينة لا يعبأ بها أحد ، سمعنا أكثر من غارة تابعت ردود فعل المحتشدين في السوق الكل في ثبات لا يتحرك من مكانه يسمع صوت الطائرات يتطلع إلى السماء بسخرية كأن الجميع يقولون بصوت واحدة مهما حلقت هذه الطائرات فإنها لن تهز لدينا شعرة واحدة حتى وإن قذفت بالصواريخ وارتكبت مجازر بشرية بشعة فإنها وإن بعثت الحزن في النفوس إلا أنها لا تفت من عضد الجميع بل تزيدهم قوة وتحدياَ وصموداً .
من خلال الطواف بمدينة صعدة والوقوف على المواقع التي تم استهدافها تتكشف النوايا المبيتة لدى آل سعود وما يضمرونه من حقد وكراهية لليمن واليمنيين .
لذلك وجدوا الفرصة لترجمة المدفون في قعر الصدور فاسترخصوا كل شيء وأولجوا في دماء اليمنيين بلا ضمائر ولا أي مشاعر تدل على الصفات الإنسانية لأن التطلعات والآمال موحشة حتمت الانغماس في أوحال الخطيئة مما يوحي بأن خطط ورغبات أمريكا التقت مع فحيح الحقد المتأصل لدى آل سعود و هو ما يضعف الأزمة ويضعنا في اليمن وجهاً لوجه أمام عدو صلف يراهن على الوفرة المالية وخيار القوة غير مدرك أن قوة بأس وشجاعة المقاتل اليمني وصلابة وصمود أبناء الشعب كفيلة بإسقاط اي رهانات مهما عظم شأنها .