الاتفاق الوطني بين شرعية الوطن وشرعية الفنادق
حسن الوريث
أثارت الخطوة التاريخية التي أقدم عليها المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله بإعلان تشكيل مجلس سياسي أعلى لإدارة شؤون البلاد خلال المرحلة المقبلة، أثارت انزعاج وقلق العدوان ومرتزقته كما جن جنونهم ولم يعودوا يدرون ما يقولون فمنهم من وصفه بالانقلاب والبعض قال إنه تصعيد، فيما قال مبعوثهم الأممي إن الاتفاق يعرض التقدم المحرز في الكويت للخطر ويعد خرقاً للدستور اليمني وللمبادرة الخليجية كما يهدد عملية السلام في اليمن .
بالطبع فإن ردود الأفعال هذه طبيعية من قبل المرتزقة وأبواقهم وحتى مبعوثهم الذي يسمى أممي فهم كانوا ومازالوا يراهنون على شق الصف الوطني وبقاء الأطراف الوطنية المواجهة للعدوان متباعدة حتى يسهل عليهم الاستمرار في عدوانهم ومواصلة مهمتهم في تدمير اليمن خدمة لأسيادهم بني سعود والحجة دوماً موجودة وهي أنهم هم من يمثل الشرعية وأن حكومتهم هي التي تمثل الشعب كما يتوهمون ويزعمون وبالتالي فإن الهستيريا التي شاهدناها في ردود أفعالهم تدل على أن الأمور بالتأكيد لم تعد بأيديهم وأن ما ظلوا يروجونه حول شرعيتهم انتهى بهذا الاتفاق وأصبحوا هم خارج الميدان .
مما لا شك فيه أن هذه الخطوة تؤكد أن المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله يشعرون بمسؤوليتهم الوطنية تجاه البلاد خاصة في ظل التصعيد المستمر للعدوان ومرتزقته ووصول مشاورات الكويت إلى أفق مسدود بسبب تعنت وفد الرياض وعدم جديته في الخروج بحل واتفاق ينهي الأزمة التي طال أمدها ووصلت الأمور إلى مرحلة حرجة وصعبة، وبالتالي فهذا الاتفاق من وجهة نظري هو الذي كان من المفترض أن يتم عقب فشل مشاورات جنيف واحد التي أكدت عدم جدية العدوان في التوصل إلى أي حلول شاملة وكانت المطالبات من قبل العديد من الناس بهذا الأمر وأنا شخصياً كتبت موضوعاً بعنوان (بعد فشل جنيف الحل في صنعاء) طالبت فيه بتشكيل مجلس رئاسة وحكومة جديدة تتوزع على المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصار الله وحلفائهم والحراك الجنوبي السلمي والحزب الاشتراكي والأحزاب التي خرجت من اللقاء المشترك الذي انتهى وانفرط عقده لاختلاف مكوناته خاصة من أيد العدوان السعودي على اليمن وتحديد مهام الرئاسة والحكومة في الترتيب والتهيئة لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية ومحلية وتسيير الأوضاع في البلاد لحين إجراء الانتخابات وغيرها من المهام التي تتطلبها المرحلة .
في اعتقادي أن هذا الاتفاق الذي جاء في وقته يزيل كل لبس حول شرعية هذه الحكومة التي ظلت تتغنى بأنها تمثل الشعب اليمني فكما نعرف جميعاً أن هذه الحكومة تشكلت بناء على اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي وقعت عليه الأحزاب والمكونات والأطراف السياسية في البلاد وأبرزهم المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه وأنصار الله وحلفاؤهم وهم يمثلون ٪80 وهم الآن في الداخل الوطني وقاموا بواجبهم الوطني على اعتبار أنهم يمثلون أغلبية الشعب اليمني والشرعية الحقيقية بيدهم فيما أولئك المرتزقة لا يمثلون سوى أنفسهم وليس لهم أية شرعية فهل يمكن أن يستمدوا شرعيتهم من الفنادق التي يعيشون فيها ولا يستطيعون حتى الخروج منها إلا بإذن أسيادهم وبعد تجديد إقامتهم من قبل الكفيل الذي ربما يرفض مواصلة منحهم الكفالة في حالة عدم تنفيذ أوامره وهذا يقودنا إلى أن التعويل على المشاورات سواء التي جرت في جنيف أو الجارية حالياً في الكويت سيكون رهاناً خاسراً على اعتبار أن المنظمة الأممية وقفت عاجزة أمام ما يجري في البلاد ولم تتمكن من القيام بمهامها المناطة بها سواء وقف العدوان ورفع الحصار أو استكمال المشاورات التي ترعاها بين الأطراف والمكونات السياسية اليمنية ورضخت للضغوط من قبل دول العدوان التي أفشلت كل الجهود وسواء نجحت المفاوضات أم لم تنجح فلابد من استكمال بقية الخطوات في الطريق الطويل لإعادة بناء الوطن الذي يحتاج إلى جهود أبنائه المخلصين الذين يستمدون شرعيتهم من الوطن وليس أولئك الخونة المرتزقة الذين يستمدون شرعيتهم من الفنادق.