لننتصر و يعود السفر سياحة
عبدالوهاب محمد شمهان
في وقت تتماسك فيه الأيدي المتساقطة من زمرة العدوان وتحالفه المتكالبة على اليمن في هذه الأيام من أجل أن تعمل على إعادة رسم شكل مجسد لها أمام العالم وهي تفرض قهرا وإجباراً وإذلالا على المواطن اليماني بمنعه من السفر إلا عبر مطار عدن وبحجة خدمته وأمنه واستقراره وهي بذلك تعرضه لصنوف مختلفة من مخاطر السفر بين صنعاء وعدن في ظل العدوان الذي تجاوز كل حدود القيم والخطوط الحمراء إلى جانب تعرض أهله لحالات نفسية مريعة من حال خروجه من بيته وحتى وصوله مأمنه .
تلك الحالات هي أشد ضغط نفسي لا تحمد عواقبه وفي ظل وضع صحي متدن في عموم اليمن وتؤكد اليونيسف أن العدوان هو المسؤول على ترديه، ثم تفرض الزمرة البائدة على المسافر أنواعا أخرى من الضغوط النفسية والقهرية وبتعنت المتبجح العاجز من خلال تنفيذ إجراءات مختلفة منها تأخير مواعيد السفر من وقت لآخر وفرض المبيت عليه في عدن في وضع لا يعلمه ولا يعلم نتائجه فيظل عالقا ولا قدرة له على الحركة خاصة من لديه أطفال وعوائل وفي أجواء شديدة الحرارة ولا يكاد يحصل على ما يسد به رمقه خشية على نفسه من المغامرة والخروج في وضع لا يدرك مخاطره ، وإذا توفق في السفر وتحت إشراف ورقابة” الشرعية وحماة الشرعية” من القوات الاستعمارية الإماراتية وزمرة العدوان فلا بد له أيضا من المكوث في (بيشة) لتأخذ الإجراءات السعودية حقها في امتهان المواطن اليمني لعدة ساعات.
إنها حالة من التعذيب النفسي الاستخباراتي الأمني الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ العربي والإنساني لمواطنين لهم حقوق السفر الدولية المحرومين منها ومن بعد كل تلك المعاناة يأتي الدور على بقية الأشقاء حسب الرحلة ليأخذوا حصتهم من امتهان العروبة والإسلام ، هذه هي العروبة في ظل العدوان، إما يقتلك ويذبحك ويستهين بكرامتك وأنت صامت ذليل وإما فأنت متمرد مجوسي من عبدة النار ورافضي خارج عن الإسلام، هكذا بكل بساطة وسهولة ويسر ولا يوجد على وجه الأرض من الإسلام إلا أهل العدوان، فأين تقوى الله يا أخوة الإسلام والأرض واللغة والمصير والدين، وكيف تشعلون فتيل حرب مدمرة على اليمن منذ أكثر من سنة ونصف واليمانيين صابرون محتسبون لعل وعسى يحيا الضمير من موته أو يستيقظ من نومه العميق، لكن العدوان يزداد عتوا ونفورا بدافع من نخبة يمنية صارت خيبة على مر التاريخ مخلدة فيه ببيع وطن وسفك دماء والعبث بمقدرات أمة وشعب حتى ملاعب كرة القدم والمدن الرياضية أصبحت هدفا لم تسلم من القصف ليصحوا من هجماتهم المرتبة والمعدة أمريكيا وفقا لخطة أوباما والتي هدفها إعادة اليمن إلى ما قبل القرون الوسطى وعلى أيدي العرب وإن كانوا حلفاء وشركاء ليصحوا في لحظة قصف المدن الرياضية والملاعب الدولية ضمير أحد الداعمين للعدوان كما يتردد ويشجب هذا الاعتداء ولا نقول إلا صحوة يماني من نوم الغفلة عساها تكون صحوة ضمير وشعور بالقهر الذي يجب أن يوقف عند حده .
السفر وحرية السفر خدمات إنسانية في كل الدنيا حتى وقت الحروب إلا في الوطن العربي الذي كان يضرب به المثل في الشهامة والرجولة وتقديم كل عون لكل مسافر عابر أصبح اليوم مثلا يضرب بدمويته وانتزاع إنسانيته وبعده عن سلامة الإسلام وقيمه وأخلاقه وتسامحه ، إسلام أصبحت مبادؤه وقيمه ومعاملاته مطبقة في بلدان غير عربية وغير إسلامية ففي اليابان- مثلا- ثلاث سنوات من الدراسة الأولية يهتمون فيها بتعليم التلميذ آداب التعامل والاحترام والواجبات الملزمة باتباعها طوال عمره ، وفي تلك السنوات الثلاث لا رسوب فيها وإنما ضمان قيمي وأخلاقي ووطني بأن الياباني بدا خطواته الأولى في الحياة بشكل صحيح وسليم ، والعرب والمسلمون لا يعلمون من دين الرحمة والتسامح والمعاملة الحسنة إلا اليسير وإنما يهيؤون أجيالا لتحمل الشدة والقسوة والعنف وسوء التقدير والتدبير .
وهذا ما يجنيه العرب في أوطانهم، كراهية، عصبية، فرقة، طائفية تمزيقا نهبا سلباً اغتصابا سرقة قتلا واقتتالا ونزاع وشتاتاً وعلى مستوى الأفراد والجماعات والأحزابا والحركات والتنظيمات والدول وكل يدعي أنه الفارس وأنه حامي حمى الإسلام وما على من تبقى حيا إلا الولاء والطاعة وإعلان البراء والولاء فله الأرض والسماء والبحار والأنهار والصحراء وما في باطن الأرض وما فوقها ولا قيمة للإنسان الذي عظمه الله وخلقه في أحسن صورة وسخر له من النعم والخيرات ما لا يحصى ومنح عباده جميعا العاصي والطائع الرزق وأسباب الحياة بل ومكنهم في الأرض امتحانا ونصح الطائع وقدم له كل أسباب الخير والفلاح، لكن الشيطان تغلب وسيطر على أكثرهم إلا الأتقياء الصادقين في إيمانهم وتقواهم والتي تنبع من أرواحهم رحمة وسلام ولا تنبع آلاف الغارات وآلاف مؤلفة من القنابل والصواريخ المحرمة البرية والبحرية والجوية وكأنه في ميدان معركة حل فيها طغاة وكفر وليس في أرض الأنبياء والصالحين من شهد لهم الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه وآله بالإيمان والحكمة واللين والأرق أفئدة وهم المدد ومع ذلك وبلا تردد يفتك باليمانيين وبدورهم ومزارعهم وطرقهم حقدا وكراهية فيزرعون بذرة الغضب عليهم والثأر منهم بأيديهم في قلوب لينة رقيقة لكنها شديدة البأس والقوة والمتمرسة على القتال فهم الموت ذاته ذاك هو اليماني في دفاعه عن الكرامة والأرض والعرض ..
هذا هو اليماني الواقع تحت العدوان أمام عالم هو أشد قسوة من الحجر الصلب الأصم، لا يرى إلا مصالحه وليفنى اليماني والسعودي والإماراتي وكل العرب وليظل العدوان مشتعلا وتزيده اشتعالا الأيدي اليمانية التي لم تراع انتماء ولا أخوة ولا ديناً ولا ترى إلا لمعة الريال والدولار والدينار والكرسي الوزاري ولو شكلا وإن سفكت دماء الآلاف . وإن جاء الرد بحكمة ودقة وموجعا صرخ الجميع هذا عدوان التمرد ماليشيات الحوثي وصالح بعدها تتحول المقذوفات إلى صواريخ عابرة للقارات وصنع إيراني .
وتستمر معاناة المسافر اليماني في جميع أنحاء العالم وفي هذا الوضع المتسوف والمجتمع الدولي لا يأبه ولا يحرك ساكنا طالما والمسافر عربي ومن اليمن وليس من جنسه، فإلى متى يظل الاستكبار والحصار البري والبحري والجوي والاقتصادي الذي يتمادى فيه ويفتخر به من يدعون الشرعية ويسعون لمزيد من فرض التجويع والتشريد وتدمير المنشآت التي لا علاقة لها بعودة الشرعية.
إن المسافر يقع في صلب مسؤوليات الدول التي يمر بها بداية من دولته، فإذا فرطت النخب الباحثة عن الشرعية في حقوق المسافر اليماني وهي أقل القليل فماذا بقي حتى يتم الحفاظ عليه.
فرقنا الرياضية الوطنية تقطع المسافات البعيدة بين دولة وأخرى ويصلون وهم في حالة إنهاك كامل من السفر ومع ذلك لم يضع أحد حدا لهذه الغوغائية ، أفراد من فريق الفروسية مع خيولهم أيضا يستهدفهم العدوان وينتقلون شهداء إلى ربهم لهم الرحمة والمغفرة بإذن الله وكان ذلك القصف نهاية لأسفارهم ومعاناة السفر من قبل التحالف وكم من المرضى يعانون مشقة السفر والارتحال البري، فهل سيكون نصيبهم القصف تخفيفا لمعاناتهم ووجع قلوبهم، يظهر أن القصف لدى الشرعية هو قرار الرحمة.
الصبر والمصابرة منا جميعاً ويعود مطار صنعاء مفتوحا بإذن واحد أحد وتعود النفوس إلى استقرارها وتبدأ المرحلة الأولى بإذن الله في إعادة الإعمار لما خلفه العدوان الذي لن ينسى ولننتصر ويعود السفر سياحة .