الوثائق والإعلانات الدستورية في الجمهورية اليمنية

 - أولا- التطور الدستوري في (الجمهورية العربية اليمنية) سابقاٍ.
تعددت الوثائق والإعلانات الدستورية التي صدرت في (الجمهورية العربية اليمنية)
إعداد/ مطيع علي حمود جبير –
أولا- التطور الدستوري في (الجمهورية العربية اليمنية) سابقاٍ.
تعددت الوثائق والإعلانات الدستورية التي صدرت في (الجمهورية العربية اليمنية) سابقاٍ رغم أن الفترة ما بين قيام الثورة في 26سبتمبر 1962م والوحدة في 22مايو 1990م ليست بالطويلة في حياة الشعوب حيث شهدت هذه الفترة صدور دستورين دائمين وثلاثة دساتير مؤقتة وستة إعلانات دستورية كما بلغت التعديلات الدستورية 22 تعديلاٍ.
1- الإعلان الدستوري الصادر في30/10/1962م.
أول وثيقة دستورية تصدر بعد قيام ثورة 26 سبتمبر هي الإعلان الدستوري الصادر في30/10/1962م. حيث أعلن في اليوم التالي من قيام الثورة تشكيل مجلس قيادة الثورة الذي أصدر أول إعلان دستوري له في 13أكتوبر 1962م مشتملاٍ على المبادئ التي سوف تسير على نهجها قيادة الثورة وكان موجزاٍ فقد اشتمل على إحدى عشرة مادة وأشار الإعلان في مقدمته إلى أن هذه القواعد التي يتضمنها هي التي ستحدد أسلوب الحكم خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات.
وقد تضمن هذا الإعلان الدستوري أهداف الثورة في المادة الأولى منه كما تضمن بعض القواعد الدستورية ومنها: أن جميع السلطات مصدرها الشعب (م2) وأن مجلس قيادة الثورة هو الذي يتولى الحكم (م7)وقد ترتب على ذلك أنه لم يتضمن تنظيماٍ مفصلاٍ للسلطات العامة وقد أسند السلطة التشريعية إلى هيئة أطلق عليها (المؤتمر الوطني) النص في (المادة 9) منه على أن (يتألف من مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء مؤتمر وطني ينظر في السياسة العامة للدولة وما يتعلق بها من موضوعات ويناقش ما يرى مناقشته من تصرفات كل وزير في وزارته).
2- الدستور المؤقت الأول 13 إبريل 1963م
ففي 13/4/1963م صدر الدستور المؤقت الذي جعل مجلس الرئاسة هو الهيئة العليا لسلطة الدولة حيث تضمنت المادة (39) منه على أن يشكل هذا المجلس من (19) عضواٍ والملاحظ أن هذا الدستور قد وكل مهام السلطة التشريعية إلى مجلس الرئاسة إضافة إلى الاختصاصات السياسية والتنفيذية(م 34 م49/ب) وجعل لرئيس الجمهورية وضعاٍ خاصاٍ باعتباره رئيساٍ للجمهورية وليس مجرد رئيس لمجلس الرئاسة (المواد: 31 32 33). وقد ظلت كثير من نصوص هذا الدستور تتكرر في الدساتير اللاحقة وحتى الدستور الحالي وقد بدا من مضمون مقدمته التأثير الواضح للثقافة القومية العربية التي كانت سائدة في تلك الفترة بفعل المبادئ التي تبنتها الثورة المصرية وارتباط الثورة اليمنية بها ارتباطاٍ وثيقاٍ.
3- المرحلة الثانية : الإعلان الدستوري لعام 1964م
صدر الإعلان الدستوري بتنظيم سلطات الدولة العليا بتاريخ 6يناير 1964م واحتوى على (36) مادة وأوضح في المادة (36) منه بأن تبقى أحكام الدستور المؤقت الصادر في 1963م فيما لا يتعارض مع أحكام هذا الإعلان.
وقد تضمن هذا الاعلان تنظيم سلطات الدولة العليا بصورة مفصلة حيث جعل سلطات الدولة العليا هي: رئيس الجمهورية والمكتب السياسي ومجلس الأمن القومي والمجلس التنفيذي. وبموجب هذا الإعلان تم استبدال المكتب السياسي بمجلس الرئاسة السابق مع تغيير طفيف في الاختصاصات.
وقد تدارك هذا الإعلان النقص الحاصل في الدستور المؤقت السابق حيث أسند الاختصاص التشريعي للمكتب السياسي (م12). ونص هذا الإعلان على أن مجلس الأمن القومي هو “الهيئة العليا لسلطة الدولة في الشئون العسكرية والأمن القومي للبلاد” (م25) ويرأس هذا المجلس رئيس الجمهورية (م1/أ) وبعد أقل من أربعة أشهر صدر في 27/4/1964م ما سْمي بالدستور الدائم.
4- الدستور الدائم الأول 27/4/1964م
وفيه أوكلت مهام السلطة التنفيذية إلى رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء (م91) (120) وتم إلغاء المكتب السياسي ونص الدستور على إنشاء مجلس شورى وأوكل اليه مهمة السلطة التشريعية حيث حدد اختصاصاته التشريعية والرقابية في المادتين (م45 46).
الا انه لم يحدد الدستور عدد أعضاء المجلس وكيفية اختيارهم وإنما أحال ذلك إلى القانون وهذا غير منطقي لذا لم يصدر هذا القانون ولم يتم تشكيل مجلس الشورى إلا بعد سنوات وبعد انقلاب 5 نوفمبر 1967م. كما نص هذا الدستور على إنشاء تنظيم شعبي “للعمل على تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة” (م154) ولكن هذا التنظيم لم ينشأ إلا في 17/10/1966م.
5- الدستور المؤقت الثاني 8 مايو 1965م
بعد سنة تقريباٍ من صدور الدستور الدائم صدر القرار الجمهوري رقم (37) بالإعلان الدستوري المؤقت ألغي الدستور السابق في 8/5/1965م.
وكان هذا الاعلان مترجما لنتائج مؤتمر خمر ويبدو في هذا الإعلان الدستوري الرغبة الواضحة في تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وتكريس السلطة في مجلس الوزراء. ونص على إنشاء مجلس جمهوري وهو الذي يمثل رئاسة الدولة (م4). وتبدو صلاحيات المجلس الجمهوري وكأنها مجرد صلاحيات بروتوكولية وشرفية (م4-15) كما في النظام البرلماني.
وقد تضمن الدستور سلطة غريبة خارج المؤسسات الدستورية المعروفة وهي “لجنة المتابعة الدائمة لقرارات مؤتمر خمر”(م19) حيث جاء في المادة (19) أن “مجلس الوزراء هو السلطة التنفيذية والإدارية العليا ويتولى الاختصاصات التالية:
1ـ الهيمنة على جميع المخططات التنفيذية والإدارية بما في ذلك حق التوظيف والعزل وتنفيذ المخططات التي تضعها لجنة المتابعة الدائمة لقرارات مؤتمر السلام [مؤتمر خمر]”. أي أن هذه اللجنة أصبح لها الحق في وضع السياسية المتعلقة بالدولة برمتها وكأنها حلت محل المجلس الجمهوري في هذا الشأن!! وهو وضع غريب للغاية.
وقرر هذا الإعلان الدستوري أن مجلس الشورى هو الهيئة التشريعية العليا في الدولة (م16) وحدد عدد أعضاءه بـ 99 عضواٍ (م17) كما حدد اختصاصات المجلس وأولها وضع دستور دائم للدولة لعرضه على الاستفتاء في نهاية فترة الانتقال (م18). ونص على أن يؤلف المواطنون تنظيماٍ شعبياٍ سياسياٍ يتولى حشد القوى الشعبية لحماية الثورة وتحقيق أهدافها (م23) ويسمى هذا التنظيم: المؤتمر الشعبي (م24).
6- الدستور المؤقت الثالث 25/11/1967م
بعد انقلاب 5 نوفمبر 1967م صدر دستور مؤقت (الدستور المؤقت الثالث) في 25/11/1967م وهو نسخة طبق الأصل تقريباٍ من دستور 8/5/1965م مع تعديلات طفيفة أهمها: إلغاء الوصاية التي كانت للجنة المتابعة الدائمة لقرارات مؤتمر خمر وتحديد عدد أعضاء المجلس الجمهوري بثلاثة أعضاء وأن تكون الرئاسة دورية كل ثمانية أشهر. وتضمن نفس المادة الموجودة في الإعلان الدستوري السابق حول تشكيل تنظيم شعبي (م21).
7- صدور القرار الدستوري رقم (1) لسنة 1968م:
وفي 18/8/1968م صدر القرار الدستوري رقم (1) لسنة 1968م قضى بأن “يتكون المجلس الجمهوري من عدد من الأعضاء لا يقلون عن ثلاثة أعضاء ولا يزيدون عن خمسة أعضاء وتكون رئاسته دورية”.
8- القرار الدستوري رقم(2) لعام 1968م الصادر في 25سبتمبر:
وفي 25/9/1968م صدر قرار دستوري برقم (2) لسنة 1968م ونص على أن يحل المجلس الوطني محل مجلس الشورى المنصوص عليه في الدستور وتغيير اختصاصاته. فأصبح أقرب إلى أن يكون مجلساٍ استشارياٍ ولم يعد من حقه أن يسحب الثقة من أعضاء المجلس الجمهوري أو من الحكومة كما كان عليه الحال في اختصاصات مجلس الشورى. ونص على أنه لا يصدر قانون إلا إذا أقره المجلس الوطني وصدق عليه كل من رئيس المجلس الجمهوري ورئيس الوزراء (م1) وحدد أعضاء المجلس بـ 45 عضواٍ.وفي 7/11/1969م صدر قرار دستوري برقم (3) لسنة 1969م منح المجلس الوطني حق سحب الثقة من الحكومة وإعفاء رئيس الوزراء من منصبه بأغلبية ثلثي الأعضاء. وفي 18/5/1970م صدر قرار دستوري رقم (1) لسنة 1970م نص على أن يتألف المجلس الوطني من ثلاثة وستين عضواٍ بدلا من القوام السابق 45 عضواٍ.
9- صدور الدستور الدائم (الثاني) 1970:
وفي 28/12/1970م صدر الدستور الدائم (الثاني) وهو أهم الوثائق الدستورية في الجمهورية العربية اليمنية من حيث شموله للمسائل الدستورية وتطور الصياغة القانونية.
وقد أشير في مقدمته إلى أنه طْرح للنقاش لمدة ثلاثة أشهر قبل إصداره. وصدر الدستور من قبل المجلس الجمهوري. وهو أول دستور في الجمهورية العربية اليمنية الذي يشير بشكل واضح إلى أن القضاء سلطة مستقلة (م144). والوحيد الذي نص على إنشاء محكمة دستورية عليا (م155-158) وإن كان لم يتم إنشاؤها في الواقع. وشرِع للقضاء الإداري (م154) .
وإن لم يجد النص سبيلاٍ للتطبيق. ونص على أن المجلس الجمهوري هو الذي يمثل رئاسة الدولة وهو المسئول عن وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها (م73). وهذا الدستور هو الوحيد الذي نص على حظر الحزبية بنص واضح حيث جاء في المادة (37) أن “الحزبية بجميع أشكالها محظورة”. ونص هذا الدستور على أن يكون للوحدات الإدارية مجالس محلية تمارس شئون المنطقة بطريقة ديمقراطية (م110) وهو ما لم يتحقق.
وبعد قيام حركة 13 يونيو 1974م تم تعليق الدستور في 14/6/1974م وتجميد مجلس الشورى وحل الاتحاد اليمني.
ثم صدر إعلان دستوري مقتضب في 19/6/1974م يتكون من 20 مادة فقط نص على أن يتولى رئيس مجلس القيادة أعمال السيادة العامة (م14) ويتولى مجلس القيادة مهام السلطتين التنفيذية والتشريعية للدولة ووضع السياسة العامة وتحديد الإطار العام لها (م15).
وفي 22/10/1974م صدر إعلان دستوري أعاد العمل بالدستور الدائم في إطار ما جاء به هذا الإعلان الدستوري ونص على أن يحل مجلس القيادة محل المجلس الجمهوري (م1) وأن يدعى مجلس الشورى للانعقاد ويمارس اختصاصاته بموجب الدستور (م6). ونص على أن تحدد الفترة الانتقالية من 6 أشهر إلى سنة ميلادية من تاريخ صدور هذا الإعلان الدستوري (م7).
وفي 22/10/1975م صدر إعلان دستوري لتنظيم الأوضاع الدستورية لمرحلة انتقالية جديدة نص على استمرار العمل بالدستور الدائم مع حلول مجلس القيادة محل المجلس الجمهوري ويمارس اختصاصاته المنصوص عليها في الدستور (م2) واعتبار مجلس الشورى منتهياٍ لانتهاء الحد الأقصى لمدته الإضافية الممنوحة له (م1). ونص على اتخاذ إجراءات لانتخابات نيابية (م4) ولم يحدد مدة زمنية للفترة الانتقالية!!.
وفي 26/2/1978م وبعد اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي صدر إعلان دستوري بتشكيل مجلس الشعب التأسيسي وتحديد اختصاصاته. ونص على أن يتألف المجلس من 99 عضواٍ يختارهم مجلس القيادة (م1). ويختص المجلس باقتراح شكل رئاسة الدولة وتنقيح أحكام الدستور التي لا تتمشى مع احتياجات المرحلة ومقتضيات العصر والقيام باختصاصات لجنة الانتخابات واللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام والهيئة العلمية لتقنين الشريعة الإسلامية ومهمات تكميلية أخرى هي: إبداء الملاحظات على مشاريع القوانين والاطلاع على الميزانية العامة ودراسة ما يحال له من مواضيع من مجلس القيادة … (م2).
وفي 17/4/1978م صدر إعلان دستوري بتعديل الإعلان السابق. وبموجبه تم تعديل اختصاصات مجلس الشعب التأسيسي وأضيفت إليها: مناقشة مشاريع القوانين وإقرارها ورفعها للتصديق عليها وإصدارها [ أي من قبل مجلس القيادة ] (م2).
وفي 22/4/1978م صدر إعلان دستوري بتحديد شكل رئاسة الدولة بأن يكون محدداٍ في رئيس الجمهورية وأن يمارس رئيس الجمهورية اختصاصات وصلاحيات رئاسة الدولة المنصوص عليها في الدستور وذلك وفقا لقرار مجلس الشعب التأسيسي الصادر في نفس اليوم.
وفي 24/6/1978م وبعد اغتيال الرئيس أحمد الغشمي صدر بيان عن مجلس الشعب التأسيسي قرر فيه تشكيل مجلس لرئاسة الجمهورية من أربعة أعضاء على أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية في وقت قريب.
وفي 8/4/1979م صدر إعلان دستوري بشأن مجلس الشعب التأسيسي قضى برفع عدد أعضائه إلى 159 عضواٍ يصدر باختيارهم قرار من رئيس الجمهورية كما تم تعديل بعض اختصاصات المجلس.
ثانيا- التطور الدستوري لسلطات الدولة في (ج.ي.د.ش) سابقا:
1 – دستور 1970م بتاريخ 17نوفمبر 1970م .
صدر أول دستور في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 17/11/1970م وتم العمل به في 30/10/1970م وقد اتسم هذا الدستور بالطابع الاشتراكي. فالدولة ” تعبر عن مصالح العمال والفلاحين والمثقفين والبرجوازية الصغيرة وكافة الشغيلة…” (م1). و”الحزب الاشتراكي اليمني المتسلح بنظرية الاشتراكية العلمية هو القائد والموجه للمجتمع والدولة. وهو الذي يحدد الأفق العام لتطور المجتمع وخطة السياسة الداخلية والخارجية للدولة ” (م3). كما ان هذا الدستور قد خرج عن مفهوم الديمقراطية البرجوازية القائمة على مبدأ الفصل بين السلطات وهذا ما أوضحته (المادة62) منه بالنص على انه : ((توجد سلطة دولة واحدة فقط في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تستند إلى سيادة الشعب العامل وتمارس سلطة الدولة بواسطة الهيئات المنتخبة من قبل الشعب أو بواسطة تلك المكونة بمقتضى إدارته وفقاٍ لأهدافه ومهامه الدستورية ))..
أي أنه لا يوجد فصل بين السلطات بل كل السلطات في يد المجالس المنتخبة وهيئاتها أي في يد مجلس الشعب الأعلى الذي يعتبر هو الأداة العليا لسلطة الدولة [السلطة التنفيذية] وهو الأداة التشريعية التي تقر مبادئ سياسة الدولة وتكفل تنفيذها المتماسك من خلال جميع الهيئات الحكومية والاجتماعية. وعلى هذا الأساس يْقر الأسس العامة لأعمال هيئة الرئاسة ومجلس الوزراء وأجهزة الدولة الأخرى ويتخذ القرارات اللازمة بهذا الصدد …” (م69).
وفي جانب أسس النشاط الاقتصادي يؤكد الدستور على أن ” تطور الدولة الاقتصاد الوطني على أساس القوانين الموضوعية للاشتراكية العلمية …” (م12). وعلى ضوء ذلك ” تسيطر الدولة على التجارة الخارجية وتوجهها لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوجه الدولة التجارة الداخلية وتدعم تطور الدور القيادي لقطاع الدولة فيها …”(م15).
وفي جانب الحريات السياسية وحقوق وواجبات المواطنين الأساسية نص الدستور على أنه ” تعبر حقوق وواجبات المواطنين الأساسية عن العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي ينص عليها هذا الدستور …” (م34) وأنه ” تضمن الدولة حقوقاٍ متساوية للرجال والنساء في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوفر الشروط اللازمة لتحقيق تلك المساواة. وتعمل الدولة كذلك على خلق الظروف التي تمكن المرأة من الجمع بين المشاركة في العمل الإنتاجي ودورها في نطاق الحياة العائلية وتعطى المرأة العاملة رعاية خاصة للتأهيل المهني” (م36). ويبدو ثمة تناقض بين النصين.
وفي شئون القضاء نص الدستور على أن ” ينتخب مجلس الشعب الأعلى في أول دورة له المحكمة العليا للجمهورية …” (م82) ونص أيضاٍ على أن “يعين مجلس الشعب الأعلى المدعي العام للجمهورية…” (م83) ونصت المادة (122) على أن “ينتخب قضاة المحكمة العليا للجمهورية وقضاة محاكم المحافظات والمحاكم الجزئية من قبل مجالس الشعب المعنية وفقاٍ للدستور والقوانين … ويجوز سحب الثقة من القضاة من قبل المجالس التي انتخبتهم إذا تبين أنهم أخلوا بالثقة التي أوليت لهم”.
ومن الأحكام التي جاء بها الدستور: أنه “يجوز للناخبين في الدائرة الانتخابية أن يطلبوا سحب الثقة من عضو مجلس الشعب الأعلى الممثل لتلك الدائرة ويقدم الطلب من قبل ربع الناخبين لتلك الدائرة الانتخابية. ويتخذ مجلس الشعب الأعلى قراراٍ بشأن هذا الطلب بأغلبية أعضائه الحاضرين” (م89). ونصت المادة (121) على أنه “لا يسمح بتشكيل محاكم استثنائية”.
وبشأن السلطة المحلية نص الدستور على أن “أجهزة سلطة الدولة المحلية هي مجالس الشعب المحلية في المحافظات والمديريات والمراكز المنتخبة من قبل المواطنين …. وسلطة الدولة المحلية وأجهزتها جزء من سلطة الدولة الواحدة … وينظم القانون أجهزة سلطة الدولة المحلية على أساس المركزية الديمقراطية. وتصدر أجهزة سلطة الدولة المحلية في حدود صلاحياتها القرارات الملزمة لجميع المؤسسات والهيئات والمنشئات والمشاريع والتعاونيات ومزارع الدولة والمنظمات الجماهيرية والمسئولين الإداريين والمواطنين في نطاق منطقة اختصاصها” (م112).
2- دستور 1978م (ج.ي.د.ش) بتاريخ 31 أكتوبر 1978م .
جاء هذا الدستور شبيها بدستور 1970م إذ أخذ بمبدأ وحدة السلطة المتجسدة بنظام حكومة الجمعية النيابية ويبدو ذلك واضحاٍ من خلال ما قررته (المادة 68) من دستور 1978م .
وهذا تطبيق للأساس الفلسفي لنظام حكومة الجمعية النيابية القائمة على فكرة وحدة السيادة .
كما اعتبرت السلطة التشريعية ممثل الشعب وهي أعلى سلطة في الدولة ولها الهيمنة على السلطة التنفيذية (م69) منه وكما أكدت على عدم التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية (م100) منه.
يتضح مما سبق بأن مبادئ دستوري (ج.ي.د.ش) لعامي 1970م 1978م قامت على أساس وحدة سلطة الدولة التي تكون فيها السلطة العليا – مجلس الشعب الأعلى- ينتخب الأخير هيئة رئاسة مجلس الشعب ومجلس الوزراء والحكومة والمحكمة العليا ويعين المدعى العام .
على أن ما يؤخذ على هذا النظام أنه قد كان في ظل العهد الشمولي في (ج.ي.د.ش) المتمثل باحتكار الحزب الحاكم الوحيد للسلطة .
تجدر الاشارة الى أن دستور 1970م قد كرِس مقدمته كلها للحديث عن الوحدة اليمنية أرضاٍ وإنساناٍ حيث جاء في هذه المقدمة انه: (( إيماناٍ بوحدة المصير للشعب اليمني في الإقليم واعتماداٍ في الأساس على وحدة الشعب والأرض اليمنية فقد ناضل شعبنا اليمني ببسالة ضد الإمبريالية والاستعمار وضد رجعية الإقطاع المحلي متمثلاٍ في الحكم الإمامي والسلاطيني. ورغم الأوضاع الاستثنائية غير الطبيعية التي وجدت متمثلة بتجزئة الإقليم إلى شطرين إلا أن هذه التجزئة لم تستطع أن تقف عائقاٍ أمام وحدة النضال الوطني المشترك لإقليمنا اليمني شمالاٍ وجنوباٍ. وهكذا ناضلت الجماهير اليمنية في الجنوب مع الجماهير اليمنية في الشمال جنباٍ إلى جنب من أجل إسقاط النظام الإمامي وإقامة النظام الجمهوري. وبالمثل ناضلت الجماهير اليمنية في الشمال مع الجماهير اليمنية في الجنوب جنباٍ إلى جنب في خوض النضال المسلح ضد الوجود الاستعماري البريطاني)).
ولا تختلف مقدمة دستور عام 1978 عن روح هذه المقدمة. كما ينبغي الإشارة إلى أن المادة (61) من الدستور كانت تضع التزاماٍ شخصياٍ على عاتق كل مواطن أن يساهم في تحقيق الوحدة حيث نصت على أنه “على كل مواطن أن يساهم في النضال من أجل تحقيق وحدة الشعب والأرض اليمنية وأن يحرص على حماية وتنمية العلاقات الديمقراطية الجديدة ومكافحة التقاليد والأفكار والعادات القبلية والانفصالية والإقليمية والعشائرية التي تتنافى مع أهداف الثورة الوطنية الديمقراطية”.
ثالثا = التطور الدستوري لسلطات الدولة في (ج.ي) .
قامت دولة الجمهورية اليمنية وفقاٍ لاتفاق “إعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية” الذي وقع في 22/4/1990م
وقد نص هذا الاتفاق في المادة (1) على أن “تقوم بتاريخ الثاني والعشرين من مايو عام 1990م الموافق 27 شوال 1410هـ بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (شطري الوطن اليمني) وحدة اندماجية كاملة تذوب فيها الشخصية الدولية لكل منهما في شخص دولي واحد يسمى “الجمهورية اليمنية”. ويكون للجمهورية اليمنية سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة”.
وعلى أن يتم تكوين مجلس رئاسة للجمهورية لمدة الفترة الانتقالية يتألف من خمسة أشخاص ينتخبهم اجتماع مشترك لهيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى (في الجنوب) والمجلس الاستشاري (في الشمال) وعلى أن ينتخب مجلس الرئاسة في أول اجتماع له رئيساٍ ونائباٍ للرئيس (م2).
وحددت الفترة الانتقالية بمدة سنتين ونصف من تاريخ نفاذ الاتفاق (م3). ونصت المادة (8) على أنه “يكون هذا الاتفاق نافذا بمجرد المصادقة عليه وعلى مشروع دستور الجمهورية اليمنية من قبل كل من مجلسي الشورى والشعب”. ونصت المادة (9) على أنه “يعتبر هذا الاتفاق منظماٍ لكامل الفترة الانتقالية وتعتبر أحكام دستور الجمهورية اليمنية نافذة خلال المرحلة الانتقالية فور المصادقة عليه وفقاٍ لما أشير إليه في المادة السابقة وبما لا يتعارض مع أحكام هذا الاتفاق”.
ومن ثم فقد كانت الوثيقة الدستورية المنظمة للفترة الانتقالية هي اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية وأيضاٍ أحكام دستور الجمهورية اليمنية الذي أشارت إليه الوثيقة والذي صادق عليه مجلسي الشورى والشعب في الشطرين في 21 مايو 1990م.
1- دستور دولة الوحدة (المرحلة الانتقالية لعام 1991م) .
الواضح من نصوص الدستور أنها جاءت توافقية بين فلسفتين مختلفتين لدى النظامين القائمين في الشطرين وقتئذ وهي نتيجة لحالة التوازن القائمة. وكانت أهم التحولات السياسية التي طرأت في ظل دولة الوحدة الوليدة تتمثل في إقرار التعددية السياسية وحرية تكوين الأحزاب كما انه قد حدث أن تم تمديد الفترة الانتقالية التي كانت محددة بسنتين وستة أشهر بسبب عدم استكمال التحضيرات لإجراء الانتخابات وفقاٍ لما جاء في الإعلان الدستوري الصادر عن مجلس الرئاسة بتاريخ 14/11/1992م والذي تم بموجبه تمديد الفترة الانتقالية حتى أجريت الانتخابات النيابية في 27 إبريل 1993م.
2-الدستور المعدل لعام 1994م
أقر مجلس النواب في جلسته المنعقدة بتاريخ 28/9/1994م التعديلات الدستورية (ج.ي) لعدد (80مادة) وذلك على النحو التالي:-
* تعديل صيغة (50مادة).
* إضافة (29 مادة) .
* إلغاء (مادة واحدة فقط).
وبذلك أصبحت مواد دستور (ج.ي) بعد التعديل (159) بعد أن كانت (131مادة) في دستور 1991م .
3- الدستور النافذ لسنة 2001م
وتضمن تعديل (14) مادة وإضافة (5) مواد وحذف مادتين.
لقد حذا حذو الدستور المعدل من حيث التركيب الهيكلي الدستوري للسلطات الثلاث أما من حيث الاختصاصات فترتكز أهمها كالآتي :
فقد أشرك مجلس الشورى في بعض اختصاصات السلطة التشريعية ويبدو ذلك واضحاٍ في الفقرة (هـ) من (مادة 125) حيث قررت الاشتراك مع مجلس النواب بتزكية المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية والمصادقة على خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بالدفاع والتحالف والسلم والحدود والتشاور فيما يرى رئيس الجمهورية عرضه من قضايا على الاجتماع المشترك. الفقرة (هـ) من المادة (125) من الدستور النافذ 2001م
فضلاٍ على أن يعقد مجلسا النواب ومجلس الشورى اجتماعات مشتركة بدعوى من رئيس الجمهورية لمناقشة المهام المشتركة بينهما المحددة في الدستور والتصويت عليها بأغلبية الحاضرين ويتولى مجلس النواب رئاسة الاجتماعات المشتركة المادة (127) من الدستور النافذ 2001م .
ناهيك عن إلغاء صلاحية التوجيه المقررة لمجلس النواب على السلطة التنفيذية (مادة 62) (مادة 92) من الدستور النافذ 2001م وإلغاء صلاحية السلطة التنفيذية المتجسدة في رئيس الجمهورية في إصدار القرارات بقوانين أثناء حل المجلس أو بين أدوار الانعقاد .. الخ .
على أن أهم التعديلات الدستورية التي حدثت كالآتي :
* تعديل صيغة (13 مادة ) وهي : (10 13 61 86 91 92 100 107 111 143 156 159) .
* إضافة ثلاث مواد هي (35 161 163).
* حذف المادة (125) وإضافة مادتين أخريين وأصبحت على التوالي بالأرقام (125 126 127) .
* حذف المادتين (119 158) وبهذا أصبحت مواد دستور 2001م (162مادة) بعد أن كانت في دستور 1994م (159 مادة).
3- التعديل الثالث عام 2009م:
ثم أجري التعديل الثالث عام 2009م تم بموجبه تمديد مدة مجلس النواب سنتين من خلال إضافة الفقرة (ب) للمادة (65) تتضمن هذا الحكم.

أستاذ القانون العام المساعد
كلية الشريعة والقانون (جامعة صنعاء)
وكيل وزارة الشؤون القانونية لقطاع الإفتاء والتشريع

قد يعجبك ايضا