رسائل العيد الرابع

علي أحمد جاحز
نشعر الآن أننا الشعب الأكثر صلابة وصبرا في العالم، والأكثر حكمة وسماحة وطيبة في الوقت ذاته، يأتي العالم كله ليصب أحقادا جمة علينا ومع ذلك نتعاطى مع كل ذلك العداء والحقد بكل رقي، نرد عليه في ميادين المواجهة في الوقت الذي يأتي ليقتلنا في منازلنا ومدارسنا ويتعمد حصارنا وتجويعنا وقتلنا بالأزمات المفتعلة، وفي مقدورنا بما نمتلكه من امكانات أن نستهدف المدن السعودية مثلا ونقتل المدنيين كما يفعلون، لكنها الحكمة اليمانية والصبر اليماني والرقي الحضاري اليمني .
يأتي العيد الرابع في ظل العدوان لنكتشف اننا شعب قوي أكثر من أي وقت مضى، نمارس حياتنا التي يفترض أن نمارسها بشكل طبيعي رغم الصعوبات التي تفوق احتمال البشر، والمآسي التي تبكي الصخر، والأوجاع التي تنهك الجبال، نعيش كالبشر الذين لا يعرفون الخوف والهم والوجع والمآسي، ليس لأننا لانحس بما يحصل لنا بل لأننا نتجاوزه ونتغلب عليه.
العيد الذي هو فرصة ليتباهى الاطفال بفرحتهم ويخرجون في زينتهم ويجمعون العسب ليشتروا ما حلموا به طوال العام، جاء هذه المرة إلى اليمن مستحيا خجولا من الاطفال، ليفاجأ بأن الأطفال يستقبلونه بذات الفرحة وذات الابتسامة وفي أيديهم عسب العيد أيضا وفي كامل زينتهم، لم يكن يتوقع العيد ذلك حين قرأ معطيات الواقع اليمني في ظل الحرب والحصار المستمرين منذ عام ونصف .
هل يفهم العالم الذي يراهن على سقوط اسطورة الصمود اليمني أن هذا الشعب يمتلك في داخله مخزونا هائلا من الصبر والصمود والتحدي والعزة والاباء ؟
إن لم يفهم العالم هذه الحقيقة فهو لا يفهم شيئا عن هذه الجنسية الفريدة بين أبناء البشر، وكان حريا بأن يعرف العالم منذ العيد الأول في ظل العدوان أن كاريزما الانسان اليمني تحتاج الى دراسة متعمقة قبل أن يجري التعاطي معها بأساليب القمع والتجويع والحصار والقتل اليومي، فهذه الأشياء ليست مجدية لتركيعه ولا لهزيمته بل أنها تستفز فيه طاقات هائلة من الصبر والصمود والتحدي وتضاعف من نزوعه الى الاستقلال والحرية والانتصار .
العيد الرابع يقول رسائل كثيرة للعدوان وللمتواطئين معه وللساكتين عنه، أهمها أن الانسان اليمني بطبيعته عصي على الظروف وعلى الصعاب والمآسي والأحزان والأوجاع كصخرة صلبة تقف بشموخ أمام السيل الجارف لدهور طويلة لا يستطيع أن يثقبها ولا يزيحها من مكانها .
أثبتنا كشعب أننا نستطيع أن ننظم شؤوننا وندير أمورنا بدون وصاية من أحد، بل ونوفق بين إدارة جبهات قتال يواجهنا فيها العالم كله، لم نصمد فقط بوجه العدوان بالصبر والصمود بل وتغلبنا عليه وتجاوزناه وأصبحنا نعيش حياتنا كأن العدوان ليس موجودا رغم وطأة وقساوة تأثيره على حياتنا ومعيشتنا، نبتسم ونفرح ونشارك بعضنا بعضا الفرحة بالعيد وبكل مناسباتنا السعيدة بل ونرسل فائضا من أفراحنا للجبهات .
لم نتصد فقط للعدوان ومرتزقته في جبهات القتال الداخلية وما وراء الحدود، بل انتصرنا عليه وقلبنا المعادلة وجعلناه يستغيث ويستنجد ويبكي ويولول، اقتحمنا حصونه ودكينا آلياته وقتلنا واعتقلنا وأرعبنا جنوده وضباطه وتوغلنا في عمق أراضيه وأمطرناه ولازلنا نمطره بصواريخ كان هدفه الأول أن يدمرها، فهل نحن شعب عادي يشبه بقية شعوب الأرض ؟!

قد يعجبك ايضا