أنصار الله القليلون الكثيرون.. في عدسة كيري..

هاشم أحمد شرف الدين

أدركت أمريكا – خلال الخمس السنوات الأخيرة – تعاظم حجم أنصار الله كمكون وطنية تلقى قبولا متزايدا في الشارع اليمني، أهلها – خلال سبتمبر 2014م – لقيادة ثورة شعبية أطاحت بنظام هادي والإخوان المسلمين الذي تماهى في العمالة للنظام الأمريكي، مما اضطر البعثة الديبلوماسية الأمريكية وحمايتها الأمنية لمغادرة اليمن حينذاك..
الثورة التي استنفرت لمواجهتها جميع دوائر الحكم الأمريكية سرعان ما باتت أمرا احتل الترتيب الأول في أجندة الأمن القومي الأمريكي والإسرائيلي والأنظمة العربية العميلة..
فما هي إلا لحظات منذ الإعلان – في واشنطن – عن بدء عدوان سعودي – أمريكي  على اليمن حتى بدى أن الأمريكي قد وضع نصب عينيه تحقيق أحد هذين الهدفين الأساسيين – ضمن أهداف العدوان الشاملة – وهما:
– القضاء على “أنصار الله” الحركة اليمنية الواعدة المواجهة للمشروع الأمريكي، ظانا أنها ستكون لقمة سائغة يسهل طحنها سريعا تحت ضروس وحشية العدوان..
– تشويه صورة أنصار الله لدى المجتمع – على الأقل – من خلال حملات إعلامية ضخمة تحملهم مسؤولية تدمير اليمن وقتل اليمنيين وتدهور الوضع المعيشي للمجتمع، فتتولد حالة من السخط تنفره منهم بغية تحجيم تعاظم أعدادهم يوما تلو آخر..
لم يضع الأمريكي في حسبانه إمكانية صمود أنصار الله والشعب اليمني ككل أمام العدوان، ولم يتوقع أن عدوانه الأحمق سيساهم في زيادة شعبية أنصار الله بشكل لافت، لكنه اليوم – أي بعد ما يقارب العام والنصف من عدوانه – بات يدرك النتائج العكسية التي ترتبت على حماقته، فخرج عاجزا من صدمته ليقول لأنصارالله: “أنتم قلة”..
فقد عمد وزير الخارجية الأمريكي (جون كيري) خلال مؤتمر صحفي عقده في السعودية إلى التقليل من الحجم العددي لأنصار الله..
وقد بدى – حين كان ينطق بهذا – غير قادر على أن يواري من عينيه مشاهد التظاهرات الكبرى التي يسيرها أنصار الله بحشودها الإجمالية في أكثر من منطقة يمنية..
فماذا وراء اكتشاف كيري الذي لم يسبقه إليه الأوائل..؟
لقد أتى حديث كيري كرد فعل لتظاهرة تأييد المجلس السياسي ا?على الملاينية، محاولا اللعب على وتر شق الجبهة الوطنية من خلال التركيز على حجم أحد طرفي الاتفاق السياسي دونا عن الآخر، لأنه يدرك أن هذا التوحد سيسهم أيضا في تزايد شعبية أنصار الله في المجتمع..
كما أتى حديثه ضمن سلسلة عمليات حاول الأمريكي بها – وخلال سنوات – تنميط أنصار الله بأي صورة سلبية لترسيخها في أذهان الناس، فمن المتمردين إلى الجماعة المسلحة إلى الانقلابيين وصولا إلى “القلة”!!..
فأي عجز هذا يا وزير خارجية المعتدي الكبير أمام من تصفهم بالقلة؟
وأي تفوق سياسي للقلة على كثرتكم أيها المعتدون الكثيرون المتحالفون؟
وأي حيرة وقعتم فيها فلم تعودوا قادرين على تمييز القلة من الكثرة..؟
هلا أصلحتم عدستكم لتروا الحقيقة، فتدركوا أن هذه القلة لم تعد قلة مستضعفة، وأن الله قد منَّ على المنتمين لها وجعلهم أئمة وجعلهم وارثين..
هلا أصلحتم عدستكم لتدركوا أن هذه القلة هي اليوم كثرة، ولكن ليست من التي تعجبها كثرتها التي لا تغني شيئا لمجرد تفوقها العددي..
هلا أدركتم أنها – اليوم -+ كثرة مؤمنة لها ميزات القلة، قد خبرتوها في ميادين القتال، فكانت فئة قليلة نعم، لكن من تلك التي تغلب الفئات الكثيرة بإذن الله، ومن التي “عشرون صابرا منها يغلبون مائتين منكم، كما يفعل المائة منها بالألف منكم”..

ها أنتم ترونها قلة وتراكم قلة أيضا، فهل تعلمون لماذا؟
إنها حكمة الله، فرغم كثرة أنصاره إلا أنه قللهم في أعين أمريكا وحلفائها، وقلل هؤلاء المعتدين في أعين أنصاره، ليقضي أمره المفعول، وهو تعالى يفعل منذ بدأ هذا العدوان على بلادنا، لتنالوا على أيادي أنصاره شر الهزائم واحدة تلو أخرى، وليصبح كل من يواجه العدوان من أنصار الله..
ومضة:
يقول الله سبحانه وتعالى لنا:
وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ..
ولأن لدينا هذا التوجيه الإلهي، ولأننا نضعه نصب أعيننا دوما، فلسنا محتاجين ليذكرنا (كيري) المخادع، أو لنصدق عدسته المضللة..

قد يعجبك ايضا