الثورة نت/
أكد الكاتب العربي الكبير عبد الباري عطوان أن الحرب التي تشنها السعودية على اليمن منذ 17 شهرا باتت تشكل صداعا للمملكة، ليس بسبب الخسائر المالية والبشرية المتفاقمة التي تسببت بها، وإنما أيضا على صعيد سمعتها ومكانتها العالمية، واحتمالات تعرضها لملاحقات قانونية بتهم جرائم الحرب.
وقال عطوان في كلمة رئيس التحرير في صحيفة رأي اليوم الالكترونية ” إن كلمة “مأزق” تبدو متواضعة جدا في وصف هذا النفق السعودي المظلم، الذي لا يوجد بصيص ضوء في نهايته حتى الآن، والاهم من ذلك انه يبدو نفقا أطول بكثير مما يتوقعه الكثيرون، بما في ذلك صناع القرار في السعودية، أما اليمن فهو في وضع اقل سوءً لأنه امتص الصدمة، وبدأ يتعايش مع الحرب، مثل اللبنانيين والعراقيين من قبله، ويرتب أوضاعه الداخلية”.
وذكر أن شخصية سعودية قادمة من مدينة نجران زارت لندن، أكدت أن الحرب الحقيقة تجري الآن في جنوب السعودية حيث التوغلات في جازان ونجران وعسير، وإقدام السلطات السعودية على تهجير قسري لآلاف العائلات حماية لأرواحهم.
وأشار إلى أنه لم يعد أمام السعودية إلا احد خيارين الأول، أن تعلن الانسحاب من جانب واحد من الحرب في اليمن تقليصا لخسائرها، والثاني أن تستمر في هذه الحرب حتى النهاية، أي استعادة مدينة صنعاء، ومدن أخرى مثل تعز.. وأضاف” وفي هذه الحالة عليها أن تنتقل إلى مأزق آخر لا يقل خطورة، وهو كيفية الحفاظ على هذه المدن، وحفظ الأمن فيها، وفوق هذا وذاك سيتم وصف وجودها في صنعاء بأنه احتلال يستدعي المقاومة لإنهائه”.
ولفت رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم، إلى أن القيادة السعودية حاولت الانسحاب مبكرا من هذه الحرب عندما أعلنت انتهاء عاصفة الحزم، والإعلان عن تحقيق أهدافها، واستبدالها بـ”اعادة الامل”، ولكن هذه الخطوة لم تكن مقنعة، وعادت طائراتها لقصف أهداف يمنية بطريقة عشوائية مثل المستشفيات والمدارس والأعراس، ومزارع الدجاج، لأنها لم تعد تجد ما يستحق القصف من أهداف عسكرية.
وأوضح أنه بعد قرار منظمة أطباء بلا حدود سحب أطقمها الطبية، ووقف عملياتها في ست مستشفيات تشرف عليها شمال اليمن احتجاجا على قصف الطيران السعودي لها، وقتل وإصابة العشرات من المرضى والزوار، ها هي منظمة مراقبة بيع الأسلحة الدولية تطالب الدول العظمى المصدرة للأسلحة، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقف بيع الأسلحة إلى السعودية، وإلغاء جميع الصفقات الموقعة معها في هذا المضمار بسبب عملياتها الحربية في اليمن التي تقتل المدنيين وترتقي إلى مستوى جرائم حرب.
وأشار الكاتب عطوان إلى أن هذه الدعوة غير المسبوقة جاءت خلال مؤتمر عقدته في جنيف أمس منظمة التجارة العالمية، الذي يعتبر الثاني حول تجارة الأسلحة.. مبينا أن المتحدثة بإسم المنظمة، وصفت الدول التي تبيع صفقات أسلحة إلى السعودية بممارسة أسوأ أنواع النفاق، وشاركتها الموقف نفسه منظمة اوكسفام العالمية التي حذرت بريطانيا بأن مصداقيتها في خطر إذا فعلت الشيء نفسه.
وأكد أن هذه الحملة الدولية التي بدأت تزداد شراسة، قد تؤدي إلى وضع السعودية على القائمة السوداء، وإلغاء صفقة أسلحة فرنسية بقيمة 18 مليار دولار، وقعت قبل بضعة أشهر، وصفقة أمريكية مماثلة بقيمة 6 مليارات دولار، وثالثة بريطانية بحوالي 4 مليارات دولار.
وقال” لا يخامرنا أدنى شك بأن هذه الحملة تأتي في إطار الضغوط التي تمارسها الدول الكبرى على السعودية من اجل وقف حرب عاصفة الحزم، وليس وقف صفقات الأسلحة، لأنها، أي الصفقات، تشكل مصدرا مهما لدعم صناعة السلاح في هذه الدول، وإعادة تدوير العوائد النفطية السعودية، ولكن المشكلة تكمن في صعوبة العثور على مخرج مشرف للقيادة السعودية من حرب الاستنزاف هذه التي تورطت أو جرى توريطها فيها، وجرّت معها دول خليجية وعربية أخرى، في ما عرف لاحقا باسم التحالف العربي”.
ولفت إلى أن وقف صفقات الأسلحة للسعودية، وفي مثل هذا التوقيت، يعني صدمة كبيرة لها، لأنها بحاجة إلى هذه الصفقات لتعويض ما خسرته من ذخائر ومعدات عسكرية على مدى الـ17 شهرا الماضية من عمر الحرب، إضافة إلى شراء أسلحة متقدمة، طائرات ودبابات وصواريخ في محاولة للإسراع بحسمها.
وبين رئيس تحرير رأي اليوم أن مفاوضات الكويت للبحث عن حل سياسي لحرب اليمن انهارت بعد 99 يوما، فيما تمضي المصالحة الوطنية الداخلية قدما في تثبيت أوضاعها تتمثل في المجلس السياسي الأعلى، وتشكيل حكومة، وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة وهياكلها، وخاصة البرلمان المنتخب.
وقال ” لا مفاوضات سلام في الكويت أو غيرها، ولا تحرير وشيك لصنعاء، ونقل بطاريات باتريوت إلى الجنوب للتصدي للصواريخ الباليستية القادمة من اليمن وتزداد أعدادها بإضطراد، وحملات شرسة من المنظمات الإنسانية الخيرية الدولية التي تتهم المملكة بقتل الأطفال والمدنيين، وضغوط لوقف بيعها صفقات أسلحة، ونزيف مالي متصاعد في وقت تتآكل فيه أرصدة المملكة بسرعة، وتتآكل معها عوائد النفط لانخفاض أسعاره”.
وأكد أن مظاهرة ميدان السبعين المليونية التي أيدت الاتفاق بين المؤتمر وأنصار الله وحلفاؤهم، وتأكيد الإصرار على مواصلة الحرب ضد السعودية وعاصفتها الجوية والأرضية، إلا بعض المؤشرات .