التعليم الجامعي..ارتـفـاع فـي الـكـم وتـراجـع فـي الــكيـف

 -  رغم أن التعليم الجامعي شهد تطوراٍ كمياٍ خلال العقود الماضية إلا انه في المقابل شهد تدهوراٍ في الكيف الأمر الذي أدى إلى نشوء اختلالات عديدة وتزايد الفجوة بين مخ

رغم أن التعليم الجامعي شهد تطوراٍ كمياٍ خلال العقود الماضية إلا انه في المقابل شهد تدهوراٍ في الكيف الأمر الذي أدى إلى نشوء اختلالات عديدة وتزايد الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل كما تفاقمت أوضاع الجامعات منذ ثورات الربيع بسبب تداخل السياسية بالعلم ما أدى إلى تزايد الاعتصامات من جهة وتفاقم الخلافات بين أعضاء هيئة التدريس وقيادات الجامعات وبينهم جميعاٍ وبين الطلاب من جهة أخرى . والسؤال متى تنأى الجامعات اليمنية عن الحزبية وتتفرغ لأداء رسالتها العلمية باعتبارها صرحاٍ علمياٍ شامخاٍ ¿وهل آن الأوان لإبعاد هذا الصرح العلمي عن السياسة ¿

مؤشرات الإلتحاق
ارتفع عدد الملتحقين بالتعليم الجامعي من نحو (200853) ملتحقاِ في 05/2006م , إلى نحو (267452) ملتحقاِ في 10/2011م بنسبة زيادة قدرها (33.2%). ويمكن تجزئة تحليل بيانات الملتحقين وفقاِ لكل من النوع ومجال التخصص وملكية الجامعة(حكومية خاصة), بين عامي 05/2006م و10/2011م على النحو التالي:
أ. الملتحقون بحسب النوع:
بحسب تقرير المجلس الأعلى لتخطيط التعليم فقد ارتفع عدد الملتحقون الإناث من نحو (54631) ملتحقة يوازي (27.2%) من إجمالي الملتحقين في 05/2006م, إلى نحو (80012) ملتحقة يوازي (29.9%) في 10/2011م, غير أن الحصة النسبية للملتحقات الإناث قد ارتفعت, بينما انخفضت الحصة النسبية للملتحقين الذكور من (72.8%) إلى (70.1%) بين العامين ذاتهما ويْشير ذلك إلى أن معدل النمو في عدد الملتحقات الإناث أكبر من معدل النمو في عدد الملتحقين الذكور خلال العامين.
ب. الملتحقون وفقاٍ لمجال التخصص:
يتوزع الملتحقون في الجامعات كافة بين عامي 05/2006 و 10/2011, على مجالات التخصص الرئيسة الثلاثة, على النحو الآتي:
– مجال كلية التربية: بلغ عدد الملتحقين في 10/2011, نحو (70068) ملتحقاٍ, بانخفاض بلغ نحو (3324) ملتحقاٍ وبنسبة انخفاض بلغت نحو (4.5%) عن عام 05/2006م , مما يشير إلى انخفاض الحصة النسبية للملتحقين بكلية التربية, من نحو (36.5%) في 05/2006, إلى (26.2%) في 10/2011. ومصدر الانخفاض هو انخفاض الملتحقين الذكور بنحو (8074) طالباِ بينما ارتفع عدد الملتحقات الإناث بنحو (4750) طالبة وهو ما يشير إلى ارتفاع فرص التحاق الإناث بكلية التربية وتراجعها بالنسبة للذكور فضلاِ عن تراجع رغبة الذكور في الالتحاق بكلية التربية لاسيما مع تراكم أعداد كبيرة من متخرجيها ضمن المسجلين في وزارة الخدمة المدنية والتأمينات للحصول على وظائف.
– مجال التخصصات الإنسانية: بلغ عدد الملتحقين بالكليات الإنسانية, نحو (129159) ملتحقاٍ في 10/2011م, بزيادة بلغت نحو (40286) ملتحقاٍ عن 05/2006م, وبنسبة زيادة بلغت نحو (45.3%) مما أدى إلى ارتفاع الحصة النسبية للملتحقين بالكليات الإنسانية, من نحو (44.2%) إلى (48.3%) بين العامين. وتتوزع الزيادة في عدد الملتحقين بين الذكور بنحو (38.5%) والإناث بنحو (67.1%).
– مجال التخصصات التطبيقية: بلغ عدد الملتحقين بالكليات التطبيقية, نحو (63328) ملتحقاٍ, بزيادة بلغت نحو (25068) ملتحقاٍ عن 05/2006م, وبنسبة زيادة بلغت نحو (65.5%), مما يشير إلى ارتفاع الحصة النسبية للملتحقين في الكليات التطبيقية من نحو (19%) في 05/2006م, إلى (23.7%) في 10/2011م. غير أن الحصة النسبية للإناث في هذه التخصصات انخفضت من (28.2%) إلى (25.3%) بين العامين لصالح الذكور وبنسبة انخفاض بلغت نحو (2.88%) ويعود ذلك كما يْعتقد إلى العوامل الاجتماعية والاقتصادية ذاتها التي تدفع باتجاه ارتفاع عدد الملتحقين الذكور.
وطالما أن التحليل يتعلق بالملتحقين وفقاٍ لمجال التخصص, فيْشار إلى أن هناك (14) قسماٍ علمياٍ في كليات التربية والآداب والفنون, لا يتجاوز عدد الملتحقين بكل منها في المستويات الدراسية الأربعة نحو (50) طالباٍ فقط ومنها تخصصات الفلسفة والتاريخ والجغرافيا وبعض تخصصات الإعلام والفنون, كما أن هناك (27) قسماٍ علمياٍ في الكليات التطبيقية, يقل عدد الملتحقين في كل منها عن (40) طالباٍ في المستويات الدراسية الأربعة ومنها معظم تخصصات كلية الزراعة وتخصصات كلية العلوم البحرية, بل أن عدد أعضاء هيئة التدريس في أحد الأقسام أكثر من عدد الملتحقين فيه ويْعد ذلك أحد الأدلة الواضحة على عدم وجود الحد الأدنى من مستوى التخطيط للقبول والالتحاق في الجامعات, كما يَشير أيضاٍ إلى عدم اكتراث الجامعات وكلياتها للموازنة بين المنافع والتكاليف من نشاط الكلية أو القسم العلمي, ومن ثم عدم الاكتراث لأي مستوى تتجاوز فيه التكاليف كثيراِ المنافع من نشاط القسم العلمي أو الكلية.
3- مؤشرات الملتحقين بالجامعات الحكومية بحسب نظام القبول :
يْقصد بنظام القبول عدد من القواعد والتعليمات التي تحدد للجامعات الحكومية, شروط قبول الطلاب وضوابطه, وفقاٍ لعدد من الحالات هي: القبول وفقاٍ للنظام العام (العادي) , والقبول وفقاٍ للنظام الموازي , والقبول وفقاٍ للنفقة الخاصة , والقبول وفقاِ لنظام التعليم عن بعد.

ويشر التقرير إلى
أن عدد الملتحقين في الجامعات الحكومية ارتفع بين عامي 06/2007م و 10/2011م بنحو (17145) ملتحقاٍ , بنسبة زيادة بلغت (9.1%) عن 06/2007م وبمعدل نمو سنوي بلغ في المتوسط (2.2%) , في حين بلغ معدل النمو السنوي للنظام الموازي (13.1%) , بينما بلغ في نظام النفقة الخاصة (15.5%) وفي نظام التعليم عن بعد وصل هذا المعدل إلى (18.2%) خلال الخمس السنوات الماضية بينما لم يتجاوز معدل النمو السنوي في النظام العام (0.1%) خلال نفس الفترة.
ويعني ذلك بعبارة أخرى , أن نسبة الملتحقين وفقاٍ للنظام العام , قد انخفضت من نحو (85.5%) من إجمالي الملتحقين في العام 06/2007م , إلى نحو (78.6%) في العام 10/2011م , مقابل ارتفاع نسبة الملتحقين في نْظْم القبول الأخرى لاسيما نظامي الموازي والنفقة الخاصة والتعليم عن بعد من نحو (14.5%) إلى (21.4%) بين العامين ذاتهما. ويْستدل من تلك المؤشرات , إلى تشدد الجامعات الحكومية غالباٍ في نظام القبول وفقاٍ للنظام العام , وتساهلها في تطبيق شروط القبول وضوابطه في بقية النظم الأخرى الموازي والنفقة الخاصة والتعليم عن بعد , بغرض زيادة إيراداتها الذاتية , وهو أمرَ تؤيده الملاحظات الظاهرة في عملية القبول سنوياٍ , على الرغم من أنه لا يتم إنفاق تلك الإيرادات على نحو يتسم بالكفاءة والشفافية بما يخفف العبء على الموازنة العامة للدولة ويْسهم في توفير مستلزمات عملية التعليم الجامعي. ويتضمن إصدار العام السابق من مؤشرات التعليم للعام 09/2010م تحليلاٍ مْفصلاٍ نسبياٍ عن هذا الموضوع.
وفضلاٍ عن ذلك, يمكن أن يستفاد من مؤشرات أعداد الملتحقين في الجامعات الحكومية والخاصة, للاستنتاج بأن هناك ما يزيد عن (105) آلاف ملتحق في التعليم الجامعي , يتحملون معظم الأعباء المالية للدراسة, وهم يمثلون الملتحقين في نظم القبول الأخرى (الموازي والنفقة الخاصة والتعليم عن بعد) في الجامعات الحكومية والملتحقين في الجامعات الخاصة , وبنسبة تبلغ (39.5%) من إجمالي الملتحقين في الجامعات كافة وهذه النسبة مرشحة للارتفاع في السنوات المقبلة. ويمكن الاستنتاج من ذلك أن نظام التعليم الجامعي في اليمن يتجه قدماِ ليكون أكثر تحيزاِ للأغنياء ومرتفعي الدخل وضد الفقراء ومحدودي الدخل ما لم تتخذ سياسات مناسبة لتجنب ذلك.

قد يعجبك ايضا