” بيعة السبعين ” تجديد شعبي لمجلس النواب ..
أحمد يحيى الديلمي
على خلفية حوار مستفيض دار في أحد مقايل صنعاء المشهورة بالحضور النوعي وتعدد مشارب من يترددون على نفس المقيل كان لابد من الاستعانة بفقهاء الدستور ومراجع القوانين النافذة في الجمهورية اليمنية خاصة أن النقاش تمحور حول نقاط هامة تتصل بالواقع الحياتي بعد مضي سنة وثمانية شهور من العدوان السعو أمريكي الهمجي السافر وإصرار البعض على التشكيك في سلامة ومشروعية الخطوات التي أقدمت عليها القوى السياسية ممثلة في تشكيل المجلس السياسي الأعلى وإعادة الحياة إلى شرايين مجلس النواب المؤسسة الدستورية المستمدة حضورها وقوة قرارها من إرادة الشعب التي يترجمها الناخب اليمني عبر صناديق الاقتراع .
والهدف صياغة رؤية وطنية صادقة تترجم نصوص الدستور والقوانين كما هي ثابتة بعيداً عن الاجتهادات الخاطئة والتفسيرات النفعية المحكومة بالرغبات الذاتية والآفاق الضيقة المخالفة للإرادة الشعبية استناداً إلى قول الخالق سبحانه وتعالى ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) صدق الله العظيم .
وقد استجاب أحد أهل الذكر وهو أستاذ قانوني معروف للطلب وأجتهد لتفسير ما حدث مؤيداً كل خطوة بالنصوص الدستورية على النحو التالي :
• قرر دستور الجمهورية اليمنية في المادة الرابعة منه ” إن الشعب مالك السلطة ومصدرها ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة كما يزاولها بطريقة غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلي ..
كما أن الدستور قد قرر بأن يقوم النظام السياسي للجمهورية اليمنية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً . ” المادة رقم 5″ ووفقاً لمدلول نفس المادة قام المؤتمر الشعبي العام وشركاؤه من الأحزاب الأخرى وأنصار الله وشركائهم من الأحزاب بالاتفاق على إنشاء المجلس السياسي الأعلى . ليقوم بإدارة الدولة سياسياً وفقاً للدستور ورفع الحمل الثقيل عن كاهل اللجنة الثورية التي أدارت شئون الدولة وسد الفراغ على إثر ما قام به الخائن عبدربه منصور هادي بتوجيهات من أسياده الأمريكان والإنجليز وذنبهم السعودية . من إجبار بحاح رئيس الوزراء في حينه على تقديم استقالته إليه وقام هو الآخر بتقديم استقالته مع استقالة بحاح إلى مجلس النواب الذي انتهت ولايته المنقوصة بموجب المبادرة الخليجية التي نظمت الفترة الانتقالية وحددت مدتها بعامين تنتهي في 21 فبراير 2014م وبانتهائها انتهت ولاية الخائن عبدربه منصور هادي . فقدم الاستقالة نهاية ولايته التوافقية كي يدخل البلاد في أزمة سياسية دستورية علماً أنه لم يقم بما كلفته به المبادرة الخليجية في المادة (21) من الآلية التنفيذية الـمُزمنة للمبادرة كما أن مجلس النواب نتيجة لعدم قيام هادي بالمهام الموكلة إليه لم يتمكن من القيام بالمهام الموكلة إليه أيضاً بموجبها. وبانتهاء مدة الفترة الانتقالية انتهت القيمة الدستورية للمبادرة التي اكتسبتها بموجب مصادقة مجلس النواب عليها وبموجب الانتخاب لرئيس الجمهورية . وبانتهاء الفترة الانتقالية مدة السنتين التي صرح مجلس الأمن بمنع تمديدها في أحد قراراته الصادرة خلالها ولم تَعقب هروب عبدربه يمكن توصيف ولاية هادي من تاريخ انتخابه لمدة السنتين بأنها : 1- شبه دستورية لمدة عامين . 2- توافقية منقوصة لمدة عام . 3-إجرامية من تاريخ هروبه وحتى اليوم . وحيث قامت اللجنة الثورية مشكورة بعد فرار هادي بإدارة أمور البلاد والمحافظة عليها ومواجهة العدوان .
فإن الفترة من تاريخ قرار الخائن هادي إلى تاريخ السبت 20/8/2016م منقطعة الصلة بالنسبة للمجلس لأنه لم يمارس مهامه الدستورية كون البلاد تدار بشرعية ثورية من التاريخ المذكور وبعد اليوم الوطني المشهود الذي تم فيه البيعة الشرعية الكبرى والاستفتاء الشعبي على إنشاء المجلس السياسي الأعلى. بطريق لم يشهد التاريخ له مثيلاً في أي منطقة من العالم . وهي بيعة طبق الشعب اليمني فيها ما قرره الدستور في المادة الرابعة آنفة الإشارة إليها . وهي البيعة التي تمت في العاصمة صنعاء بميدان السبعين والمناطق المجاورة له . إجماع شعبي منقطع النظير واستمر في العديد من المحافظات في أيام أخرى تالية ليوم 20 /8 2016م . ولم يتوقف الأمر على القاعدة الشرعية التي تقرر بأن الحاضر في البيعة شاهد على غير الحاضر والإلزام الشرعي لها ملزم لكافة آثاره الشرعية على الشعب اليمني بكامله وهو ما يحتم على الدول الأخرى احترام إرادة الشعب الصديق منها والعدو . بعد أن تحقق في هذه البيعة ركناها الشرعيان الّلازمان لها المنصوص عليهما في المادة (107) من الدستور ، الأول ركن الاختيار ” الترشيح ” والتزكية إذ تم ترشيح المجلس السياسي وفقاً للمادة (107)/ البنود “ب ، جـ ، د ، هـ ، و ” من الدستور ومن ثم قام مجلس النواب بتزكية جميع أعضاء المجلس السياسي الأعلى تمهيداً لإجراء الاستفتاء وانتخابهم وهو الركن الثاني للبيعة المنصوص عليه في البند ” أ ” من المادة “107” من الدستور آنفة الذكر . وهذا يعني أن الشعب وافق على استبدال عبارة المجلس السياسي الأعلى بدلاً عن عبارة رئيس الجمهورية وفي ذلك تعديل للدستور فيما يخص منصب رئاسة الجمهورية من رئيس فرد إلى رئاسة المجموعة . على نحو ما تم الاتفاق عليه وهذا التعديل يستوجب استبدال عبارة المجلس السياسي الأعلى في كل نص من الدستور أينما وجدت عبارة رئيس الجمهورية .
وبناءً على الاستفتاء والإجماع الشعبي أصبح منصب رئيس الجمهورية في الدستور رئاسة المجموع وليس الرئيس الفرد . ونحن لا ندخل في تفاصيل آثار الاستفتاء في جميع الأمور بل نقصر حديثنا على ولاية السلطة التشريعية “مجلس النواب”، كما يلي :-
لما كان الدستور قد حدد في المادة (62) منه تأليف مجلس النواب من ثلاثمائة عضو وعضو ينتخبون بطريق الاقتراع السري العام الحُر المباشر ، وقسم مناطق الجمهورية إلى دوائر انتخابية متساوية من حيث العدد السكاني . ونظراً لظروف العدوان والحصار وتعذر إجراء انتخابات فقد تم تكليف مجلس النواب الحالي وهو تكليف ضمني يجعل الاستفتاء ولو بيوم واحد من الشعب عبر الاستفتاء لمباشرة مهام مجلس النواب ، وفي يوم الاستفتاء الشعبي العام تم إسناد الولاية لممارسة مهام السلطة التشريعية إلى مجلس النواب الحالي . وهي تولية شعبية جديدة للمجلس أبلغ في قيمتها الدستورية من الانتخاب – من قبل بعض الناخبين – وهي تعتبر بذلك ولاية جديدة للحفاظ على الوحدة إلى حين استقرار الأمور وإجراء الترتيبات اللازمة وفقاً لمخرجات الحوار وإعداد دستور جديد وقانون انتخاب جديد يتم على ضوئهما إجراء الانتخابات وفقاً لهما . ولصد ومنع دول العدوان من القدرة على التحرك في مجال تكوين السلطة التشريعية . ونظراً لكون الاستفتاء الشعبي قد جرى في ظل ظروف غير عادية وعدوان همجي سافر ، ونظراً لكون بعض أعضاء مجلس النواب كان لهم جزء من المشاركة في هذا العدوان الذي استهدف دماءنا ، وبُنيتنا ، واقتصادنا فإن هذه التولية محرمة عليهم ، إذ المطلوب إحالتهم إلى المحاكم التي يتبوأ تسييرها قضاة وطنيين يتقون الله ويألمون لما يقع على هذا الوطن وليس قضاة الدفع المسبق . ومعنى ذلك أن الشعب زكى مجلس النواب منحة الولاية الجديدة في عدده المتوفر حالياً خارجاً من أعضاء المجلس الموالين للعد وان . لأن الشعب لا يولي من ساهم في سفك دمه وعلى المجلس الحالي شطب أسماء الأعضاء الخونة وإن لم يفعل ذلك فإنه سيتحمل الإثم العظيم عند الله لأنها تولية جديدة . لا عمل فيها للمسار السياسي . والشعب اليمني راضٍ بأن يؤدي العدد الحالي من أعضاء مجلس النواب مهامه الدستورية وأن القبول بالخونة موجب للمساءلة القضائية وأن في الاستفتاء الشعبي تعديلاً لنص المادة (62) آنفة الإشارة إليها من الدستور في عدد أعضاء مجلس النواب شأنه شأن تعديل منصب رئيس الجمهورية . وأن في تولية مجلس النواب تولية جديدة قيمة دستورية له أعظم من الانتخاب وكونها مستندة للأعضاء المؤمنين بقضية وطنهم الرافضون للعدوان والذين لم يقبلوا بسفك دماء الشعب اليمني ، كما أن البعض منهم قد وقع عليه جرم العدوان وسفك الدماء وأختم بقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حيث قال ( فليس شيء أدعى للنقمة نقمة المولى ولا أعظم لتبعه ولا أحر بزوال نعمة وانقطاع مده من سفك الدماء بغير حلها والله سبحانه وتعالى مبتدءاً بالحكم يوم القيامة فيما تسافكوا من الدماء) .
شكراً لأستاذ القانون المجتهد وأتمنى أن يستقر هذا الكلام في أذهان جميع اليمنيين وعلى جه الخصوص أولئك الذين أضحى العناد مرض وحالة نفسية سببها فقدان المصالح الذاتية وطالما أن كل شيء يستند إلى الدستور والقوانين النافذة معززرة بإرادة الشعب العارمة فإن القافلة ستمضي مهما تعاظم النباح .
والله من وراء القصد …