فجعت الساحة الثقافية اليمنية خلال الأيام الماضية برحيل الشاعر الكبير عبدالرحمن فخري عن عمر ناهز ثمانين عاماً رفد خلالها المكتبة اليمنية والعربية بالعديد من الأعمال الإبداعية والثقافية والنقدية.
ويعد فخري من أبرز شعراء الحداثة الشعرية في اليمن وله مكانته الرائدة في المشهد الشعري اليمني الحديث وكانت تجربته الشعرية والنقدية متميزة وذات خصوصية متفردة وترجمت أعماله إلى عدة لغات، ولد الراحل في مدينة عدن عام 1936م، وتلقى تعليمه في عدن، وعمل مسؤولاً عن الإعلام في هيئة الأمم المتحدة. وعضو جمعية الشعر، وعضو مؤسس في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ومن مؤلفاته :
نقوش على حجر الحصر- شعر- دمشق 1978م- اتحاد الكتاب العرب
الكلمة والكلمة الأخرى – كتاب نقدي- صدر في بيروت – عن وزارة الثقافة في عدن
من الأغاني ما أحزن الأصفهاني – شعر – عمان، الأردن
من جعبة الفراشة – شعر – صادر عن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين – صنعاء.
وقد نعت وزارة الثقافة – في بيان صادر عنها – الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن فخري وأشادت بإسهامات الشاعر الراحل كعمود من أعمدة الشعر اليمني ومداميك النقد الأدبي علاوة على تجربته الرائدة في تيار الحداثة الشعرية في اليمن، والتي برز من أهم أعلامها الكبار؛ ولهذا تُرجمت عدد من أعماله لعدد من اللغات.
كما نوه البيان بتجربته في خدمة الثقافة من خلال المواقع التي شغلها سواء في وزارة الثقافة أو في غيرها وكذا اسهاماته الرائدة في خدمة المشهد الثقافي من خلال تجربته الشعرية والنقدية والأدبية عموماً.
وأكدت الوزارة أن شعر عبدالرحمن فخري سيظل منهلاً من مناهل الشعرية اليمنية الحديثة ومدرسة من مدارسها الكبيرة التي ستبقى مشرعة الأبواب أمام الأجيال بما تميزت به من تجدد وعمق مثلت به إضافات نوعية للشعرية العربية والحداثة الشعرية اليمنية.
رحم الله الشاعر الراحل واسكنه فسيح جناته والهم اهل الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ورْد في المَزادْ
وقال صديقي : أنتَ أحمقْ
تبني بْيتاً في السُّحُبْ
وتعْشَقُ الطِّينْ
وقالَ لي : أنتَ أخْرَقْ
تأكُلُ النَّارَ ،
وتُطْعِمُ العاشقْينْ
وقالَ لي : ما تبْغي من لُعْبةِ الدُّنْيا
معك
هل تعْبدُ الشَّمسَ ، يا فقيرْ
وترْحمُ الأنامَ من الأنامِ ،
وأنتَ شَهيدْ ؟
ثُمَّ تقِفُ بِلا أقْدامْ ،
خارِجَ الحَلبَةْ
لتَسْتَغيثَ بالصَّباحِ ،
مثْلَ الدِّيكْ …
وقالَ لي : لمَ ترسِمُ الأطْفالَ ،
بعيونٍ كحيْلةْ ؟
والنَّحْلَ العظيمْ
وقرونَ الَبقرِ المقدَّسْ
وحُوريَّاتِ البحرْ
ثُمَّ تطُوي ريشكَ ،
كمالِكِ الحزينْ !
وقالَ لي : رُبَّما كانَ جلدُكَ ،
من شَجَرِ المطَّاطْ
والشِّتاءُ فروكَ القَديمْ ؛
فأنْتَ تحتمِلُ النّاسْ
وهُمْ يفقأُوَنَ عُيونَ السَّمكْ
ويرجمونَ البَحْرَ عِنْدَ الضِّيْقْ …
وقال لي : كُلُّنا يَعْشَقُ المرْأةَ الآثمهْ
وينزِلُ إلى قاعِ البئرِ،
كلَّما عَزَّ المْلِحْ
وأنْتَ ، أنتَ العاشِقْ
لا تَغمُرُ الخَطايا ، برحْمَتكَ !!
وقالَ لي : رُبَّ ليْلٍ يَسْهَرُ مَعَكْ
ونهارٍ ينْفَعُكْ
لكنكَ ترْهبُ الزَّمانْ
وتطلبُ من ظِلَّكَ الأمان …
وقال لي أضْناك الفَرْقْ
بينَ نُورٍ وَبرْقْ
فَعَبَدْت النَّارْ
وقالَ لي : الورْدَةُ لكَ عروسْ
والعروْسُ بِدَمْ
حتى في الحُلْمْ؟!
وقالَ لي : يا مَنْ تَعْقِدُ الشَّهْوةَ ،
بينَ الظلِّ والفَرَحْ
وتَرْفَعْ الَشَوْكَ ،
عن جَسَدِ الماءْ
وتَحْفظَ الأَسْماءْ
أغْوَتْكَ الأَشْعارْ
أغْوَتْكَ الأَشْعارْ!
وقالَ : يا صاحِبِيْ
أَفِقْ ليومِكْ
وأَمِّنْ زآدَكْ
فالطَّريقُ طَويل مْنكْ
والعُمُر قَصيرُ عَليْكْ
وسَلْ ، إنْ شِئْتَ ،
سَفِينةَ الصَّحراءْ !
قلتُ له ، مُلَمِّحَاً : معِذرةً عن الكلامْ !!
عدن 7 /6 /1975م
Next Post