مواقع التراث التي استهدفها العدوان.. كيف تكون المعالجات ؟

> مسؤولون: قلة الإمكانيات تقف عائقا أمام تنفيذ خطط إنقاذية للمواقع المتضررة
> معنيون : لا ينبغي الانتظار فالأضرار تتزايد مع مرور الزمن

استطلاع / عبدالباسط النوعة
كثيرة هي المواقع والمعالم التراثية التي استهدفها العدوان على اليمن منذ بدايته في مارس من العام الماضي والمستمر حتى اليوم وخلال هذه الفترة الزمنية الطويلة من العدوان الغاشم دمرت الكثير من المعالم الأثرية والتاريخية وفي مختلف المناطق والمحافظات . وهناك مواقع ومعالم أخرى لحقت بها أضرار متفاوتة فما هو الواجب عمله إزاء هذه المعالم وإذا لم يتم عمله ما هي النتائج التي ستترتب وماذا يؤثر عامل الوقت هل يتم الانتظار حتى يتوقف العدوان اليس الأحرى بدء التحرك لتأمين وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ؟؟ أسئلة كثيرة بحاجة إلى إجابات تنعكس أداء في الواقع .
تعد مواقع التراث الثقافي من أكثر الأشياء تأثرا بعوامل الطبيعة فهي حساسة للغاية كونها تعتمد على بناء طيني متقن بحاجة إلى صيانة دورية وحفاظ مستمر وحماية دائمة ، فكيف إذا كانت هذه المواقع في مواجهة مع آلة حرب متطورة جدا وأسلحتها ذات قوة تدميرية هائلة يرافقها حقد دفين ورغبة جامحة في تدمير هذا التراث العريق لشعب ظل دوما يتفاخر بتراثه وأصالته وعراقة أبنائه فكيف سيكون حال تلك المواقع والمعالم الحساسة جدا.
وقد ارود المعنيون أن عدد مواقع التراث الثقافي التي قصفها العدوان بلغ (70) موقعا ومعلما ، تنوعت تلك الاستهدافات بتنوع المواقع فقد طال القصف الحصون والقلاع والأطلال الأثرية كما طال المدن التاريخية العامرة بالسكان والحضارة حيث شمل الدمار المدن تاريخية مسجلة في قائمة التراث العالمي (صنعاء القديمة وزبيد وشبام حضرموت) كما طال العدوان مدن أخرى تقبع في قائمة الانتظار لدى منظمة اليونسكو ليتم اعتمادها رسميا ضمن قائمة التراث العالمي مثل صعدة وكوكبان التاريخيتين .
وبالعودة إلى الموضوع الأساس والذي يتمحور حول الإجراءات الواجب عملها إزاء هذه المعالم والمواقع المستهدفة والأخطار المحدقة بها ، تقول الدكتورة أمة الملك الثور وكيلة وزارة الثقافة لقطاع الآثار والمتاحف والمدن التاريخية : فيما يتعلق بالمواقع والمعالم الإثرية والتاريخية التي تم تدميرها من قبل العدوان ؛ ولحقت بها أضرار ونسب تدمير متفاوتة في كل أرجاء اليمن ، لا يمكننا أن نقوم بالترميم والعدوان ما يزال مستمراً في عنجهيته وغاراته الوحشية هذا من جانب ، أما الجانب ا?خر فعملية الترميم محتاجة دراسات وندوات دولية واستشارات عالمية قبل القدوم بخطوة في طريق الترميم.
لا بد من توحيد الجهود في مؤسسات الدولة المعنية بذلك مثل الهيئة العامة للمدن التاريخية ووزارة السياحة ووزارة الثقافة بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية وصندوق الأثار وبقية المنظمات المهتمة بهذا الجانب .
وطبعا المنظمة الدولية اليونسكو تكون على رأس القائمة في وضع دراسات عالمية تاريخية أثرية للترميم والتمويل .
وأشارت إلى أن الترميم والتدعيم وإعادة البناء لبعض المواقع والمعالم أمر هام ويجب القيام به سريعا إلا أنه وللأسف الشديد وزارة الثقافة عاجزة ماليا وبشكل تام عن القيام بهذا الأمر خلال هذه الفترة بسبب الظروف التي تمر بها الدولة من الحرب والحصار كما أن صندوق التراث المعني بتقديم العون ا?ثري والترميم استبعد تماما عن هذا وأخضع ?عمال وصرفيات أخرى ليست للغرض الذي انشئ من أجله ونقف كلنا في الوزارة وخاصة قطاع ا?ثار والمدن التاريخية والحرف اليدوية عاجزين تماما أمام هذا لإفلاس وعدم توفير أي نوع من آليات العمل في القطاع وتوقف كل أعمالنا نتيجة لكل ما ذكر ومنها قطع النفقات التشغيلية للقطاع . ولفتت إلى أن كل تلك هي هموم وعثرات ومشاكل تواجه وتقف حجر عثرة أمام أي تفكير للترميم وتأمين المواقع ا?ثرية .
عجز عن الإنقاذ
وبدوره يتحدث الأخ محمد فارس رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية عن العجز في معالجة أضرار وإنقاذ تلك المواقع والمباني التاريخية في الوقت الراهن، حيث قال: الواجب فعله تجاه الإضرار الحالية أن يتم معالجتها سريعا إلا أن حجم الأضرار كبيراً جدا على امتداد جغرافيا بلدنا من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه حيث استهدف العدوان عشرات المدن والمواقع والمعالم التراثية فاتسع الخرق على الراقع ولم تعد هيئة المحافظة على المدن التاريخية تستطيع لملمة وتضميد تلك الجراح المؤلمة التي تداعى لها الداخل اليمني قبل الخارج بالسهر والحمى كون هذا الاعتداء مس بالحضارة الإنسانية .
وأوضح أن ما تستطيع الهيئة فعله تجاه المدن التاريخية التي استهدفها العدوان يمكن أن يتم عبر محورين ، محور داخلي من خلال إعداد الدراسات لبعض أضرار فقط وبعض أضرار الأخرى نكتفي بإحصائيات تقديرية وليست دقيقة ، كون الدراسات الدقيقة لتلك الأضرار تحتاج إلى مخصصات مالية كبيرة والهيئة عاجزة عن مواجهة ذلك . وهناك أضرار لمعالم أثرية وتاريخية اثر استهداف العدوان لها خلف المعلوم نظرا لكثرة أضرار والاستهداف الممنهج الذي شمل رقعة واسعة من وطننا الحبيب أيضا يمكننا في هذا المحور إزالة وتأمين البعض من تلك أخطار الناجمة عن الاستهداف الجبان ضد تراثنا وثقافتنا من خلال الترميم والتدعيم ، أما المحور الخارجي الذي يمكن أن تقوم به الهيئة وهي فعلا تقوم به وهو إطلاع منظمة اليونسكو المعنية بالتراث العالمي وكذلك بعض المنظمات والجهات الدولية ذات العلاقة على ما تعرض له الموروث الثقافي والعمراني الحضاري والفريد في بلدنا اثر العدوان السلولي عديم الحضارة والثقافة ، وإبلاغهم بحجم العدوان وبشاعته وكثرت المواقع التي تم استهدافها من أجل أن يكون الخارج في الصورة وأقصى المواقف كانت الشجب والتنديد وربما المطالبة بعدم الاستهداف للحضارة والتاريخ في اليمن .
زيادة المخالفات
وفيما يتعلق بتأثير عامل الوقت على تدهور المعالم المتضررة أصلا من العدوان ، قال رئيس الهيئة : تأثير عامل الوقت على الأضرار عندما تمضي الأيام على تلك المعالم الأثرية لا شك أن الأمر يزداد سوءاً وسيكون أكثر خطورة على ما تبقى من حياة في جسم ذلك البيت أو أي معلم آخر وقد ينهدم أو تسوء حالته سلبا نحو الطمس والتلاشي ، بسبب عوامل التعرية وعوامل أخرى.
ولفت إلى خطورة أخرى ولدها العدوان على المدن التاريخية حيث قاد العدوان والحصار إلى وضع اقتصادي صعب في البلد كان سببا في ظهور مخالفات معمارية من قبل المواطنين أضرت كثيرا في النسيج المعماري للتلك المدن كون القدرة الشرائية لا تسمح له باتباع النمط التقليدي الخاص بتلك المدن أو البناء خارجها وهذا أيضا انعكس على الترميم والصيانة من قبل الناس فيتجهون إلى المواد الحديثة لبناء أو ترميم ذلك البيت.
وأضاف: لا ينبغي الانتظار حتى يقف العدوان لكي ننقذ ما يمكن إنقاذه ولكن هناك أضراراً كبيرة جدا لا تستطيع الهيئة أو المؤسسات الأخرى في ظل هذه الوضعية إصلاحها أو إعادتها على ما كانت عليه بسبب ضخامتها و كثرتها ، وهذا ما يؤسف له وبالفعل يتم المحاولة لإعادة بعض من تلك الأضرار لما كانت فيه من صورة ، أو لإصلاح أجزاء فقط نظرا لعلاقتها الخدمية ، أو لمنع توسع الضرر ، وإن كانت محدودة جدا اقتصرت على القاسمي في صنعاء القديمة التي استهدفها العدوان قبل أكثر من عام حيث حدث فيها تدخل في تأسيس أساسات وتدعيم لمبني احترازا أو منعا لسقوطه .
دمار وخراب
وحول إحصائيات الدمار وحجم أضرار توضح الأخت امة الرزاق حجاف أن المهندسين والفنيين في الهيئة قاموا بحصر الأضرار التي أحدثها القصف طيران العدوان في المدن التاريخية وتصنيفها ما بين جسيمة ومتوسطة وخفيفة وتحولت الكثير من المباني المجاورة لمكان انفجار الصاروخ إلى مجرد هياكل غير صالحة للسكن وتشرد الكثير من سكانها وهناك أضرار متفاوتة داخل أحياء المدن التاريخية المستهدفة غير مرئية حاليا وسوف تلاحظ مع الزمن ، واسترسلت بالقول: وفي كل الأحوال وخاصة ونحن في موسم أمطار وإمام انعدام الإمكانيات لدى الهيئات المعنية ولدى الدولة بشكل عام حتى على مستوى الترميم المبدئي للمباني المتضررة كليا فإن الأضرار في المواقع والمعالم المستهدفة تزداد وتتفاقم وقد تتسبب في انهيارها ومن ثم نفقدها تماما ، كما أننا في المرحلة الحالية ننتظر أن تتوفر أبسط الإمكانيات المادية لنستكمل حصر وتوثيق الأضرار وتصنيفها تصنيفا دقيقا وبشكل مفصل وإعداد الدراسات لترميمها وإعادة تأهيلها .
وفيما يتعلق بالمنازل والمعالم المدمرة كليا أوضحت أمة الرزاق جحاف أن الهيئة تجد نفسها أمام هذه المعالم في مأزق كبير فمن الناحية الإنسانية من حق أصحاب المباني المدمرة أن تقوم الدولة بإعادة بناء منازلهم ومعظمهم مشردون يبحثون عن مأوى ومن ناحية ثانية لابد أن يبقى الدمار كما هو عليه ليكون شاهد عيان للعالم وللأجيال القادمة تؤكد على بشاعة هذا العدوان وحقارته .

قد يعجبك ايضا