قرار نقل البنك إقرار بالهزيمة
حسن الوريث
ترافق مع العدوان العسكري على اليمن حصار اقتصادي شامل لمنع دخول الغذاء والدواء وكافة الاحتياجات الأساسية للشعب اليمني إضافة إلى منع التصدير لكل شيء من الغاز والنفط والمنتجات الزراعية والأسماك وكل المنتجات المحلية ولم يكتف العدوان بذلك بل أنه أمعن في تدمير اقتصاد الشعب وضرب الموانئ والمطارات والمصانع وتخويل المرتزقة بسرقة ما تحت ايديهم من البنوك والمصارف والموارد والمنافذ وسحب العملة المحلية واتلافها.
بالطبع فإن العدوان العسكري وتدمير البنية التحتية للشعب اليمني وقتل المواطنين والحصار الاقتصادي وجلب المرتزقة من كل أنحاء العالم لم ينجح في تحقيق الهدف وهو تركيع الشعب اليمني وإعادته للوصاية السعودية وظل الشعب اليمني صامداً وما يزال وسيواصل صموده بل وحقق الجيش واللجان الشعبية انجازات عسكرية كبيرة في كافة الجبهات وتحمل الشعب كل ذلك الحصار ما أثار حفيظة العدوان ومرتزقته الذين شعروا بهزيمة مدوية لحقت بهم حيث أنهم خلال ثمانية عشر شهراً من العدوان والحصار لم يتمكنوا من تحقيق أي هدف من أهدافهم المعلنة وغير المعلنة وجعلهم يتجهون إلى آخر محاولة علهم يحققون من خلالها ما عجزوا عن تحقيقه طوال هذه الفترة فكان قرار نقل البنك المركزي إلى عدن والتي من وجهة نظري سيكون هو المسمار الأخير في نعش العدوان وكذا هادي ومرتزقته ويؤكد الفشل الذريع وخيبة الأمل التي مني بها العدوان.
وبالتأكيد فإن قرار نقل البنك المركزي إلى عدن آخر ورقة يمكن أن يضغط بها العدوان ومرتزقته على الشعب اليمني للحصول على ما لم يستطيعوا الحصول عليه بالعدوان العسكري والمفاوضات ويهدف إلى محاولة خلق بلبلة في صفوف الناس للضغط على القيادة السياسية والوفد الوطني لتقديم تنازلات مقابل التخلي عن هذا القرار، لكن هذا القرار سيضاف إلى جملة القرارات السابقة التي فشلت ولم تحقق أي غرض لكنه بالطبع سيكون له تبعات على العدوان والمرتزقة فالشعب اليمني زاد يقينه أن هذا العدوان الذي يلتبس بالشرعية المزعومة وبمصلحة الشعب اليمني لا يهمه الشعب ومصلحته فهذه ليست سوى شعارات زائفة وأن الهدف الحقيقي هو تدمير اليمن وإبقاء الشعب تحت الوصاية ينتظر ما يجود به بنو سعود له وبالتالي فالرد الشعبي الطبيعي سيكون بالمزيد من التلاحم والصمود والتوجه إلى الجبهات وتنفيذ خيارات ستكون مؤلمة وقاسية على النظام السعودي.
طبعا، لا يجب التعويل على المجتمع الدولي الذي أثبتت الأيام تواطؤه مع النظام السعودي وما الصمت المريع الذي اتخذه المجتمع الدولي تجاه العدوان والحصار إلا دليل قاطع على حجم التواطؤ ولو كان المجتمع الدولي جاداً لم يكن النظام السعودي ليتجرأ على هذا العدوان البربري والحصار الجائر والهمجي وهذا الحال ينطبق على الأمم المتحدة التي تؤكد مواقفها أنها متواطئة بل وعاجزة عن القيام بأي خطوة تثبت عكس هذا الكلام، إذ أنها لو كانت فعلا لديها القدرة على التحرك والقيام بواجباتها كمنظمة دولية ترعى السلام وتقول انها راعية المشاورات بين الأطراف اليمنية لكانت على الأقل تمكنت من إعادة الوفد الوطني العالق في سلطنة عمان منذ أكثر من شهر وبالتالي فلو كان لدى الامم المتحدة والمجتمع الدولي النية لحل الأزمة لكانت منعت السعودية من اتخاذ أي خطوة من هذا القبيل لكنه المال السعودي الذي لعب بالعقول.
مما لاشك فيه أن هادي يعرف قبل غيره أن قرار نقل البنك المركزي إلى عدن لن يتم تنفيذه ولن يستطيع لا هو ولا غيره التواجد في عدن ولو ليوم واحد وحتى من قام بتعيينهم في البنك لن يجرؤوا على استلام العمل في البنك إضافة إلى أن المؤسسات المالية والبنوك والمصارف الدولية والمحلية لن تجازف في نقل عملياتها إلى عدن لعدة اعتبارات أولها انعدام الأمن وتواجد القاعدة وداعش والجماعات المسلحة التي تتناحر فيما بينها وبالتالي فإنها تشكل خطراً على كل من يذهب إلى عدن فما بالك بالمال الذي كما يقال أنه جبان والأهم أن من تسمي نفسها الحكومة الشرعية ممنوع عليها الوصول إلى عدن التي اعلن محافظها الزبيدي ومدير امنها شلال أنها اصبحت عاصمة الجنوب العربي ولا يعترفون بالجمهورية اليمنية وعلمها الذي يتشدق هادي بأنه سيرفعه في مران وهو غير قادر وعاجز عن رفعه في عدن وبالتالي فهذا القرار ولد ميتاً ولن يكون له أي مفاعيل على الأرض ومن هنا يجب على المجلس السياسي الأعلى سرعة اتخاذ الخطوات اللازمة لمعالجة الأوضاع الناجمة عن تداعيات العدوان والحصار وأولها تشكيل الحكومة ولجنة اقتصادية عليا وغيرها من الهيئات والمؤسسات وإدارة المعركة السياسية والإعلامية والعسكرية وتنفيذ خيارات الشعب وقطع الطريق على العدوان ومرتزقته للصيد في الماء العكر.