الوظيفة العامة في اليمن مقبرة للإبداع
لقاء / محمد راجح –
يتحدث الخبير في إدارة الأعمال والنظم الإدارية وتكوين المشاريع المهندس معمر الدرام عن تجربة ثرية وحافلة تبدأ بحلم وتنتهي بتحقيق الهدف المنشود في الحياة في شتى الجوانب العلمية والعملية .
يرى أن الوظيفة العامة الحكومية التي يلهث خلفها الشباب مقبرة للإبداع وكذا العمل في القطاع الخاص الذي لا يضمن التفوق والدالة الإنتاجية والمادية ويعتقد أن العمل الحر وريادة الأعمال من أهم العوامل التي تضمن للإنسان أكبر قدر من فرص النجاح والتوفيق والوصول إلى القمة.
وينصح الشباب بعدم الاستسلام والمثابرة لتحقيق أمانيهم وتطلعاتهم وعلى الحكومة إيجاد بيئة عمل مناسبة لاستغلال طاقات الشباب لتفادي الانفجار المستقبلي المحتمل للإحباط ومساعدتهم على تنفيذ مشاريعهم الخاصة بدلاٍ من إنفاق مبالغ طائلة لخلق بطالة مقنعة.
حديث المهندس الدرام لـ تنمية بشرية ” هام ومشوق ومؤثر أنصح الجميع بمتابعته في هذا اللقاء.
لقاء / محمد راجح
❊ يجب إيجاد بيئة عمل مناسبة لاستغلال طاقات الشباب لتفادي الانفجار المستقبلي المحتمل للإحباط
❊ الإنسان بإمكانه الوصول إلى أي هدف ما دام يعمل ولا يستسلم
❊ لديك تجربة رائدة في مجال الأعمال وتكوين المشاريع الخاصة وفي النظم الإدارية ..كيف يمكن أن تقدم خلاصة هذه التجربة للشباب من أين البداية¿
- كل شيء عظيم وصل إليه الإنسان بدأ بحلم وطموح يجب علينا أن نتخلص من الإحساس بالإحباط وأن نعتمد على الله في تحقيق ما نحلم به وأن نتخلص من السقف المتدني والحدود غير الواقعية التي جعلتنا نحس أن الظروف والأوضاع موجودة وغير قابلة للاختراق أو التجاوز. من هنا تبدأ الحكاية .. عندما نعرف ما هو حلمنا وما نتمناه نبدأ نحوله إلى هدف وننوي ونعزم على تحقيقه ثم نبدأ التفكير في كيفية الوصول إلى تحقيق هذا الحلم والهدف ومعرفة الاحتياجات والخطوات التي نحتاج إليها للوصول إليه والبدء في العمل على تنفيذها.
الإنسان بإمكانه الوصول إلى أي هدف ما دام يعمل ولا يستسلم. وأن كل الحواجز التي تراها في نهاية الدرب الذي تعزم سيره ليست مبررا لك للتوقف عن المحاولة بل يجب عليك أن تعمل وأن تسعى هكذا هي الحياة من عمل واجتهد ينفتح له درب جديد فيه تحديات جديدة وموانع وحواجز وهمية غير واقعية يمكن تعديها بالعمل والجهد والمثابرة.
❊ هنا نقطة هامة تتمثل في التعليم من خلال الواقع الذي نعيشه والمتمثل في تردي التعليم ومخرجاته وما يشكله من إحباط لدى الكثير من الشباب ما رأيك في ذلك¿
- هناك من يرى طبعاٍ استناداٍ للواقع المعاش أن مخرجات التعليم في البلاد غير جيدة ويلقون اللوم على التعليم على ما نحن فيه مع ضرورة تطوير التعليم وتحسينه ولكني لا أرى هذه القضية بأنها القضية الرئيسية في تأخر البلاد وعدم حصول الشباب على فرص عمل. وجدت الكثير من الطلبة اليمنيين في أمريكا متميزين جدا على أقرانهم من الأمريكان والدول العربية والعالمية الأخرى ولهذا اعتقد أن أكبر فرق بيننا وبين الآخرين أن شبابنا اكتسبوا حالة خطيرة من اليأس والإحباط ويظنون ويؤمنون أن كل شيء حولهم غلط وأنه لا أمل لمستقبل أفضل وكل شيء قريب إلى المستحيل بينما يتعلم غيرنا أنه لا شيء في الدنيا مستحيل.
في هذا الجانب أستطيع القول أنني وجدت المواد التعليمية في أمريكا واليمن متشابهة بشكل كبير فمثلاٍ الكيمياء هي الكيمياء والجبر والرياضيات هي نفسها والعلوم جميعها متطابقة كانت في جامعة يمنية أو أمريكية نفس الأفكار التعليمية مع معرفتي بالأثر الكبير لجودة التعليم على المخرجات إلا أنني أجد الفرق الجوهري بين التعليم في أمريكا واليمن هو نجاح الأمريكان في تحرير عقول الطلبة من القيود وفتح آفاقها لتحلم وتطمح ثم تحدد أهداف وتعمل على تحقيقها.
وفي اليمن تجد أشخاصاٍ كثيرين تخلصوا من قيود الإحباط والاستسلام وحرروا عقولهم من اليائس وأنجزوا إنجازات مهولة وكتبوا قصص نجاح كبيرة تجدهم درسوا وتعلموا في مدارس وجامعات يمنية وقد تفوق هؤلاء الأشخاص على آخرين ممن تلقوا تعليمهم في الخارج واظهروا إبداعاتهم ووصلوا إلى أحلامهم. وتجد أن معظم هؤلاء الأشخاص عاشوا في أصعب الظروف ولم يكن لديهم أقل ما يوجد لدى كثير من الشباب من إمكانيات وموارد وفرص.
ولهذا قبل أن تبدأ كشاب يجب عليك أن تؤمن أنك قادر على الوصول إلى أي شيء وأنه لا شيء يمكن أن يعترضك من الوصول إلى هدفك .
أسرار النجاح
❊ هل هناك أسرار معينة للنجاح يمكن أن يعتمد عليها الكثير من شبابنا للوصول لأهدافهم¿
- هناك عدة أشياء تعتبر عوامل نجاح لأي إنسان لكن الأهم هو شغفك بعملك ووظيفتك. بوسع الإنسان أن يعمل أكثر وينجز أكثر عندما يكون محب لعمله وهاوي لمهنته وذلك بشكل أكبر بأضعاف من شخص أكثر بكثير في الذكاء والإمكانيات التعليمية والفنية إذا كان لا يحب ما يفعله.
اعتقد أن العمل الحر وريادة الأعمال من أهم العوامل التي تضمن للإنسان أكبر قدر من فرص النجاح والتوفيق والوصول إلى القمة.
العمل في القطاع الخاص يأتي في المرتبة الثانية ولكن لا يضمن لك تحقيق الإبداع والتفوق والإنتاجية دائما حيث وأن صاحب العمل أو المدير المباشر قد يحدد نوعية العمل للموظف وهذ ما يعتبره البعض عائقاٍ يحد من تحقيق طموحك وإبداعك .
تأتي الوظيفة الحكومية في المستوى المنخفض بالنسبة لهذا الموضوع والوظيفة الحكومية يسودها السياسة والمحاباة أكثر من القطاع الخاص وخاصة في اليمن.
أعتقد أن الوظيفة الحكومية اليوم في اليمن مقبرة للإبداع مع الأسف حيث يوجد الكثير من الموظفين محبطون من ممارسات غير عادلة ومحاباة وعدم تقدير الإنجاز.
هذا يدفعني بأن انصح جميع الشباب بأن يحرروا عقولهم من الرغبة في الحصول على وظيفة حكومية واعتبارها الوسيلة إلى حياة أفضل.
تحقيق الإبداع
❊ كيف يمكن تحقيق الإبداع وزيادة الإنتاجية في الأعمال¿
- فرص الشباب في الوصول إلى قمة إبداعاتهم هي من خلال محاولاتهم خلق فرص عمل لأنفسهم في قطاع الأعمال واختيار المجال الذي يحبونه ويمكنهم الوصول إلى قمة طموحاتهم وأحلامهم. البحث عن وظيفة يجب أن يكون في إطار خطة لكسب الخبرة والمعلومات عن المجال الذي يحبه الشاب لكي يستطيع يوم ما أن يبدأ عمله الخاص هذا ما أراه أفضل توجه للشباب.
هناك الملايين من الخريجين يبحثون عن وظائف والحكومة اليمنية أو أي حكومة في العالم ليس لديها القدرة على توظيف هذا العدد من الناس ويجب على الشباب أن يخلقوا لنفسهم فرصاٍ ويسعوا لتحقيق أحلامهم بعيدا عن وهم الوظيفة الحكومية.
على الشباب والشابات أن يستكشفوا إمكانياتهم وهواياتهم في الحياة وأن يعملوا على تقوية مهاراتهم في هذه المجالات وإيجاد فرص عمل فيها وأن يصقلوا مهاراتهم ويعززوها من خلال التدريب والتعليم وتعلم المهارات العامة كاللغة والتكنولوجيا والتوغل في العلوم الحديثة والمجالات التي يرغبون بها وصياغة أهدافهم وطموحاتهم وأحلامهم ووضع خطة لتحقيقها والوصول إليها.
لديِ في هذا الخصوص تجربة جعلتني أترك عملي في أحد أشهر الشركات العالمية وأخوض تجربة شاقة في ريادة الأعمال ونجحت فيها.
هناك تحديات كبيرة في مجال الأعمال في اليمن ويجب العمل على معالجتها لإيجاد البيئة المناسبة لإخراج الشباب إلى مجال الأعمال ومساعدتهم على الانطلاق.
هذه الأمور يجب أن تكون من أولويات الشباب للمطالبة بها وكذا يجب أن تكون من أولويات الحكومة والتي عليها أن تعمل على خلق البيئة المناسبة لنجاح الشباب واستغلال طاقاتهم في بناء اليمن وتفادي الانفجار المستقبلي الناتج عن الإحباط والبطالة والفراغ الذي يعيشه معظم شباب اليمن في هذه المرحلة.
تحديات
❊ ما هي التحديات التي تواجه المشاريع الخاصة وكيف يمكن التعامل معها ومعالجتها¿
- التحديات التي تواجهها الشركات الناشئة والمشاريع الشبابية الخاصة متعددة وأهمها الفساد والاستقرار السياسي وسياسات الدولة الاقتصادية القطاع المالي والتمويلي والقوانين
نعلم جميعنا أن الفساد في اليمن منتشر بشكل كبير جدا ولهذا تجده المعضلة الأبرز أمام الكثير من الشركات الناشئة والمشاريع الخاصة.
انتشار الفساد يوجد مبدأ من يدفع أكثر يأخذ والشباب البادئ لا يستطيع أن يدفع ولهذا يجد صعوبة في الحصول على فرصة لتقديم خدماته والمساهمة بإبداعاته في تطوير الاقتصاد الوطني. محاربة الفساد خطوة أولى لتحسين بيئة تفريخ الشركات وخلق فرص نجاح جديدة للشباب أيضا وجود قوانين قوية وواضحة مهم جدا لحفظ الحقوق وضمان سير العملية الاقتصادية بشكل صحي
ويجب كذلك إيجاد مصادر تمويل للمشاريع الصغيرة للشركات الناشئة ورواد الأعمال. لقد جربت هذه الفكرة في تمويل المشاريع الصغيرة والأصغر وقوبلت بنجاح كبير ونحن بحاجة إلى تمويلات مماثلة ولكن بسقف أعلى لخدمة مشاريع الشباب.
كما أن عدم الاستقرار السياسي يشكل بيئة غير مناسبة لأي أعمال تجارية واقتصادية ومدمره للمشاريع الناشئة أيضا ينبغي تغيير السياسات الاقتصادية حيث يسود في إدارات المشتريات الحكومية مبدأ الرغبة في الشراء من الشركات الأكبر حجما والأكثر خبرة والأطول عمرا إلى آخره. في وجود هذه العقلية المطلقة لا يوجد أي فرصة لأي شباب مبدع لديه ما يقدمه إلى وطنه للاستفادة من احتياجات الدولة والتي تشكل أكبر محرك للاقتصاد الوطني.
يجب على الحكومة التركيز على تشجيع الشباب المبدع ومساعدتهم على تنفيذ مشاريعهم الخاصة من خلال برامج تحفيزية وتسهيلات تمكنهم من اقتحام مجال الأعمال وكذا تخصيص نسبة من المشتريات والمشاريع للمؤسسات والمشاريع الناشئة والصغيرة لكي تتطور وتنمو وتساهم في الاقتصاد الوطني بدلا من صرف مبالغ خيالية لتوظيف الشباب وخلق بطالة مقنعة بدون الانتفاع من إمكانياتهم.