
برازيليا/ وكالات –
يعتبر عدد من المحللين أن قادة اميركا اللاتينية أكدوا دعمهم للرئيس الفنزويلي المنتخب نيكولاس مادورو الذي تعترض المعارضة المحلية على انتخابه¡ إلا أن حجم التحديات الداخلية في بلاده سيمنعه من مواصلة دور الزعامة الإقليمية الذي كان يضطلع به سلفه هوغو تشافيز.
فجميع دول المنطقة تقريبا¡ من الأرجنتين إلى المكسيك مرورا بالاوروغوي وغواتيمالا¡ يمينا ويسارا¡ اعترفت بفوز مادورو¡ فيما تدعم الولايات المتحدة ومنظمة الدول الاميركية والباراغواي مطلب المعارضة الفنزويلية بإعادة تعداد بطاقات التصويت.
وقد أعلن المجلس الوطني الانتخابي الاثنين مادورا رئيسا منتخبا لفنزويلا بغالبية 50,75% من الأصوات¡ مقابل 48,97% لخصمه هنريكي كابريليس¡ أي بفارق نحو ثلاثمئة صوت فقط.
لكن كابريليس يرفض الاعتراف بفوز وريث الرئيس الراحل هوغو تشافيز ويطالب بإعادة فرز الأصوات¡ كما دعا الاثنين أنصاره للنزول إلى الشارع “سلميا” لدعم مطلبه. لكن التظاهرات المؤيدة لمادورو أو المعارضة له التي جرت على اثر إعلان فوزه أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن سبعة قتلى ونحو ستين جريحا بحسب السلطات.
وبعيدا عن الفوز الكبير الذي سجله تشافيز خلال السنوات الأربع عشرة من حكمه¡ فان النتيجة التي أحرزها مادورو وزير الخارجية السابق بفارق ضئيل أوهنت عزيمة فريقه وعمقت الانقسام السياسي في البلاد.
وفي هذا السياق قال السيدس كوستا فاز البرفسور والمحلل في معهد العلاقات الدولية في جامعة برازيليا لوكالة فرانس برس “انه فوز ضيق لكنه فوز بطبيعة الحال¡ وغالبية الدول الاميركية اللاتينية ادركت الامر على هذا النحو. والآن مع الوضع الذي بات دقيقا للغاية فان هذا الدعم يخدم (نيكولاس مادورو)¡ لكنه غير كاف”.
وفي الواقع سيواجه مادورو الذي أعلنه المجلس الوطني الانتخابي رئيسا منتخبا تحديات كبرى مثل انعدام الأمن والتضخم والنقص في السلع وتدهور الإنتاج النفطي في البلاد التي تملك اكبر احتياطي للخام في العالم. لذلك “فاجندته ستكون داخلية وقدرته على التأثير والتحرك على الصعيد الدولي ستكون محدودة” برأي كوستا فاز.
وأكد محللون آخرون استصرحتهم فرانس برس أن الدعم الاميركي اللاتيني يوفر لمادورو شرعية دولية لكنه لن يكون عنصرا حاسما لتهدئة الاضطرابات الداخلية. وفي الوقت نفسه تمكنت المعارضة من كسب فضاء لم تكن تحظى به في ظل حكم تشافيز¡ وسيتعين عليه الآن أخذه بعين الاعتبار.
وفي هذا الاطار راى لويس فرناندو ايربي منسق معهد الدراسات الاقتصادية والدولية في جامعة ساو باولو الرسمية انه “ليس هناك لا المكان ولا الوسائل لكي يتمكن مادورو من متابعة نشاط تشافيز وحيويته على الصعيد الدولي”¡ ما جعله بطل الاندماج الإقليمي والخصم العنيد ل”الامبريالية” الاميركية.
وأضاف “أن فنزويلا ليست على شفير الهاوية كما يقول كثيرون¡ بل بلدا يواجه مشكلات إدارية جدية في القطاع النفطي تتطلب اكبر قدر من الانتباه الداخلي”.
فضلا عن ذلك “فمادورو ليس تشافيز¡ فهو لا يملك مواصفات الزعامة مثله¡ وخلافا له سيضطر ليأخذ في الحسبان المعارضة التي نجحت في هذه الحملة في طرح مواضيع على أجندتها مثل المساعدة الفنزويلية لبلدان أخرى فيما الوضع الداخلي معقد” كما أضاف ايربي.
فتشافيز تمكن بفضل البترودولارات وبراميل النفط والتصريحات النارية من تشكيل مجموعة مؤيدين من المدينين له بالجميل مثل كوبا ونيكاراغوا وبوليفيا والاكوادور¡ كما أعطى زخما لمنظمات سياسية إقليمية عدة مثل التحالف البوليفاري من اجل شعوب اميركا (البا) بهدف تحجيم نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة.
وقد منحت الحكومات الاميركية اللاتينية ومنظمات مثل مركوسور (السوق المشتركة الاميركية الجنوبية) ويوناسور (اتحاد الدول لاميركية الجنوبية) ثقتها لمادورو¡ بدون تحفظ من جانب اقرب الحلفاء مثل الأرجنتين وبوليفيا او الاكوادور والبرازيل¡ وبحذر مثل تشيلي وكولومبيا (كلاهما في اليمين)¡ اللتين أكدتا مطلب المعارضة لإعادة احتساب الأصوات.
وصرح المتحدث باسم قنصلية العملاق البرازيلي الحليف الاستراتيجي لفنزويلا توفار نونس لوكالة فرانس برس ان مادورو “نعرفه¡ انه شخصية تتسم بروح المصالحة قادرة على دفع البلاد قدما”.
ورحب الرئيس البرازيلي السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا¡ احد ابرز أنصار تشافيز¡ بانتخاب مادورو ودعا الولايات المتحدة إلى الاهتمام بشؤونها و”تركنا نقرر مصيرنا بأنفسنا.
