سعيد شجاع الدين –
يا لله غدا الجمعة وعلى أن أرتب نفسي لا بد من زيارة¡ الكل هنا ينتظرني¡ إنني أخشى أن يعاتبني الجميع على غيابي لجمعتين متتاليتين.
أنا الآن أشعر وكأنني واحد منهم¡ لا أعلم كيف لي أن أفكر بالتقاعس¡ فأنا أكره عدم الالتزام تجاه الآخرين. أجد الزيارة فرض عين¡ لا سيما وأنا أحفظ دعاء المقابر عن ظهر قلب. لا يجوز لي أن أتأخر وستكون هذه هي المرة الأوى والأخيرة¡ إن حدث شيء وسحمت لمثل هذه الفكرة الشيطانية بالتسلل إلى قناعاتي¡ لا سيما وأن المعنية بالأمر هي خزيمة¡ أكبر وأشهر مقابر صنعاء أو اليمن حد علمي¡ أما لماذا الزيارة¿ فهذه مسألة لا يحدها مدى في ظل وجود العشرات ممن لا يلتقون بأحد وإن كان البعض يتلهف للقاء صديقه¡ لكن لا يدري أين يقف¿!
في باب خزيمة وجدتú عائشة لها مكانا لتضع دبات الماء¡ وإلى جوارها آخريات لم أهتم بمعرفة أسمائهن¡ يتشاركن في بيع الرياحين والزهور¡ وجميعهن ينتظرن الجمعة ليحصلن على الرزق المقسوم¡ إذ يتقاطر المئات خلال اليوم¡ كل يأتي لزيارة قريب¡ فيما خزيمة تستقبل الجميع بصدر رحب¡ حتى أنها نسيت من تكون.
في إحدى المرات سألت‘ عائشة: هل تعرفين خزيمة¿ هزت رأسها نافية أي صلة لها بها. أحسست‘ بأنها شعرت بالحرج. فقلت لها: منذ متى وأنت تجلسين هنا¿ قالت منذ أن فتحوا هذا الباب¡ وأنا أطلب الله. قلت لها: بالتأكيد أنت لا تدرين كم بابا◌ٍ لخزيمة¡ وماذا يفعل هؤلاء الأطفال هنا. إنهم يحملون دبات الماء للزائرين مقابل ما يجودون به.
وجودها في ذات المكان لا يدفع عنها مضايقات البعض. لقد سألها أحدهم: هل تدفعين ضريبة للدولة. نظرت إليه بسخرية¡ وهي تلبي طلب امرأة أخرى ناولتها ورقة من فئة الخمسمئة¡ وفيما هي بتحث عن الباقي¡ أمسكت خرطوم المياه وملأت دبة أخرى ألقت بها إلى وسط الشارع¡ فلم أستطع فهم هذا التصرف¡ وأخذت‘ نفسي وسرت‘ مع الناس إلى الداخل¡ نحمل الماء الذي يروي ظمأ من اختاروا أن يكونوا في حضرة خزيمة¡ التي منحت الجميع مساحة ليعبروا عن أنفسهم¡ حتى أولئك الذين غمرهم الموت تروي شواهدهم جزءا من حكاية لم تبدأ بعد¡ في يوم الجمعة حيث يلتقي الجميع.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا
