تعز / سلطان مغلس –
* مديونية المؤسسة تجاوزت 600 مليون ريال وسيتم نشر أسماء المخالفين
* الحاجة من المياه 148 ألف لتر مكعب يومياٍ وما يتم إنتاجه 12 ألف لتر مكعب
أرجع مدير عام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بمحافظة تعز المهندس عبدالسلام الحكيمي جذور الأزمة المائية التي تعصف بتعز منذ عقود من الزمن , لشحة الموارد المائية ونضوب كثير من الآبار التي تزود المدينة بالمياه علاوة على الاختلالات المالية والإدارية المتراكمة في المؤسسة , والتي قال بأنها أثقلت كاهل المؤسسة و إمكانياتها المحدودة , واستعرض الحكيمي في هذا الحوار مجمل المشاكل والمعوقات الفنية والإدارية بالمؤسسة وكذا حجم المديونية لدى المستفيدين وخاصة المرافق الحكومية والشخصيات الاجتماعية والمتراكمة منذ فترة طويلة , مؤكدا عزم قيادة المؤسسة وبدعم قيادة المحافظة نشر أسمائهم بوسائل الإعلام, فإلى حصيلة اللقاء :
* في البدء دعنا نتحدث عن مشكلة المياه بوضوح وشفافية ونستعرض أسبابها الحقيقية¿
** الجميع يعرف منذ ثمانينيات القرن الماضي أن تعز تعاني من مشكلة في شحة الموارد المائية , إذ أن المياه المنتجة من كافة الآبار على مدى هذه السنوات لم تكن تكفي لعدد المشتركين التي ظلت تتزايد منذ ذلك التاريخ دون زيادة تذكر في موارد المياه بل هناك نقص وتدني لما كان ينتج في تلك الفترة وكانت هناك حقول آبار من الحيمة وحبير تغطي الحاجة وظلت في تناقص مستمر إلى أن جفت تماما وظل الاعتماد الآن على بعض المصادر , وأيضا موارد المياه داخل المدينة موسمية تأتي مع مواسم الأمطار وتتراجع في مواسم الجفاف , كما هو الحال في حقل الحوجلة إنتاجيته جيدة خلال الصيف ومواسم الأمطار ومنخفضة للغاية تصل لحد الجفاف في المواسم الأخرى , والمشكلة في تعز ليست متعلقة بالمؤسسة بقدر ما هي متعلقة بالموارد المائية نفسها والأنشطة الزراعية والأهلية على مدى هذه السنوات كلها في المدينة تستنزف من هذا الحوض (أعالي وادي حصيان) وهو المصدر الوحيد المتاح حاليا للمياه , لذلك ذهب الأولون والدراسات الماضية ويبقى الحل في الوقت الحالي الحصول على مياه من مصادر دائمة ومستدامة وآمنة وكان مشروع تحلية مياه البحر إحدى هذه الوسائل.
مشاريع إسعافية
* هل وضعتم حلولاٍ رئيسية للمشكلة , أم لا زلتم تنتظرون الانتهاء من مشروع تحلية مياه البحر¿
**إلى أن يتم مشروع التحلية هناك مشاريع إسعافية تساعد على استمرار الخدمة والحفاظ على حدها الأدنى فقط , وكل ما يعمل الآن وخلال السنوات الماضية مجرد تخفيف لشدة الأزمة وحدتها من حيث الموارد المائية وما ساهم في تفاقم المشكلة وسوء الخدمة في السنتين الماضيتين (سنوات الأزمة) التي شهدها الوطن بأكمله , وتعرضت ممتلكات وأصول المؤسسة ومنشآتها للتخريب نتيجة للحالة الأمنية من جهة ونتيجة للفساد واللامبالاة من بعض العاملين , وإعادة الوضع إلى ما كان عليه عامي 2010م و2009م يتطلب جهوداٍ هائلة بحيث تستعاد خدمة المؤسسة على الأقل في حدها الأدنى.
* لماذا لا تستفيدون من حصاد الأمطار¿
** حصاد الأمطار مشروع قديم جديد , ومنذ أن أنشئ مشروع البنك الدولي لحماية تعز من كوارث السيول كان يجب أن يكون مشروع الحصاد مرافقاٍ ومتزامناٍ , لكن للأسف في المرحلة الأولى والثانية من المشروع لم يعمل حساب لحصاد الأمطار , وفي المرحلة الثالثة هناك خطة للاستفادة من عمل مصائد مائية من جهة ومن جهة أخرى إنشاء مسطحات مائية في 3 مناطق حول المدينة , والدراسة إلى الآن لم تنته ولم تستكمل عمليا لأن وزارة المالية لم تعتمد كامل المبلغ المخصص للدراسة وظلت دراسة أولية لا يمكن الاعتماد عليها لتصبح مصدراٍ حقيقياٍ للمياه ومشروعات البنك الدولي لحماية تعز من كوارث السيول ستكون مساعدة جداٍ في تغذية الأحواض وسيكون ضمن المشروع مصائد للمياه ويأتي دور المؤسسة كمرحلة ثانية بعمل آبار وحفر حقن للآبار وتنقيتها وإعادة ضخها في الشبكة.
23% فاقد
* وماذا عن تأهيل الشبكة الحالية , والتي أصيبت بترهل يتسبب بفقدان جزء كبير من المياه¿
** في عام 2005م أعدت دراسة خاصة للمياه والصرف الصحي للمحافظة حتى عام 2025م وتضمنت أخذ بعض المناطق لعمل نوع من التأهيل والتطوير لشبكات الصرف الصحي وتم الانتهاء منها في عام 2010م وبقيت بعض المناطق لم يتم الدخول اليها ويجري حاليا التباحث مع صندوق الإعمار الألماني لإعداد تأهيل شبكات الصرف الصحي بالمدينة القديمة والمجرى الرئيسي لمياه المجاري المتجه نحو منطقة البريهي وخط آخر لشرق مدينة تعز (عصيفرة ـ كلابة) وهذا يتم العمل فيه وهناك اتفاق على تمويل 15 مليون دولار مخصص لهذا الغرض سيؤخذ من برنامج دعم المدن لبنك الإعمار الألماني .
وهناك دعم للبنك الدولي الذي قدم منحة لليمن في إطار برنامج الاستقرار والتنمية وهو برنامج طموح وخصص منه لتعز 25 مليون دولار وهذه المبالغ ستخصص لعمل جزء من مجاري المنطقة الغربية وإنشاء محطة مجاري بالإضافة لتمويلات بعض المشاريع في بعض المناطق كالتربة والراهدة لعمل شبكات مجاري وهما سيساعدان في تأهيل وتجهيز الشبكات ولدينا مشكلة في فاقد المياه في الشبكة وما زال مرتفعا رغم إجراء بعض الصيانات لكنه لا يزال يتجاوز 23 % من الناتج وهذا يسبب مشكلة ما لم يتم التعامل معها من الآن , وهناك مشروع آخر لوكالة التنمية اليابانية (جايكا ) وهو مشروع يتضمن دراسة للمناطق في تعز وهيدرولوجية وتحديد مداخل ومخارج لكل منطقة وتركيب عدادات في مداخل المناطق وقياس الفاقد على مستوى كل منطقة وبالتالي تحديد الأولويات وهذا المشروع سينفذ بالتعاون مع الوكالة اليابانية والتي ستتعاون معنا في الخبرات والتمويل سيكون ذاتياٍ وسنشرع في تنفيذه في هذا العام وهي إعادة دراسة شبكات المياه وإنشاء مداخل ومخارج لكل منطقة لإمكانية القياس على ضوئها.
* كم حاجة تعز من المياه , ومعدل ما يتم إنتاجه حاليا ¿
** في الوقت الراهن وبعدد المشتركين الموجودين حاليا تحتاج إلى حوالي 48 ألف متر مكعب يوميا لتلبية حاجاتها وما ينتج الآن حوالي 9 ـ 12 ألف متر مكعب من كل مصادر المياه , وهذه الكمية من المياه تنتج من حوالي 63 بئراٍ عاملة بينما في أي مكان آخر في اليمن ممكن تنتج من 5 ـ 6 آبار فقط , وهذا فقط مثال لمعرفة حجم المشكلة الموجودة وهذه الآبار الـ63 إذا افترضنا أن لكل بئر حارساٍ فنحن بحاجة لـ63 حارساٍ و63 مولداٍ كهربائياٍ و63 خزان ديزل وتكاليف أخرى ناهيك عن بْعد الآبار عن تعز بحوالي 35 كيلو متر وهذه تسبب المشكلة الحقيقية للمؤسسة.
برنامج متميز
* هناك من يْرجع جذور المشكلة للفساد المالي والإداري المستشري في المؤسسة
** المشاكل الإدارية بالمؤسسة متراكمة وليست وليدة اللحظة , والأخوة من الهولنديين كانوا في شراكة مع المؤسسة وكان جزء من عملها التطوير الإداري لكنهم في الأخير استسلموا وغادروا ..
في عام 2008م وذهبوا بعيدا لعدم وجود جدية في الجانب الحكومي في تنفيذ الالتزامات وهذه المسائل تحتاج إلى التزام وجدية وأخشى أن نؤول إلى ما آل إليه الآخرين , ونحن لدينا برنامج متميز مع مؤسسة التعاون الفني الألماني وهذا البرنامج زمنه 3 سنوات ومن المفترض أن يبدأ الآن وسيكون جزء كبير من عملهم تطوير البنية المؤسسية للمؤسسة وإعادة هيكلة المؤسسة وتأهيلها وتطويرها للدور المطلوب منها مستقبلا في التعامل مع القطاع الخاص والبيع للجمهور وتحصيل قيمة هذه المياه وآمل أن تجد الحكومة بابا لدعم هذا الاتجاه ما لم فسيكون مصيرنا كما كان سابقا مع الشركة الهولندية التي قضت بالمؤسسة فترة من الزمن وأنفقت حوالي مليوناٍ ونصف المليون يورو.
* لكن , الاختلالات المالية والإدارية.. أغرقت المؤسسة¿!
** نحن نقر بوجود مشاكل إدارية , لدينا 835 موظفاٍ وحاجة المؤسسة الفعلية لا تحتاج لأكثر من 500 موظف , وجرى توظيف أكثر من 240 موظفاٍ خلال سنة واحدة في آخر فترة من السنة الماضية 2011م وكلها لمصالح ولأشياء شخصية بحتة وهناك أعباء تضاف للمؤسسة لا أساس لها ولا ضرورة ونحن بحاجة لمساعدة الحكومية لنعمل على حلحلة مجمل المشكلات الإدارية وبدون هذا أؤكد بأن المشكلة قائمة وستظل متراكمة.
التزام الجانب الحكومي
* كقيادة مؤسسة.. أين دوركم في إيقاف هذا العبث ¿
** مجلس إدارة المؤسسة طلب من الألمان المساعدة في هذا الشأن وتم الاتفاق معهم على هذا الأساس وبدأوا في المسح الأولي وهذه خطوة في الطريق الصحيح , وهذا يتطلب إجراءات حقيقية كتدريب العاملين وشراء خدمات أكفاء وتعويضات , والسؤال هل هناك التزام وجدية في هذا الجانب من الحكومة ¿!!
* معنى أنكم , مرتبطون في إجراءات الإصلاح الإداري بدعم الحكومة¿
** حتى نقر إصلاحات يجب أن يكون هناك التزام حكومي لضمان سير عملية التصحيح بشكل منظم والجميع يتجه لإنجاح الهدف المطلوب , وهناك بعض الأعباء ما زالت قائمة رغم الإصلاحات المتواصلة وبحاجة لوقفة جادة ومجلس الإدارة بدأ في معالجة الكثير من القضايا وجهود المحافظ شوقي مؤازرة بشكل كبير , وبالتأكيد نحن بحاجة لدعم لأن التصحيح لا يمكن أن يحدث بعصا سحرية بين يوم وليلة ولدينا خطة لخفض عدد من يخدمون كل ألف توصيلة إلى 12 شخصاٍ وسنعمل على إعادة توزيع العاملين والاستفادة منهم في فروع ومشاريع جديدة وتدريب البعض وتأهيلهم ليصبحوا قوة فاعلة بالمشروع , وتقريبا لدينا بطالة مقنعة بنسبة 50% لا ينتجون ويستلمون رواتب , واكتشفنا ونحن نجري حصر للموظفين أن هناك بعض الموظفين مازالوا مرتبطين بجهات أخرى منهم في جهات بالأمن وإعادة هؤلاء إلى مواقعهم سيساعد على التخفيف من المشكلات الإدارية .
* إجراءات رادعة
** وهذه مسألة مهمة , تصور أن عدد المهندسين لا يتجاوزا 14 مهندساٍ وكذلك المحاسبين عددهم قليل جداٍ , ولك أن تنظر لدينا في موقع واحد فقط 26 حارساٍ لبئر واحدة ولدينا أيضا اعتمادات لحراس يحرسون خطوط الضخ من تحت الأرض !! وفي العالم كله يحرسها أرحم الراحمين ونحن لدينا حراس وعليك أن تقس على ذلك وتتخيل حجم المشكلة.
* لكن المواطن يشكو من التلاعب في توزيع المياه¿
** في زيارة وزير المياه الأخيرة كان همه الأساسي هذا الجانب , وخرجنا من الاجتماعات معه على أساس إعادة هيكلة إدارة التوزيع بالمؤسسة وتوزيع العمل فيها على ورديات وتطعيمها بموظفين جدد وإبعاد بعض الموظفين الحاليين , والإعلان عن توزيع المياه في الوسائل الإعلامية هي خطوة أقدمنا عليها ولم تكن سهلة كما يعتقد البعض , وكانت هناك مقاومة شديدة من الداخل والخارج وكان هناك محاولات إفشال لها كونهم سيفقدون مصالحهم , وقدر الإمكان أصرينا على الإعلان والنشر لنكتشف العنصر الشاذ الذي سيقف عائقا أمام هذه الخطوة وخاصة من أبناء المؤسسة , وهناك بعض العوامل التي تعيق أيضا البرنامج من خارج المؤسسة وهناك من يتعمد تخريب التوزيع بفتح أو إغلاق المحابس هذا من جهة والجهات الأمنية تتحمل جزءاٍ كبيراٍ من المسئولية باتخاذ إجراءات رادعة مع أنه يتم تسليمهم الأشخاص ونكتشف إخراجهم والإفراج عنهم.
600 مليون
* ما حجم مديونية المؤسسة لدى المشتركين¿
** لدى المؤسسة مديونية كبيرة ولها سنوات ومما ساعد على تراكمها الأزمة الماضية , وهي تبلغ تقريبا 600 مليون ريال ومعظمها لدى الجهات الحكومية والمشتركين من كبار المسئولين والشخصيات الاجتماعية , وللعلم في عام 2012م بلغ التحصيل أكثر من 100% , وفترة الأحداث الماضية ساهمت بزيادة المشكلة عبر التحريض على عدم سداد الفواتير آنذاك.
* هل لديكم إجراءات جادة لتحصيل تلك المديونية¿
** هناك برنامج دائم للتحصيل ولدينا خطة لنشر أسماء الشخصيات بوسائل الإعلام وإحالة بعض القضايا للنيابة العامة للنظر والبت فيها.
* وماذا عن المعدات التي خسرتها المؤسسة 2011¿
** 6 سيارات منهوبة وكمبريشنات وبعض المعدات للمهندسين والعمال وهذه لم تعد حتى الآن وما زالت منهوبة ولدينا مشكلة سابقة ببقاء سيارات مع موظفين انتقلوا من المؤسسة , ونعمل حاليا على استعادتها ونعاني من شحة في وسائل النقل ولا نستطيع تغطيتها ونضطر إلى أن نستأجر في كثير من الحالات خاصة ونحن نمر بظروف بالغة التعقيد.
نأمل نجاح المباحثات
* أخيرا , تحلية مياه البحر , طال الحديث عنها إلى أين وصلتم في هذا الجانب¿
** هناك دراسات متكاملة فيما يخص خط النقل والتحلية والتصور لإطار قانوني مع القطاع الخاص في كيفية مساهمة كل طرف بالعمل , والدولة وقعت على قرض وفتحت مظاريف قبل أيام لاختيار استشاريين لإنتاج الطاقة الكهربائية بالرياح , ومازال أمامنا تنفيذ الخط الناقل من المخا إلى مدينة تعز وأيضا إنشاء محطة تحلية وهذا سيتولاه القطاع الخاص , ونأمل أن تنجح المباحثات بين الجانب اليمني والسعودي سريعا وينجز المشروع ويخرج إلى النور لنتمكن من التغلب على المشكلة التي أضحت تؤرق مضاجع جميع أبناء تعز.