
تحقيق/عبدالله الخولاني –
تنهض الدول بالعلم وحدهþ مقولة تعطي الوصفة للحكومات والشعوب إذا أرادت التطور وحجز مقعدها في عالم القرية الصغيرة لكنها بالطبع لا تنطبق على واقع التعليم في اليمن بل من قال هذه العبارة لوكان خريجا من إحدى الجامعات اليمنية لكان له رأي آخر ليس تجنياٍ بل هو واقع نلمسه ونعيش تفاصيله في حياتنا اليومية فمن المفارقات العجيبة أن تظل مناهجنا التعليمة تعتمد على التلقين بل والطامة الكبرى أنها نفس المناهج التي كانت تدرس في السبعينات والثمانينات لازلت تدرس في 2013م وهوما يجعلنا نطرح عدة تساؤلات في غاية الأهمية ماذا جرى للتعليم المتوسط والجامعي في اليمن ¿ وهل مخرجات التعليم وسوق العمل أصبحتا في خصام ¿ ولماذا غابت جودة التعليم في هذه المؤسسات وأصبحت مجرد فقاسات للعاطلين¿ ولماذا يتواصل التدهور بلا توقف في مستوى الأداء للمؤسسات التعليمية سواء كانت حكومية أو خاصة.
التعليم في اليمن يحتضر وسيلفظ أنفاسه الأخيرة واذا لم يحصل تدخل جراحي مستعجل من قبل الدولة بكل مكوناتها يعيد اعتبار المؤسسات التعليمية ويجعلها مواكبة للعصر واحتياجات التنمية فمن غير المعقول أن دولة مثل اليمن يتجاوز سكانها 25مليون نسمة وهي تفتقر لكوادر مؤهلة بل من العار أن نجد الشركات النفطية والبنوك والمستشفيات وحتى الجامعات في اليمن تستعين بكوادر من الخارج ونحن ثروة بشرية نصفها من الشباب ,حتى سوق العمل في دول الجوار تغيرت احتياجاته من العاملة التقليدية غير الماهرة إلى العاملة العصرية المزودة بمهارات التقنية واللغة والحاسوب وغيرها من علوم العصر فهل يوفرها نظامنا التعليمي القائم والإجابة معروفة للجميع وهي مقاربة مفادها أن إصلاح التعليم في اليمن اصبح ضرورة لتلبية متطلبات سوق العمل وهي عملية ليست معقدة أو مكلفة مالياþ,þ لكنها تتطلب الاعتراف بسوء نظامنا التعليميþ,þ مع الاستعداد لتغيير السياسات التعليمية بشكل جذري ولكن من أين نبدأ¿ وكيف نضع التشريعات والاستراتيجيات والسياسات التي تعمل على تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.
مراجعة شاملة
الدكتور عبدالعزيز مهيوب يؤكد على أهمية إجراء مراجعة وتقييم شامل لكافة السياسات والخطط والأهداف والاستراتيجيات والتشريعات المتعلقة بالنظام التربوي التعليمي بهدف الاستفادة من الأخطاء السابقة وإحداث تغيير جذري شامل في كل ما يتعلق بهذا النظام بدءا بأعاد النظر في مراحله ونوعيته وبنيته وأهدافه وفلسفته وتنظيماته وتجهيزات ومحتويات مناهجه والعاملين فيه وأساليب وطرق تقييمه وتقويمه وعلاقاته بحاجات المجتمع ومطالب التنمية وسوق العمل وغيرها .
حاجات المجتمع
ودعا إلى ربط التعليم بالتنمية وبحاجات المجتمع من العمالة الماهرة غير أن هذا يستوجب أولا من الساسة ورجال الفكر ورجال التربية وكافة التنظيمات السياسية اليمنية ومؤسسات المجتمع المدني وكافة فئات المجتمع ومؤسساته تدارك الوضع للخروج من المأزق الذي يعانيه النظام التربوي التعليمي الحالي بمختلف مراحله وأنواعه .
وأضاف: في الوقت الذي نجد فيه سوق العمل بأمس الحاجة للعمالة الماهرة الفنية والتقنية نجد مؤسسات التعليم الحالية تضخ أعداداٍ هائلة من المتعلمين لا يحتاج إليهم سوق العمل وباتوا يشكلون بطالة إضافية إلى البطالة التي يعاني منها المجتمع.
التعليم متهم
النظام التعليمي القائم في اليمن متهم بتعقيد مشكلة البطالة في أوساط الخريجين فهو تعليم تقليدي ولا يتواكب مع متطلبات سوق العمل المحلية والخارجية كما يصفه المجلس الأعلى لتخطيط التعليم , مؤكدا أن مناهج التعليم لا تعمل على تنمية المهارات واكتشاف المواهب مما يجعل الشاب يضل طريقه إلى كلية لا تناسب مهاراته ولا يستطيع أن يحقق بها النجاح الذى ينشده ومن ثم يؤثر ذلك على قدراته الإنتاجية بعد التخرج وإلى تخبطه إلى حد كبير حتى يصل لما يحب عمله .هذا التشخيص لواقع التعليم في اليمن الذي كان من المفترض أن يكون طوق نجاة للكثير من طوابير العاطلين جعل مجلس تخطيط التعليم يطلق تحذيرا لكل المعنيين بضرورة إعادة النظر بواقع التعليم بأسرع وقت ووضع استراتيجية متكاملة لتوجيه الجامعات والمعاهد نحو متطلبات سوق العمل وغير ذلك لن تكون المعالجات مجدية.
الجودة
أصبحت الجودة الآن محور اهتمام الحكومات باعتبارها ركيزة أساسية لنموذج الإدارة الجديدة التي تتيح مواكبة المستجدات العالمية من خلال مواكبة المتغيرات الدولية والمحلية من أجل التكيف معهاþ طبقا الخبير الإدارة الدكتور محمد كليب كونها تعتمد على تطبيق أساليب متقدمة لإدارة الجودة وتهدف إلى التحسين والتطوير المستمر وتحقيق أعلي المستويات الممكنة في الممارسات والعمليات والنواتج والخدماتþ ,وعلى صعيد المجال التعليمي انطلقت المؤسسات التعليمية الكبرى ممثلة في الجامعات لتبني مفاهيم الجودة الشاملة وتطبيقها بهدف العمل على التحسين المستمر في المنتج التعليمي ومخرجات العملية التعليميةþ,þ وأيضا رفع كفاءة العاملين بها بما يضمن الحصول علي خريجين لديهم المعارف الأساسية التي تؤهلهم على التنافس في كافة المجالات بكفاءة عالية وتضمن لهم الالتحاق بسوق العمل دون أي صعوبات والكلام متروك للدكتور كليب .
أزمة
ويضيف: كما اعتمدت الجودة الشاملة على توفير الأدوات والأساليب المتكاملة التي تساعد المؤسسات التعليمية علي تحقيق نتائج مرضية معتمدة على وضع قاعدة عريضة من المعلومات والمؤشرات التي تمكن كافة المؤسسات وواضعي القرار من الوقوف على مؤشرات القصور والقوة داخل المؤسسة التعليميةþ.þ
ويرى كليب أن أزمة التعليم في اليمن وصلت إلى مستوى يفرض مراجعة جذرية للنظام التعليمي من أجل رفد سوق العمل بالخريجين المؤهلينþ.þ
ردم الهوة
اقتصاديا يؤكد الخبراء أن هناك علاقة استراتيجية وثيقة بين مؤسسات التعليم وعملية التشغيل تحكمها العلاقة بين العرض والطلب في سوق العمل طبقا للدكتور علي العاضي ومن هنا يمكننا القول أن استراتيجيات وسياسات التعليم إذا ما تم ربطها بشكل ممنهج مع احتياجات الاقتصاد الوطني وتوجهات سوق العمل فإن ذلك الربط سوف يعمل دون شك على ردم الهوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل وبالتالي الحد من البطالة ومن هذا المنطلق يمكننا القول أن التعليم يلعب دورا محوريا في أي سياسات أو خطط أو برامج تستهدف تحقيق الإصلاح الاقتصادي من أجل أهداف التنمية المستدامة.
خريجون عاطلون
يبدو أن معدلات البطالة ترتبط بعلاقة عكسية مع مستوى التعليم حيث ترتفع إجمالا بين غير المتعلمين مقارنة بالمتعلمين. وبين المتعلمين يرتفع معدل البطالة بين الحاصلين على تعليم متوسط مقارنة بالحاصلين على تعليم أقل (تعليم أساسي) وكذلك بالحاصلين على تعليم جامعي أو أعلى. فقد شكل العاطلون غير المتعلمين (أمي أو يقرأ ويكتب) حوالي 55.1% من إجمالي العاطلين مع تقارب نسبة الذكور (55.2%) مع نسبة الإناث (54.7%) يليهم العاطلون الحاصلون على تعليم ثانوي ودبلوم بعد الثانوية وذلك بنسبة (20.5%) مع تفاوت بسيط بين بين نسبة الذكور (19.6%) والإناث (22.9%). وكانت نسبة العاطلين ذوي التعليم الأساسي ودبلوم قبل الثانوية (19.4%) مع ارتفاع نسبة الذكور إلى (21.2%) مقارنة بنسبة الإناث (14.9%). في المقابل يبدو أن نسبة المتعلمين الجامعيين والتعليم العالي كانت هي الأقل (4.7%) مع ارتفاع نسبة الإناث العاطلات (7.3%) مقارنة بنسبة العاطلين الرجال (3.7%).