محمد النظاري
غادر دنيانا الفانية منتصف الأسبوع الماضي بمدينة عدن نجمان كبيران من نجوم الرياضة اليمنية.. بعد أن قدما للرياضة اليمنية الكثير في زمن لم تقدم لهما الرياضة أي شيء!!..ولكن يكفيهما حب الجماهير لهما.
النجم الأول هو قيصر الكرة اليمنية الكابتن عبدالله هرر، رحمة الله عليه، لاعب المنتخبات الوطنية ونادي الجيش (سابقا)، وذلك بعد رحلة طويلة مع المرض، ليموت ويدفن في وطنه، الذي أبدع وأسعد جماهيره فيه.
النجم الثاني هو الكابتن عوض سالم عوض ، رحمه الله، والملقب بعوضين، لاعب المنتخبات الوطنية ووحدة عدن، والإعلامي الذي برز من خلال التعليق وتقديم البرامج الرياضية التلفزيونية.
برحيل النجمين الكبيرين تكون اليمن وليست محافظة عدن وحدها من خسرتهما، كما خسرت قبلهما جيلا اسعد الرياضيين داخليا، وشرف الوطن خارجيا.
مبادرة وزارة الشباب والرياضة بتكريم النجمين بعد رحيلهما جيدة من حيث الاعتراف بما قدماه للرياضة اليمنية، ولكني أجدها مكرمة لن تراعي إطلاقا مكانة النجمين ولا ماضيهما المليء بالمحطات التي أفرحت محبيهما، فمبلغ 100 ألف ريال لأسرة كل منهما، هو مبلغ غير لائق ولا مقبول من وزارة يوجد بها صندوق المليارات.
تصوروا معي هذا المبلغ الزهيد في هذا الوضع الاقتصادي السيئ ماذا سيقدم لأسرة الفقيدين، كما أن مثل هذه المبالغ القليلة، سيكون وقعها سيئ على نجوم الحاضر، وهم يرون قيمتهم بعد موتهم كالتي قدمت لأسرتي الهرر وعوضين ، رحمهما الله…ويبقى السؤال المطروح دوما: متى نكرم نجومنا قبل رحيلهم؟.
من الأخبار التي أثارت الاستغراب ، سماعنا أن هناك تفعيلا لمشاركة الأندية خارجيا، مع أن النشاط الداخلي متجمد، ولا ندري ما هي المعايير التي اتبعها البعض لاختيار من يريدونهم كممثلين عن الوطن خارجيا؟.
هناك من يقول: بأن وزارة الشباب والرياضة، اختارت فريقي التلال من عدن والهلال من الحديدة، كممثلين للكرة اليمنية في المسابقات الخارجية..وهي ليست الجهة المخولة بتحديد المشاركين خارجيا، فالمسابقات الوطنية هي من تحدد الفرق التي يحق لها المشاركة كبطلي الدوري والكأس، وفي بلدنا ومنذ موسمين لا يوجد أي نشاط كروي.
اتحاد الكرة بدوره ينسب إليه انه يريد هو الآخر إقامة مسابقة كروية في المحافظات التي يسمونها بـ(المحررة) من أجل اختيار الفرق الفائزة في المسابقات الخارجية، وهم بذلك يوسعون دائرة الانقسام بين رياضيي الوطن الواحد، فإذا كان الأفراد لا يستطيعون دخول تلك المحافظات، فما بالنا بالفرق الرياضية.
إن صحة الروايتين المنسوبتين للوزارة والاتحاد، فإننا نجد أنهما معا يغردان خارج السرب، فالوضع الصحيح أن يسعى كل منهما لإعادة الروح للمسابقات الداخلية، وكسر الجمود الحاصل فيها، أو الاعتراف بعجزهما معا من خلال الامتناع عن ترشيح أي فريق حاليا.
لابد من تضافر جهود الوزارة والاتحاد، فحتى لو عملت الوزارة مسابقة داخلية بحكم أنها من تقدم الدعم وباستطاعتها تمويل الدوري، ولكنه سيفشل ولن يعترف به أحد لكون الاتحاد قادر على استصدار قرار دولي بعدم الاعتراف به، واعتبار ذلك تدخل السلطة في شؤون اتحاد الكرة.
بدوره لو فكر الاتحاد في إقامة أي مسابقة في نطاق جغرافي لا يشمل الوطن كله، سيكون مآله الفشل، كما أن تلك المناطق هي أكثر تأثرا بالانفلات الأمني، وقد تكون العواقب وخيمة.
ليس أمامنا إلا انتزاع الرياضة من وحل السياسة الذي أراد البعض وضعها فيه، فالرياضيون وحدوا الوطن قبل السياسيين، وهم اليوم قادرون على إعادة اللحمة الوطنية، سيرا على نهج الرعيل الأول الذين كانوا وحدويين بالفطرة ومنهم الفقيدان (الهرر وعوضين) رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته، وألهم أهلهما ومحبيهما ومشجعيهما الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.