“مسجد صنعاء – الجامع الكبير ” كتاب وثائقي للمؤلف عبدالرحمن محمد الحداد:

مسيرة تاريخية وعلمية زاخرة بالحقائق والشواهد

محمد القعود
يعد الجامع الكبير بصنعاء من أبرز وأهم المعالم الإسلامية والتاريخية في اليمن ومن أوائل المساجد التي بنيت في اليمن في العقد الأول من القرن الهجري الأول .
كما يعد منارة إشعاع ديني وعلمي على مدى عصور التاريخ، وله مكانته وحضوره ودوره الكبير والعظيم في حياة أبناء اليمن منذ تأسيسه وحتى عصرنا الحاضر..
ونظراً لأهميته ومكانته ورمزيته الدينية والعلمية والحضارية فقد كان وما زال محور اهتمام الباحثين والمهتمين الذين قاموا بتأليف الكثير من الكتب والمؤلفات التي تناولت الجامع الكبير بصنعاء وتاريخه وأهميته.
ومن الكتب الهامة التي صدرت مؤخراً بصنعاء، كتاب بعنوان ” مسجد صنعاء ( الجامع الكبير) .. أقدم مساجد القرن الأول الهجري خارج المدينة المنورة” من تأليف الأستاذ المهندس عبدالرحمن محمد حسين الحداد والذي جاء في 220صفحة من القطع الكبير.
والكتاب عبارة عن دراسة علمية قام بها المؤلف واستغرقت منه عدة سنوات قضاها في البحث والتنقيب والدراسة والتأليف حتى خرج بزاد معرفي وعلمي ضمّنها هذا الكتاب الذي تناول فيه معظم الجوانب المتعلقة بالجامع الكبير بصنعاء منذ تأسيسه في العقد الأول من القرن الهجري الأول وحتى العصر الحاضر، وتسليط الضوء على مختلف الجوانب المتعلقة بالجامع وتناول مكوناته وعمارته ودوره الديني والعلمي وما مثله من أهمية كبيرة في حياة اليمنيين.. وذلك بأسلوب علمي وتوثيقي رصين وبتمكن وقدرة وإخلاص وحب من المؤلف الذي ارتبط بالمكان منذ طفولته ومنه نهل معارفه الأولى.. ومن يطالع الكتب ويرحل مع فصوله وصفحاته يلمس مدى ما بذله المؤلف من جهد وتعب حتى استطاع أن يخرج إلى النور هذا الكتاب الرائع ويرفد به المكتبة اليمنية والعربية التي تفتقر إلى مثل هذه الكتب العلمية الرصينة.
وهذه الجهود التي أثمرت هذا الكتاب تجعل القارئ يوجه التحية والتقدير لهذا المؤلف ولعمله المتميز.
أما عن الدافع الذي جعل المؤلف يقوم بتأليف هذا الكتاب فكانت هناك أسباب عديدة أوردها المؤلف بقوله:
هناك أسباب عديدة دفعتي للقيام بإعداد هذه الدراسة، من أهمها تحقيق الأمور الآتية:
1- تزويد المكتبة اليمنية بدراسة علمية موثقة وشاملة عن مسجد صنعاء (الجامع الكبير) تفتقر إليها حالياً.
2- تسليط الضوء على عدد من الحقائق التاريخية مثل تاريخ تأسيس مسجد صنعاء، تاريخ وصول الصحابة المؤسسين للمسجد الأول .. إلخ، وابراز المكانة التاريخية الهامة لمسجد صنعاء، بما يتميز به من الأصالة والفرادة حيث لاحظنا أن بعض الباحثين يجهلون هذه المكانة التاريخية المرموقة والمستحقة لمسجد صنعاء وأحياناً يحاولون النيل منها والتقليل من شأنها بقصد أو بدون قصد.
3- إعطاء لمحة مختصرة عن مدرسة مسجد صنعاء أقدم المدارس الاسلامية في اليمن وعن مصاحفها ومخطوطاتها الأثرية القديمة، وعلى الخصوص: مصحف صنعاء الشهير، المنسوب إلى الإمام علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه، والدور الريادي الهام الذي لعبته هذه المدرسة في نشر الاسلام حتى  وصل بعض دعاتها إلى الاندلس مع الفاتحين الأوائل.
4- تسليط الضوء على بعض المفاهيم الأساسية المتعارف عليها عالمياً في مجال الترميم والحفاظ على المعالم التاريخية والأُثرية، وإعطاء نبذة عن المشروع الشامل لترميم الجامع الكبير الجاري حالياً كمثال حي، تطبق فيه مثل هذه المفاهيم والقواعد العالمية.
وقد تضمن الكتاب الفصول التالية:
الفصل الأول جاء بعنوان (المساجد) وفيه عدة مباحث ومطالب تشمل المواضيع الآتية: المساجد في القرآن الكريم، المساجد في السنة النبوية الشريفة، الأصالة والبساطة في بناء المساجد، العناصر المعمارية الرئيسية في المساجد، لمحة عن أشهر مساجد القرن الاول الهجري في العالم الإسلامي.
أما الفصل الثاني فقد جاء تحت عنوان (تخطيط مسجد صنعاء .. والأحياء المحيطة به) وفيه عدة مباحث ومطالب تشمل المواضيع الآتية: لمحة عن تخطيط صنعاء قبل الإسلام، لمحة عن تخطيط صنعاء بعد الإسلام، وصف الجامع الكبير من الخارج، ويشمل: وصف الموقع العام والكتلة المعمارية، وصف الواجهات الخارجية والأبواب وصف المرافق العامة للجامع الكبير.
وصف الجامع من الداخل ويشمل وصف الصومعتين وصف قبة الزيت (قبة سنان باشا)، وصف المكتبتين الشرقية والغربية، وصف الكتابات التوثيقية بالعربية والحميرية.
وصف القبور داخل الجامع قبر النبي حنظلة بن صفوان عليه السلام، قبور الأئمة المنقولين إلى قبة العوسجة، وصف قاعات الصلاة (الأروقة الأربعة) وصف سقف الجامع الخشبي المنحوت بكتاباته ورسوماته  وألوانه الرائعة.
وفي نهاية الفصل  خريطة عامة لصنعاء توضح الحارات المختلفة المحيطة بالجامع الكبير، ومخططات توضح توزيع الكتل المعمارية لمباني الجامع ومخططات المسقط الأفقي، وبعض الواجهات والقطاعات في مبنى الجامع.
وحمل الفصل الثالث عنوان (مدرسة الجامع الكبير .. ومصحف صنعاء) وفيه عدد من المباحث تشمل المواضيع الآتية: تأسيس مكتبتي الجامع (مكتبة الإمام يحيى ومكتبة الإمام أحمد)، نظام المطالعة والاستعارة محتويات المكتبتين من الكتب والمخطوطات والمصاحف المخطوطة القديمة.
قصة دخول القرآن الكريم إلى اليمن، قصة الرقوق القرآنية، والمخطوطات الأثرية المكتشفة في الخزائن الجدارية للجامع، قصة المخطوطات التي تسربت من مكتبة الجامع الكبير إلى تركيا وايطاليا، آراء الباحثين الأتراك في مصحف صنعاء، المنسوب إلى الإمام علي ابن أبي طالب- كرم الله وجهه، لمحة عن نظام الدراسة في الجامع الكبير، أشهر الحلقات الدراسية ومشائخها في الجامع الكبير في العصر الحديث.
وخصص الفصل الفصل الرابع عن (صنعاء في صدر الإسلام .. وتأسيس مسجدها الأول) وفيه عدد من المباحث تشمل المواضيع الآتية: طلائع المسلمين من أهل اليمن، فتنة الأسود العنسي روايات الرازي، ومدرسة الحديث، لمحة موجزة عن مدرسة الحديث، نصوص روايات الرازي، تراجم مختصرة للصحابة المؤسسين لمسجد صنعاء الأول، الاستنتاجات من واقع المراجع التاريخية والقراءة التحليلية لروايات الرازي المختلفة.
وكان الفصل الخامس بعنوان (مسجد صنعاء من العصر الأموي حتى العصر العثماني) وفيه عدد من المباحث تشمل المواضيع الآتية: مسجد صنعاء في عهد الخلافة الأموية، مسجد صنعاء في عهد الخلافة العباسية، مسجد صنعاء .. والأضرار التي ألحقها به سيل (يعمد) العظيم، مسجد صنعاء في عهد الدولة اليعفرية، مسجد صنعاء في عهد الفاطميين، دخول علي بن الفضل إلى مسجد صنعاء .. وما ترتب عليه من أضرار ، مسجد صنعاء في عهد الدولة الصليحية، مسجد صنعاء في عهد الدولة الأيوبية، مسجد صنعاء في عهد الدولة العثمانية، مع  كل عهد نبذة تاريخية مختصرة، بهدف وضع تلك الأحداث في إطار سياقها الزمني والتاريخي.
الفصل السادس كان بعنوان  (الجامع الكبير .. من عهد الأئمة حتى وقتنا الحاضر) وفيه عدد من المباحث تشمل المواضيع الآتية: الجامع الكبير في عهد الائمة، ما قامت به وزارة الأوقاف في الجامع الكبير من بداية العهد الجمهورية وحتى اليوم.
الفصل السابع  جاء بعنوان (ثقافة الحفاظ .. ومشروع ترميم الجامع الكبير) وفيه عدد من المباحث تشمل المواضيع الآتية: لمحة عن أهمية الحفاظ على التراث الثقافي، لمحة عن قواعد الحفاظ على المعالم التاريخية في المواثيق العالمية، نبذة عن مشروع الترميم الشامل للجامع الكبير الجاري حالياً، كنموذج حي يتم فيه تطبيق مفاهيم وقواعد الحفاظ العالمية، نبذة مختصرة عن الصندوق الاجتماعي للتنمية،  نبذة مختصرة عن الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، التقرير الفني الشامل المقدم إلى مجلس الأمناء قبل البدء في الترميم، والذي يحتوي على ملخص للدارسات النوعية المتخصصة التي قام بإعدادها مجموعة من الاستشاريين العالميين، من ذوي الخبرة الواسعة في هذا المجال.
وكان قد أشار الدكتور عبدالعزيز المقالح في برنامجه الإذاعي خواطر رمضانية إلى هذا الكتاب وأهميته ومما قاله عنه:” هناك أكثر من كتاب عن مساجد صنعاء عامة وعن الجامع الكبير  خاصة، لكن هذا الكتاب وهو من إعداد مهندس احتضنه الجامع منذ أن كان طفلاً يحبو إلى أن أصبح مهندساً مرموقاً، لقد كان منزل آل الحداد، وما يزال جوار الجامع الكبير، وهذا القرب والتنشئة المرتبطة بالجامع شكلت حافزاً لدى المؤلف، وجعلت الكتابة عنه تتسع لمعارف ومعلومات لا يجيدها من عاش بعيداً عنه، أو أخذ معلوماته عن طريق الكتب وحدها، وهي ميزة تحسب لهذا الكتاب ولصاحبه، فكما  اهتم المؤلف بمعمار الجامع والتخطيط  الدقيق في بنائه، والموقع الفريد المتوسط في قلب صنعاء القديمة تماماً، فقد اهتم بمكوناته وأروقته ومكتبتية الشرقية والغربية، وبالقبور الموجودة داخل الجامع، ومنها قبر النبي حنظلة بن صفوان عليه السلام، مع اشارات واضحة إلى سقفه الخشبي المنحوت والمزين بالكتابات والرسومات الرائعة”.

قد يعجبك ايضا