اليمن.. بين المصالحة السياسية والعفو العام والحاجة لمصالحة اجتماعية!!
معروف درين
عامٌ ونصف العام واليمن تتعرض لأبشع واقذر عدوان في التاريخ الحديث والمعاصر بذرائع وحجج واهية واضعف بكثير من خيط العنكبوت، فمرةً يريدون اعادة الشرعية غير الشرعية وأخرى محاربة المد الفارسي في اليمن وثالثة تطبيق قرارات مجلس الأمن التي صدرت بعد العدوان كغطاء سياسي للتهرب من المساءلة القانونية وبأموال سعودية طائلة, غير أن ذلك لن يحميهم أو يمنع عنهم الملاحقة أمام المحاكم الدولية سوى مؤقتاً فقط ناهيكم عن ردة فعل الشعب اليمني الصابر والمدافع عن أرضه وعرضه أمام التحالف العربي الظالم على موطن العروبة ومهدها الأول يمن الإيمان والحكمة.
صحيح أننا الآن نعيش تحت وطأة الحصار والخراب والدمار والقتل والاغتيالات والتفجيرات والقصف البري والبحري والجوي إلا أن ذلك لن يدوم طويلاً ولا بد أن تنتهي هذه الحرب الهمجية التي ليس لها ما يبررها ويدعم استمرارها ولا بد أن ينتصر الحق وأهله شاء من شاء وأبى من أبى, وربما يكون جنيف1 و2 والكويت 1و2 بداية الطريق إذا توفرت النوايا واكتفى المشرعون للعدوان والمتمصلحون منه بأكثر من 10 آلاف قتيل مدني وأكثر من30 ألف جريح حسب تقرير الأمم المتحدة نفسها مع أن العدد الحقيقي اكبر من ذلك بكثير إضافة إلى تدمير كل المنشآت والبنى التحتية العامة منها والخاصة وتشريد أكثر من 3 ملايين مواطن وتجويع ضعف هذا العدد!!
نعم ستنتهي الحرب عاجلاً أم آجلاً شريطة أن يعي أبناء اليمن ويدركوا العدو الحقيقي لهذا الوطن الذي يسعى طوال العقود الماضية إلى زرع الخلافات والاحقاد والضغائن وشراء الولاءات، وعلى قادة السعودية أن يستجيبوا للعقل والمنطق ولا يتركوا الكبر والغرور يتحكم في مصيرهم بل وسقوط دولتهم بسبب سياستهم غير السوية في المنطقة بشكل عام واليمن بشكل خاص, كما أن على السعودية أن تجلس مع اليمنيين على طاولة الحوار كطرف ثانٍ وليس هادي وجماعته في فنادق الرياض الذين لا يملكون شيئاً وليسوا هم طرفاً في الحرب على اليمن فهادي نفسه يقول أنه لا يعرف شيئاً عن عاصفة الحزم فقط هم مجرد عملاء وخونة “وشاهد ما شفش حاجة.”
أي نعم هناك مساع تبذل من قبل الامم المتحدة وبعض الدول لإنهاء الحرب على اليمن من خلال الحل السياسي كون الحل العسكري مستبعداً وغير قابل للتحقيق, وفي غضون ذلك وقبل أن تبدأ جولة المفاوضات الجديدة وقبل أن يُحدد مكانها وزمانها رأينا المجلس السياسي الأعلى يبادر ويدرس استصدار قرار العفو العام والإعلان عنه قريبا لإتاحة الفرصة أمام المغرر بهم للعودة إلى جادة الحق الصواب والوقوف بصف الوطن والتخلي عن الولاءات والمصالح الضيقة التي لا تخدم سوى اعداء الوطن في الداخل والخارج الذين سيخسرون الرهان ويندمون حيث لا ينفع الندم ولا الأموال المدنسة ستمنع الشعب اليمني من القصاص منهم ما لم يستغلوا هذه الفرصة الذهبية المتاحة أمامهم.
بيد أن حديثنا عن المصالحة السياسية والجلوس مع السعودية على طاولة واحدة وقرار العفو العام يستدعي منا الحديث عن المصالحة الاجتماعية كضرورة مُلحة خصوصاً في هذه الآونة وهذه الأيام الصعبة والحرجة في حياة الشعب اليمني, لأن العدو كما اسلفت قد عمل جاهداً ومنذ عقود على اتباع سياسة فرق تسد وشراء الولاءات وعمل على ضرب النسيج الاجتماعي وعلى زرع الخلافات المختلفة واحياء المذهبية والطائفية والعنصرية والعرقية وجند لذلك الكثير من الاموال والبشر وهو ما نراه اليوم على ارض الواقع من خلال الحروب والصراعات الداخلية وتحت أكثر من مسمى, فهناك انصار الشريعة وهناك الحراك المسلح وهناك جماعات تتبع تنظيم داعش أو ما يسمى داعش وهناك من يقتل اخوانه واهله تحت مسمى المقاومة ولا ادري أي مقاومة هذه التي تغض الطرف عن الاعداء والعدوان وتشمّر أمام الأهل والأخوان وهذا يذكرني بقول الشاعر عمران بن حطان:
اسدٌ عليّ وفي الحروب نعامةً ربداءً تجفل من صفيِر الصافر
على اية حال على كل المفكرين والنخب السياسية والاجتماعية والثقافية والقطاع التربوي والتعليمي والوجهاء والمشائخ والعلماء ووسائل الإعلام المختلفة القيام بدورهم في هذا الجانب وذلك من خلال اعداد مصفوفة وطنية للمصالحة الاجتماعية تتبانها القيادة السياسية في اليمن لتجاوز كل ما خطط له اعداء الوطن والامن والاستقرار على مدى عقود كثيرة بحيث توزع الادوار والمهام على مختلف الجهات ليعود أبناء اليمن إلى سابق عهدهم ومجدهم اخوانا متحابين متعايشين يجمعهم الولاء لله ثم للوطن, فهل نرى ذلك قريباً على ارض الواقع لنفوت الفرصة على اعداء اليمن, أم سنظل نتباكى ونترك الاعداء ينخرون في الجسد اليمني دون أن نواجهم ونقطع الطريق امامهم من خلال تبني المصالحة الاجتماعية فبل السياسية إن امكن؟!
marouf-dareen-new.jpg777