مناسبة عظيمة .. أمور مؤلمة ..!‍!

عبدالله الصعفاني
لا يجوز بأي حال التماهي مع الراغبين في النيل من الذاكرة الوطنية في موضوع الثورة اليمنية الأم كحدث تأريخي إنساني .. في ذات الوقت فإن من حق أهداف الثورة علينا أن تبقى تحت مجهر التقييم وأضواء النقاش، ولا يهم لو وصلنا مربع جلد الذات .
وفي موضوع ثورة 26 سبتمبر الخالدة نفسها واحتفالنا بها تحت قصف العدوان الخارجي ومآسي الاحتراب الداخلي لا مناص من التأكيد بالفعل وليس القول على احترامنا البالغ لهذه الثورة المجيدة والتعاون ابتداء في الفصل بين التقدير لمضامينها وأهدافها وبين الاخفاقات التي قاد البلد إليها ثورجيون وأدعياء ثورجية أسهموا في إحداث تغيير للأسماء وتدوير للرؤوس الفارغة، لكن الأفكار ظلت هي نفسها بعيدة عن الثورة .. مفهوما ومضامين وأهدافا وصراعا على المكاسب .
في هذه المناسبة العظيمة .. لا يمكن أن نترك لعيد سبتمبر الخالد أن يتوقف أمامنا ونتوقف أمام شعلته الأم ثم يذهب كل منا إلى سبيله التائه .. لا يمكن لعيد سبتمبر أن يتوقف ونتوقف معه لننسحب ولانقول فيه وفينا كلمة أو كلمات في صورة وقفات بعد الذي كان ويكون من تواري أهداف الثورة أمام فوز قوة الأطماع على توهجات العقل، وانتصار العواطف والانفعالات في معركتها مع الضمير .. ومع كل منظومة القيم التي لم تعد حاكمة بأي نسبة تستحق الاحترام .
أكثر من نصف قرن من الزمان ونحن نسوّد الوجه الأبيض للثورة بالخطابات التائهة المكررة لمن يحكم ، والانتقامات البلهاء لمن يعارض في عملية سجال سخيف من محاولات تجريف الآخر وتجفيفه ،فيما لا يجف في نهاية كل جولة صراع دامٍ أو كلامي إلا الوطن وأحلامه المنهكة .
عيد جديد ونحن نجني ثمار سوء تقديراتنا ونكرر ذات أخطائنا .. وكالعادة يقابل الواحد منا الكثيرين ويسمع من الكلمات والنشرات والصور فلا يخرج بغير ذات الصور التي تجسد الذات الفردية المتضخمة، وذات التجسيم للأنا وعبادة النفس الأمارة بالسوء ، وإنكار استحقاقات المزايدة على أهداف الثورة وادعاء الانتماء إلى قيم الدين والوطن والأخلاق والإنسانية
هل أكون مزايداً أو مدعياً أو فاجراً لو قلت بأن الثوريين في الفترة من 1962م وحتى اللحظة لم يستطيعوا أو بالأصح لم يعملوا أو يهيئوا مناخاً لإنتاج مشروع يحقق أهداف الثورة ويحمي مكتسباتها دونما غرق في تجريب التصحيح بالمجرب وبالملوث واستدعاء تجارب وصيغ تجعل من قضية التقدم مشكلة ،ومن الوحدة أزمة ، ومن الاحتراب والانفصال حلاً ، ومن استدعاء ظلمة وطغاة الأرض علامة للجودة السياسية وليس للسقوط الوطني والأخلاقي.
وأما وقد تجاوزنا خبل التفريط بأهداف الثورة إلى بيع اليمن في مزاد التكالب والصراع الإقليمي الدولي حيث تقصف الربوع اليمنية حتى في ذروة أعيادها الدينية والوطنية فقد وجب إعادة تذكير أدمغتنا السمكية بحقيقة فاجعة كون من يريد معاقبة خصمه الإقليمي يقوم بتدمير اليمن ..! ومن يريد تعزيز انتهازية تصفير الأرصدة وتحريك مصانع السلاح فعليه بقتل اليمنيين ..! ومن يريد الانتصار للمذهب أو الطائفة أو المنطقة فليس أمامه غير إشعال النار في اليمن .. أرواحا ودماء ومنجزات ..!
أعرف أخطاء البكاء في بيت ويوم الفرح ولكن.. لا مفر أو ملجأ من التذكير بالأمور المؤلمة.

قد يعجبك ايضا