في الذكرى 47 لإحراق المسجد
القدس المحتلة / وكالات
قال مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين أمس، إن حرق المسجد الأقصى ما زال مستمرا بأشكال مختلفة، منها الاستيطان ومنها الحفريات ومنها الاعتداءات المتواصلة على القدس
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده المفتي في مدينة القدس أمس لمناسبة مرور 47 عاماً على حرق المسجد الأقصى من قبل يهودي متطرف يدعى مايكل دينيس.
وأضاف مفتي القدس: “علينا أن نأخذ العبرة من ذكرى الحريق وننتبه إلى ما يحدق بالمسجد الأقصى من مخاطر ومخاوف، فالحريق الذي نشب عام 1969 ما زال قائما بأشكال وصور مختلفة في المسجد الأقصى”.
وأشار إلى أن الحريق كان مفاجئاً ﻷبناء شعبنا، وأتى على أقدم اﻵثار التي شيدت خلال الحقبات الإسلامية المتعاقبة”، لافتا إلى أن ردود اﻷفعال منذ الحريق حتى اليوم ﻻ تتوافق مع ضخامة الحدث إسلاميا وعربيا.
وأكد المفتي أن المسجد الأقصى “ليس ملكا للفلسطينيين وحدهم، بل لكافة المسلمين في العالم، وعلى اﻷمتيّن العربية والإسلامية إدراك الأخطار المحدقة بالمسجد الأقصى، ويقوموا بمسؤوليتهم وواجبهم حيال الأقصى الذي يمثل هويتهم، ومكان من أقدس الأمكنة والمساجد التي تشد الرحال إليها في الإسلام، وهو موطن الإسراء والمعراج والقبلة الأولى للمسلمين.
من جانبه أكد محافظ ووزير القدس عدنان الحسيني أن “المسجد الأقصى ليس مجرد جدران وقباب بل هو عقيدة المسلمين، معنى كبير ورمزية لها علاقة بكرامة الأمة ووجود فلسطين وقلبها النابض”.
وأضاف: “الحريق ما زال مستمرا ولم يتوقف، بل جاء بأوجه مختلفة والهدف منها هو نفس هدف الحريق، والمتمثلة بالحفريات والاقتحامات والأنفاق والاعتقالات، ومصادرة حق اﻷوقاف في إدارته”.
وأنتقد الحسيني بقاء قضية فلسطين مقتصرة على البيانات والمؤتمرات والوعود التي ﻻ تنفذ على أرض الواقع، “عدم الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، هو دليل واضح على عجز اﻷمة وتقصيرها وعدم الجدية في التعاطي مع القضية”.
وأوضح رئيس أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث الشيخ ناجح بكيرات أن العقلية والأيدولوجية الصهيونية تؤمن بالحرق، وللأسف بدأ الحرق بمنبر صلاح الدين ولم ينته ﻻ بعائلة دوابشة وﻻ أبو خضير، بل “يبدو أن الاحتلال يريد حرق القضية الفلسطينية”.
وقال:” عبر خمسة آﻻف عام لم يبنى أمام الرؤيا البصرية للمسجد الأقصى والكنوز الموجودة فيه شيء، بل بقيت الرؤيا البصرية كما كانت، وأراد الاحتلال إزالة هذه الرؤية البصرية والكنوز، وبالفعل أزال كنوزا ﻻ تعوض منها منبر صلاح الدين والفسيفساء وغيرها”
ودعا الشيخ بكيرات العالمين العربي والإسلامي العمل فورا على تحرير القدس والمسجد الأقصى، قائلا: “لأنه ما لم تتحرر القدس والمسجد الأقصى ويزول الاحتلال، سنبقى نعاني من الحريق”.
وأضاف: “على العالم الإسلامي أن ينظر تماما أن الحجر بدون بشر ﻻ قيمة له، إذا أردتم أن تحموا محراب المسجد الأقصى وتستمر قداسته، عليكم أن تحموا الإنسان المقدسي وتستثمروا فيه”، داعيا إلى ضرورة إعادة الوعي بالمسجد الأقصى “فإذا لم تعرفه لن تقدم له شيئا”.
وكانت شخصيات إسلامية ورسمية فلسطينية أكدت في مؤتمر صحفي عقد أمس، بعنوان “47 عاما على حريق الأقصى”، في وكالة بال ميديا في جبل الزيتون في الطور، شرق القدس المحتلة، على أن حريق المسجد الأقصى ما زال مستمرا منذ 47 عاما، حتى اليوم، من خلال الانتهاكات والاعتداءات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الأقصى وطالبوا بتحريره.
وقد أدى إحراق المسجد الأقصى المبارك، إلى إلحاق أضرار كبيرة بالقسم الجنوبي من المسجد الأقصى المعروف “بمبنى المسجد الأقصى”، وبلغت نسبة الجزء المحترق حوالي 1500م من أصل 4400م وهي مساحة المبنى الكلية، ودمر بالكامل منبر صلاح الدين ومسجد عمر ومحراب زكريا ومقام الأربعين وثلاثة أروقة من الأعمدة ممتدة من الجنوب شمالاً داخل المسجد الأقصى، والأقواس ودمر السقف وأجزاء من القبة الخشبية الداخلية و48 شباكاً من الجص والزجاج الملون واحترقت مفروشاته من الزجاج وأتت النيران على مجسم لسورة الإسراء مصنعوعة من الفسيفساء، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق وسقط عامودان رئيسيان مع القوس الحامل للقبة وتضرر المحراب والجدران الجنوبية.
وادعت دولة الاحتلال حينئذ أن الحريق ناتج عن عطل كهربائي، فقامت شركة كهرباء القدس بإجراء تحقيق فني وأعلنت عن سلامة الشبكة، ونفت أي علاقة بين الكهرباء والحديث5، وجرى مؤتمر صحفي حينذاك عقده الشيخ حلمي المحتسب رئيس الهيئة الإسلامية بالقدس عرض فيه النقاط التالية:
1- إن الحريق متعمد وليس طبيعياً وليس من جراء التيار الكهربائي.
2- إن مياه البلدية لدى سلطات الاحتلال قطعت من البلدة القديمة والمناطق المحيطة بالأقصى فور ظهور الحريق.
3- إن سيارات الإطفاء التابعة لبلدية سلطات الاحتلال تأخر وصولها ومباشرتها عملية الإطفاء.
4- إن الذي أسهم في إخماد الحريق هو وصول سيارات إطفاء بلديتي رام الله والخليل.
واتضح من تقارير المهندسين العرب، أن الحريق شب في موضعين اثنين في وقت واحد، الأول عند المنبر، وقد أتى عليه برمته، والثاني عند السطح الجنوبي الشرقي للمسجد، وأتى على سقف ثلاثة أروقة وعلى جزء كبير من هذا القسم. وكانت المسافة بين موقعي الحريقين لا تقل عن مائتي متر على أثر هذه الحادثة، ثار الفلسطينيون وتتابعت المواجهات العنيفة مع قوات الاحتلال، وضجت الشعوب العربية والإسلامية، مما دفع حكام المسلمين إلى التنادي للاجتماع في قمة إسلامية عاجلة، وقد عقدت في المغرب، وكان من نتائجها تشكيل منظمة المؤتمر الإسلامي، وكان من نتائجها تشكيل لجنة القدس التي ترأسها الملك الحسن الثاني. وفي 15 /9 /1969 صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 271 الذي عبر فيه حزنه للضرر البالغ الذي ألحقه الحريق بالمسجد الأقصى، واعترف فيه أن هذه الأعمال يمكن أن تهدد بشدة الأمن والسلام الدوليين.
والجدير بالذكر أن الدول الأعضاء في المجلس في تلك الجلسة هي 15 دولة صوت منها 11 لصالح القرار وهي: الجزائر- الصين- فرنسا- المجر- نيبال- باكستان- السنغال- أسبانيا- الاتحاد السوفياتي- المملكة المتحدة- زامبيا، بينما امتنعت كل من: أمريكا و كولومبيا وفنلندا وباراغواى عن التصويت.