مختصون زراعيون لـ”الثورة”:
ذمار/ رشاد الجمالي
تعتبر المبيدات والأسمدة الزراعية من السموم التي تفتك بالإنسان مع مرور الزمن.. وبعضها إذا تم استخدامها بأسلوب غير صحيح وغير منظم يؤدي إلى أمراض خطيرة تحصد حياة الكثرين.
في هذا الصدد نظم مكتب الزراعة والري بمحافظة ذمار ورشة عمل لوكلاء وتجار بيع المبيدات والأسمدة بالمحافظة لمناقشة الأضرار الصحية والبيئية الناجمة عن استخدام المبيدات الممنوعة والاستخدام السيء للمبيدات.
ولأهمية الموضوع كان لا بد لـ”الثورة” من تسليط الضوء على هذا الموضوع ومناقشته مع المختصين حتى يخرج القارئ الكريم ولديه معلومات كافية في هذا المجال تساعده على تلافي أضرار المبيدات الزراعية.. فكانت الحصيلة التالية:
البداية كانت مع المهندس علي عبدالكريم الفضيل –القائم بأعمال وزير الزراعة والري الذي أكد أن الوزارة تبذل جهوداً مستمرة في عملية التوجيه بأهمية تطبيق اللوائح والقوانين الخاصة باستخدام المبيدات والتداول السليم لها.. كما أن الوزارة ستعمل خلال المرحلة القادمة على إعداد برامج توعية وإرشاد حول استخدام المبيدات والتعامل معها بالطرق المثلى وذلك في مختلف محافظات الجمهورية وتشمل جميع الفئات المتعاملة مع المبيدات.
وأعلن الفضيل عن توقيع وثيقة شرف خاصة بين تجار المبيدات تنظم عملية استخدام المبيدات والتداول السليم لها ومنع التداول بالمبيدات المحرمة والمهربة التي تضر بالانسان.
ودعا المهندس الفضيل إلى توعية التجار والبائعين بضرورة الاستخدام السليم للمبيدات وأن يكونوا على علم وحكمة ودرجة عالية من المسؤولية بأهمية صحة المجتمع والاهتمام بالبيئة وضرورة التداول السليم لاستخدام المبيدات.. مؤكدا ضرورة أن يكون هناك وعي بكيفية استخدام هذه المبيدات.. داعيا إلى تدريب وتأهيل المختصين في مجال الاستخدام والتداول الآمن للمبيدات ليساهموا في تدريب الفئات المتعاملة مع المبيدات من تجار ومشرفي محلات بيع المبيدات وعمال الرش والمزارعين واسر المزارعين وغيرهم من خلال برامج التوعية والإرشاد التي ستنفذها الوزارة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة في مختلف محافظات الجمهورية بهدف الحد من المخاطر الناجمة عن التداول العشوائي للمبيدات ورفع مستوى الوعي لدى متداولي المبيدات عن أخطار المبيدات والاستخدام الآمن لها.
أوائل الاهتمامات
من جانبه أشار محمود الجبين الوكيل المساعد للمحافظة إلى أن المبيدات الزراعية وتداولها واستخدامها الاستخدام الامثل من أجل صحة الانسان والبيئة اصبحت من أوائل اهتمامات دول العالم وان ما نراه اليوم من مشاكل صحية وبيئية ناتج عن سوء استخدام المبيدات الزراعية والإفراط في استخدامها.
وأشاد الجبين بجهود وزارة الزراعة والري ومكتب الزراعة بالمحافظة في إقامة مثل الدورات الهامة التوعوية للحد من المخاطر الناجمة عن التداول العشوائي للمبيدات.
أما المهندس هلال الجشاري -مدير عام مكتب الزراعة والري بالمحافظة- فقد تحدث قائلا: تعتبر مرحلة التوعية بعد المرحلة الأولى من حملة التفتيش على محلات بيع المبيدات والتي لاحظنا من خلالها وجود بعض المخالفات التي قد تضر بالبائع والمستهلك وتعرض المجتمع للخطر.. إضافة إلى رفع وعي تجار المبيدات بأهمية التداول السليم للمبيدات وتعريفهم بالأضرار الصحية الناجمة عن إستخدام المبيدات المهربة والممنوعة وكذلك تعريفهم بالعقوبات المترتبة عليها.. والأهم خلق جسر ثقة بين القطاع الخاص والجهات المختصة ممثلة بمكتب الزراعة وتنظيم بيع وشراء المبيدات داخل المحافظة بحسب المواصفات الفنية وبالطرق القانونية حفاظا على السلامة العامة.
وأكد الجشاري أن التوقيع على وثيقة شرف تنظم عملية التداول السليم والآمن للمبيدات بين الوكلاء والتجار سيضمن منتجات زراعية ممتازة.
مخالفات
فيما تحدثت نبيهة محضور مدير إدارة الإعلام الزراعي بمكتب الزراعة ذمار قائلة: لقد اكتشفت الكثير من المخالفات لدى بائعي ووكلاء المبيدات خلال حملة التفتيش التي قام بها مكتب الزراعة خلال الشهر الماضي والعثور خلالها على الكثير من الأصناف المهربة والممنوعة والتي يشكل استخدامها خطورة على صحة الإنسان وتساهم في ثلوث البيئة والإصابة بالأمراض السرطانية الأمر الذي يستدعي وضع المعالجات لهذه المشكلة من خلال تفعيل القانون ورفع وعي العاملين في هذا المجال بخطورة الاستخدام العشوائي للمبيدات وأهمية التداول السليم للمبيدات حفاظا على السلامة العامة.
وأكدت محضور ضرورة السيطرة على ظاهرة الغش في المبيدات.. الأمر الذي يستدعي تفعيل القوانين المتعلقة بذلك والقيام بحملات ضبط ليس فقط على محلات التجزئة بل أيضا على منافذ البلاد للحد من انتشار المبيدات المهربة والممنوعة.
أضرار المبيدات
وفي ورقة عمل للمهندس أنس العيزري مدير أداره الرقابة بعنوان “أضرار المبيدات الممنوعة والمهربة على الانسان والبيئة والاقتصاد الوطني” أشار فيها إلى أن الإنسان يتعرض للعديد من الأمراض بسبب الاستخدام العشوائي للمبيدات وعدم التعامل الصحيح معها إلى الكثير من الأمراض الخطيرة أهمها فقدان الذاكرة وشلل الجهاز التنفسي، وضعف الجهاز المناعي، حساسية الجلد، وارتفاع ضغط الدم وتلف الجهاز العصبي المركزي، والسرطان بأنواعه وأهمها سرطانات الجهاز الهضمي والغدد الليمفاوية والبلعوم، وانهيار وظائف الكبد والخلل الهرموني.
وأشار العيزري إلى أن بيانات صادرة من المركز الوطني لعلاج الأورام أوضحت أن ثلث سكان الجمهورية اليمنية مهددون بالسرطان بسبب المبيدات التي ترش على محصول القات حسب دراسات يمنية.. ونحو 20.000 ألف مواطن يمني يصابون بمرض السرطان سنويا.. فيما يتوفى نحو 60% من المصابين بالأمراض السرطانية.. كما أن الأرقام مرشحة للزيادة في ظل استمرار الاستخدام العشوائي واستمرار وجود المبيدات الممنوعة في بلادنا.. وتعتبر اليمن من أكثر البلدان في معدل الإصابة بالسرطان.
وأضاف: يعتبر كل من يتعامل مع المبيدات معرض للإصابة بالأمراض التي تسببها المبيدات سواء عبر (اللمس – الشم – الأكل – الشرب).. فيما تناول الورقه أضرار المبيدات الممنوعة على البيئة حيث للمبيدات اضرار على البيئة وخصوصا الممنوعة منها وبالذات عند التعامل غير الصحيح.. فقد يكون على المبيدات تأثير سلبي على النبات من ناحية تغير لون الأوراق أو شدة النتح أو عملية البناء الضوئي.. ومن ناحية الطيور التي تتغذى على الحشرات الميتة بسبب القضاء عليها بالمبيدات وكذلك الأسماك التي تتعرض للمبيدات من خلال التخلص من بقايا المبيدات في مجاري الأودية والسيول.. كما تتأثر الحشرات النافعة كالنحل وغيرها حيث أن المبيدات لا تفرق بين حشرات نافعة أو ضارة بينما في الآونة الأخيرة وجدت مبيدات متخصصة لآفات دون غيرها.. وتؤثر تؤثر بعض المبيدات على التربة والكائنات الموجودة فيها كالبكتريا وتثبيت النيتروجين وقد يصل جزء منها إلى المياه الجوفية (مياه الشرب).
وأوضح الباحث أن دخول مواد ممنوعة ومحظورة في الأسواق اليمنية تضر بصحة الإنسان.. وإمكانية الغش في دخول المبيدات المهربة كونها لا تخضع للفحص.. كما يتم تخزينها في ظروف غير ملائمة أثناء التهريب مما يؤثر على فاعليتها.. بالإضافة إلى أن جلب هذه المبيدات من مصادر غير معروفة، حتى لو كتب عليها أنها من شركات عالمية فإنها في الغالب تكون مزيفة لغش المزارع والتاجر على حد سواء.. وتعتبر المبيدات المهربة استنزافاً لموارد المزارع بتكرار الرش للآفة كون فعاليتها غير جيدة.. فيما يعرض التاجر للعقوبات بحسب القانون.
وأشار العيزري في ورقته إلى أن هناك تأثير المبيدات المهربة على الاقتصاد الوطني من حيث قلة الإيرادات بالنسبة لخزينة الدولة.. وانتهاك هيبة وسيادة القانون.. وارتفاع معدل التضخم بسبب ارتفاع معدل الطلب.. وقلة الاستثمارات في هذا الجانب، كونه يؤدي إلى قلة الطلب على المنتجات الرسمية وبهذا قد يؤدي إلى إفلاس بعض الشركات وكذلك توقف أي استثمارات جديدة.. ومن الممكن أن ظاهرة التهريب قد تشجع بعض الوكلاء الرسميين لتهريب منتجاتهم عبر المنافذ غير الرسمية لتقليل التكلفة.
المبدع الممنوع
فيما أشار المهندس محمد عبدالمغني مدير الرقابه والتفتيش في ورقه عمل بعنوان “المبيدات المصرحة والوكلاء المعتمدون والعقوبات القانونية للمخالفات” أشار خلالها إلى أن المبيد الممنوع هو المبيد الممنوع تداوله.. والمبيد المقيد بشدة هو المبيد الذي يحق لوزارة الزراعة والري منح تصريح باستيراده للحالات الطارئة وفي حالة عدم توفر بدائل مكافئة في السوق المحلية، على أن يستخدم تحت الاشراف المباشر للوزارة ويمنع تداوله في الأسواق.
شروط فنية
فيما أشار المهندس مبروك شرف رئيس قسم المبيدات في ورقة عمل بعنوان “المواصفات الفنية واجراءات السلامة المتبعة في تداول المبيدات” إلى أن الشروط الفنية الواجب توفرها في محل بيع المبيدات أن يكون الموقع بعيد عن المساكن، وأن يكون البناء غير قابل للتشقق وأرضية المحل بعيدة عن سطح الأرض، وأن تكون الأرضية مبلطة وأن يوجد رفوف للمبيدات مركب عليها زجاج سحاب وأن يوجد وسائل السلامة والإضاءة جيدة، ووجود شفاط للهواء.. وأن تكون المبيدات المعروضة خفيفة “عينات”.. ويوجد ارشادات تعليمية وتحذيرية للمزارعين.
وأشار شرف إلى أن الشروط الصحية المتبعة عند بيع المبيدات لبس الكفوف والكمامات والملابس الخاصة عند عملية بيع المبيدات وعرضها للبيع.. وغسل الأيدي بالماء والصابون بعد عملية البيع وعدم الأكل أو الشرب أو تناول القات أثناء عملية البيع.. وبيع المبيدات في عبواتها الأصلية وعدم تجزئتها.. وعدم بيع مواد غذائية أو بيطرية في محل بيع المبيدات الزراعية.. وبيع المبيدات يكون للراشدين وعدم ممارسة الأطفال للبيع.. بالإضافة إلى وجود مشرف فني متخصص في المحل عند البيع لتحديد نوع الآفة والعلاج المناسب وكذلك الجرعة وفترة الأمان المحددة.. وإذا تسربت أي كمية من المبيد على أرضية المحل أو الرف يجب غسله مباشرة عدة مرات بالمنظفات وتنشيفه.. أما إذا سقطت قطرات من المبيد على العين أو تلوثت به يجب مباشرة غسل العين عدة مرات بالماء والصابون.. في نهاية العمل يجب غسل كل الأدوات المستخدمة والاغتسال كامل الجسم بالماء والصابون.