وتستمر الحياة..
حمدي دوبلة
بدت صنعاء خلال أيام العيد مدينة هادئة وديعة عامرة بالحياة ومظاهر الاحتفاء وكما لو أنها تعيش في زمن السلام والدعة وليس في ظل الحرب والتهديدات القديمة المتجددة باقتحامها ونشر الدمار في أرجائها وجعل أعزة أهلها أذلة.
لبس أهل العاصمة ثيابهم الجديدة ومارسوا طقوسهم العيدية كأحسن ما يكون وتبادل الأهل والأقارب الزيارات في ما بينهم وتلمسوا أحوال بعضهم كما تدافعوا زرافاتٍ وأفواجا إلى الحدائق والمتنزهات والى الأماكن العامة والى المطاعم التي شهدت وعلى غير ما كان يتوقع الكثيرون ازدحاما كبيرا لدرجةٍ أصبح فيها أمر اصطحاب أفراد الأسرة لتناول وجبة في مطعم مسالة في غاية الصعوبة ومهمة عسيرة وغير ممكنة إلاً لمن حالفه الحظ وأحسن اقتناص الفرصة وجاء في الزمان والمكان المناسبين.
لم يكترث احد في صنعاء لأمر صاحباتنا “ساقطات الجو”من طائرات بني سعود التي لم تكف عن ممارسة هواياتها في التباهي واستعراض العضلات وأصدرت الكثير من الضجيج في أجوائنا طوال أيام العيد ..لكن أحدا لم يهلع أو يجزع أو يلغي برنامجه العيدي أو يعلن الخنوع والاستسلام أمام رغبات ونزوات السياسيين الجدد في جوارنا الخليجي ..كما أن الغالبية من الناس لم يلقوا بالاً لأخبار الساسة وغثاء السياسة أو للتسريبات عن مساعي السلام وعن ماراثون مفاوضات الكويت رغم أخذها استراحة عيدية يعلم الله وحده كم سيكون مداها هي الأخرى فهي في قناعة السواد الأعظم من اليمنيين ليست سوى مضيعةٍ للوقت فقرار وقف العدوان كما يسود الاعتقاد على نطاق واسع هنا بيد محمد بن سلمان وأسياده الأمريكان الذين أصبحوا يرون فيه على ما يبدو الشخص المناسب للتسريع بخطوات إنهاء مملكة جده ودفعها إلى ركن أسود في أرشيف التاريخ العربي بعد أن ظهر ضعفها وهشاشة أركانها وباتت عاجزة عن أداء دورها المطلوب في خدمة أعداء الأمة والحفاظ على مصالحهم والذود عن حياض الكيان الصهيوني المزروع في قلب الأمة وخاصرتها.
أما على المستوى الشخصي فقد حرصت على قضاء إجازة العيد لأول مرة منذ فترة طويلة برفقة الأسرة بعيدا عن أجواء العمل الصحفي وعلى الرغم من شحة الإمكانيات المادية فقد كانت لحظات ممتعة ومميزة لكن أيام العيد مرت خاطفة كلمح البصر وسرعان ما عاد الناس إلى أعمالهم ومصالحهم لتستمر الحياة ولو كره المعتدون.