الصراري .. تطهير عرقي يسقط الاقنعة
علي أحمد جاحز
صحيح أن الجريمة الكبيرة والبشعة والتي ظلت تمارس على مدى شهور بحق أهالي قرية الصراري والقرى المجاورة لها جريمة تطهير عرقي وليست عملا جديدا ولا غريبا على العدوان ومرتزقته ، الا انها في الواقع أعطتنا صورة واضحة وجلية لما يمكن أن يحصل في غيرها اذا تهاونا وتخاذلنا وتواكلنا وتراخينا في مواجهة العدوان ومرتزقته وتوقفنا عن الحشد و التعبئة باستمرار و بوتيرة متصاعدة .
ما حدث في قرى الصراري سبق وحدث في مشرعة وحدنان وفي بير باشا وفي اكثر من منطقة بمجرد أن يدخل الدواعش الى منطقة اهلها لا يؤيدونهم يرتكبون بحقهم أبشع أنواع التنكيل من السحل وحرق المنازل وتفجيرها و هدم الاضرحة والمساجد واعتقال الرجال واهانة النساء وقتل الاطفال والشيوخ ، وان كانت قرى الصراري تختلف كثيرا عن غيرها كونها واجهت حصارا استمر لما يقارب العام وقصفا مستمرا وقتلا بالهوية وقاومت بأبنائها وبإمكاناتهم الشخصية حتى اقتحموها امس وفعلوا ما فعلوا من جرائم اقل ما توصف بأنها جرائم تطهير عرقي .
المشاهد والصور والفيديوهات التي نشرها اعلام الدواعش وناشطو المرتزقة وهم يحتفلون على اوجاع اهالي الصراري ، شاهد قوي ودامغ على أن الدوافع عرقية وطائفية ووحشية وانهم لم يقتحموا القرى لأغراض عسكرية كما كانوا يدعون وانما اقتحموها بحسب ما يقولونه في الفيديوهات فقط لأنهم بحسب وصفهم ” شيعة – روافض – مجوس – حوثة … الخ ” وحين احرقوا المساجد أحرقوها لأنها كما يسمونها ” حسينيات ” وحين قتلوا واعتقلوا فقط لانهم بحسب وصفهم يستحقون الموت كونهم شيعة وحوثة وفجروا المنازل فقط لانها منازل شيعة وروافض .
بهذا المنطق فقط تحركوا وليتهم تحركوا على منطقة عسكرية كانوا سيواجهون ما يواجهه امثالهم في جبهات القتال في تعز أو في مارب والجوف أو في شبوة أو في لحج ، لكنهم اقتحموا بعد ان ترددوا واختبروا قوة وضعف أهالي الصراري وبعدما تيقنوا انهم عزل الا من سلاحهم الشخصي الذي يتوفر عند البعض ولا يتوفر عند البعض الآخر ، اقتحموها وهم يعلمون انهم مقبلون على مجتمع مدني يعيش في ارضه ومساكنه التي يمتلكها والتصق بها تاريخيا ولم يأت من مكان اخر ليبسط عليها ، مع ان كونهم يمنيين كاف ليعيشوا أينما يشاءون ويمارسون حرياتهم ومعتقداتهم بالشكل الذي يشاءون.
قرى محاصرة من جميع الجهات من الطبيعي أن تكون صيدا سهلا للدواعش الذين يحملون بداخلهم احمالا هائلة من الحقد على البشرية وليس فقط على طائفة بعينها ، اقتحموها واحتفلوا و كبروا وهللوا كأنما فتحوا القدس وهزموا اسرائيل ، كانت الصورة تسخر منهم والجبال الشامخة تلعنهم و الحشرات والانعام التي تملأ تلك المروج الخضراء التي عاشت مع اهالي الصراري لقرون طويلة تقف مستغربة من فعلهم : أي بشر هؤلاء ؟!
لم يكن ذنب آل الجنيد وآل السروري والرميمة الا أنهم يحملون ثقافتهم الخاصة وينتمون لسلالة معينة ، ويؤيدون توجها بعينه ويحملون بداخلهم فوق ذلك كله مشروع وطن وعقيدة رفض للاحتلال والعدوان ويؤيدون التحرر والاستقلال والكرامة والانعتاق من وصاية الخارج التي انهكت البلاد لعقود وجاءت اليوم لتقضي على ما تبقى فيه من مظاهر حياة .
لا نعول على غضب أو حتى مواقف أو ادانات من تلك الشخصيات التي كانت ترتدي وجوها كثيرة وترفع شعارات الحداثة والتقدمية والثقافة والانسانية والمدنية والتعايش ، فقد أثبتت الأيام انها كانت فقط تبيع وتشتري في تلك الشعارات ، لكننا في مثل هذا المقام نعريهم امام انفسهم – فقد تعروا أمام الشعب – لعلهم يفهمون انهم قد تعروا ، ونقول لهم انظروا الفرق .
أيها المتواطئون مع المجرمين والمناصرون للعدوان ، انظروا الطرف الذي شغلتمونا بضرورة التسليم له والاستسلام له كيف ينكل بمن يعارضونه في المناطق التي يسيطر عليها ويرتكب بحقهم جرائم بشعة ترقى الى جرائم تطهير عرقي ويمارس الاستبداد بحجج قبيحة مثل منع الاختلاط وغيرها ، بينما انتم تؤيدونهم وتعلنون عداءكم لنا وتتهموننا باطلا بما هو فيهم ومع ذلك تعيشون بيننا وتنعمون بكل ما ينعم به غيركم من أمن وسكينة وحرية وتمارسون طقوسكم وتعبرون عن آرائكم وتوجهاتكم بكل اريحية حتى ولو كانت تلك الطقوس هي الصاق تلك الجرائم وتلك الصفات التي يحملها من يطالبوننا علنا بان نستسلم لهم ونسلم رقابنا لهم ليفعلوا بنا مثلما يفعلون بأهالي الصراري ومشرعة وحدنان وغيرها .
عموما.. الذي يجري في البلد يوميا والجرائم التي يرتكبها العدوان ومرتزقته ودواعشه بحق وطننا وشعبنا يوميا في المناطق المحتلة ، يكشف مدى تواطؤ الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان وطراطير الحقوق والحريات والحداثة والتقدمية وزيف شعاراتهم، ويؤكد لنا صحة ما كنا نعتقده بأنهم مجرد موظفين يحركهم العدوان ومن ورائه امريكا ، ويذكرنا كيف ان المبعوث الدولي ولد الشيخ استنفر واحتج على لواء العمالقة وتناسى وتجاهل الجرائم التي ترتكب بحق قرية الصراري .