الثورة نت / نبيل حيدر
1- يتماهى المقاتل ضد العدوان في جبهة نهم الحربية مع تربتها و يذيب فيها وجوده كما يذيب صخرها بالحفر عند تجهيز المتارس و عندما يُعمل مشرطه شاقاً طرقاته في جسدها .و أنت في نهم تجول بين المتارس و المواقع العسكرية و المواقع الأمنية يلفحك ذلك اليمني الأصيل بحرارة ثباته حتى و طيران العدو يحلق فوق الرؤوس و قصفه المباغت متوقع في أي لحظة .
كان الأربعاء يوم عيد الفطر فرصة للزيارة و لمصافحة مقاتلين يرون العيد مختلفاً عما يراه مجملنا المرحب به و غير المرحب تحت وطأة العدوان و أفعاله التدميرية المتعددة .
يسألك المقاتل بكل اهتمام من اين جئت و ماذا تريد لكن بدون زيغ في العينين أو قلق يهز الشفاة . يأخذك من يديك لتشاهد صلابته الممتدة بامتداد سلسلة الجبال شرقا و شمالا على أطراف مديرية نهم حيث يجثو العدوان و مرتزقته بعد كل خيبة زحف تُكسر و بعد كل محاولة اختراق فاشلة إلا في زعم إعلامهم و مُرجفيهم.
2- تبعد نهم قرابة 75 كيلومتر عن العاصمة صنعاء إعلام العدوان و المرتزقة دأب على ترديد وجوده على مشارف صنعاء بإيحاء السيطرة على نهم ..فيما لا تزال قواه على مشارف نهم نفسها جهة المحيط الشمالي الشرقي و موقع سلاسلها الجبلية من جهة محافظة صنعاء ثم أمانة العاصمة . و وجود مرتزقة العدوان هناك لا يتجاوز ثغرات في تلك السلاسل غير قادرة على التوسع بفعل قوة الردع للجيش و اللجان الشعبية .
حالياً انعدمت تلك الثغرات باستثناء منطقة مطوقة من جهة جبل ملح .
3- عندما تحادثهم يتفق المقاتلون معك في تشخيص فارق الحال بين محارب الجيش و اللجان و بين مرتزقة العدوان في كلمة القضية .. هو لديه قضية و المرتزق ليست لديه قضية رغم هائل الدعم و امكاناته العسكرية . روى لي مقاتل كيف تواجه البندقية و البازوكا آليات مدرعة لا يجرؤ المُجند المرتزق على الابتعاد عنها اثناء حركته متدرعا و متوقيا و مختبئاً . و عقب تدمير الآلية يفر المرتزق بحثاً عن درع و عاصم يجده هانئا في الخلف بعيدا عن نيران رجال الجيش و اللجان .
(بعيداً ) ليست بلاغية في الاستخدام في السرد أعلاه بل حقيقة واقع ترسمه حدود نهم شرقا مع مواقع المرتزقة خارج الخط الإداري لمارب المحاددة.
4 – جبل المنارة الاستراتيجي شرقاً كان على يميننا طيلة سيرنا على الخط الاسفلتي على طريق صنعاء مارب ، لم نكن بمحاذاته لكن موقعه الاستراتيجي كان يحاذينا و يظلل سيرنا كما يحاذي نهم و العاصمة صنعاء . في أجزاء من سفوحه لا يستعجل مقاتلو الجيش و اللجان على قصف طرقات حديثة تشقها آليات الشق التابعة للمرتزقة.. و عندما سألتهم لماذا قالوا لي : لا بد ان تنهي مهمتها .. قلت باستغراب : و ما مهمتها ؟! قالوا : ان تشق طريقاً لنا نحوهم .. نحو مواقعهم المستحدثة .
و عندما تنتهي من الشق سنقصفها كما فعلنا بمعدات أخرى سابقة . لم اتمالك نفسي من الضحك .. فها هو المقاتل اليمني المدافع يفكر و يخطط باريحية و هو مستنفر على خطوط نار المواجهة .
ها هو يحول الخطر و وسائله الى فائدة و بكل ثبات و هدوء غير آبهٍ بالقنابل الإعلامية للعدو و مرتزقته التي ساعة تحدد ساعة الصفر للسيطرة الكاملة و ساعة تتحدث عن خططها المرسومة بدقة .
5 – وصلنا مفرق الرمادة و هو آخر محطة لنا و منها تشاهد جبل الشبكة أمامك يطل على فرضة نهم شرقا ، و في الجبل و محيطه تنتشر كمائن الجيش و اللجان التي نحتت في الصخور و صُنعت دروبها حديثاً. و على بعد كيلومتر و نصف قرب حدود نهم المديرية مع مارب مجاميع للمرتزقة بآلياتها السعودية .
كان طيران العدو صباح يوم استطلاعنا قد قصف طقم عسكري كان يحمل تموينات غذائية للمقاتلين. و مع كل عمليه قصف تتجدد قدرات المقاتلين من الجيش و اللجان الشعبية في ابتداع وسائل تأمن لهم وصول التموين اللازم و يقوم بها أبطال لا يقلون في فدائيتهم عن المرابطين في المواقع .
اليوم تجاوز المقاتلون مفرق الرماده و باتوا يسيطرون على المنطقة الواقعه بينه و بين فرضة نهم بل تجاوزوها وصولا للسيطرة النارية على مفرق الجوف من عدة أنحاء .
6 – آخر محاولا العدو الفاشلة في الاختراق كانت في اليومين الماضيين و باتجاه قرية المجاوحة التي وصلتها فرقة مرتزقة و هناك لقيت مصيرها فقتل من قتل و هرب من هرب و تم تأديب بعض أهالي القرية الذين لولاهم لما وصل المرتزقة و هم منتمون لحزب معروف بمساندته للعدوان و كانوا قد أوهموا الناس ان لاعلاقة لقريتهم بالحرب فيما كانوا يتواصلون مع المرتزقة لتكوين حاضنة لهم في القرية تخفيهم و تمهد لإنزال الطيران معدات عسكرية فيها .
فرقة خاصة توجهت من صنعاء لمساندة المامترسين من الجيش و اللجان أعادت لقريه المجاوحة صوابها و عادت الفرقة إلى صنعاء .
7 – اللجان الامنية و المقاتلون في حالة طمأنينة بعيدة عن التوتر ، ربما يصلح وصفها بالغريبة في أرض يقصفها الطيران ، و مثلهم ناقلو إمدادات الغذاء و الذخيرة لا يبدو للمبالاة إليهم سبيلا .
و اللجان الامنية رغم القصف المتعدد لمعظم مواقعها على الطريق العام لا تنفك تعود اليها مرة ثانية . إصرار على البقاء لا يفهم كُنهه العدو و مرتزقته . و يتصرف المقاتلون في التمركز في الجبال بليونة و المقصود بالليونة هنا ذوبانهم في تلك و تجاوز قساوة تصاريسها الى تطويعها .
و هنا لا يمكن قول المزيد تحوطاً.
8 – ترهيب المجتمع المحلي المقاوم للعدوان هدف دائم للعدوان و الأسواق مركز رئيسي للترهيب .. مررنا بثلاثة أسواق دمرها طيران العدو و ارتكب في بعضها مجازر مثل سوق خلقة و دمر بعضها تدميرا كاملا مثل سوق بني صاع .
نجح العدو نجاحا باهرا في تدمير الأسواق .. لكنه لم يتجح في تدمير معنويات و قناعات مواطني نهم ،
و على العكس فأبناء نهم تداعوا الى حماية منطقهتم و شكلوا حزاما بشريا واقيا على حدودها الى جانب حزامها الجبلي الممتد في شبه قوس شمالا و شرقا .. و كلما تجاوزت مجاميع المرتزقة شيئا من ذلك القوس دُحرت . و من الشواعد الحية على الفارق الكبير بين المرتزق و بين من يقاتل من أجل بلده و وطنه أن بعض سكان القرى الواقعة في مناطق الاشتباكات على الشريط المحادد بين نهم و مارب لا ينزحون باتجاه المناطق المسيطر عليها من قبل العدوان و مرتزقته في مارب رغم قربخا بل باتجاه مناطق سيطرة الجيش و اللجان .
9 – يتناقل الناس هنا بسخرية و احتقار محاولات ابناء بعض قرى نهم منتمون للمرتزقة تقوم على ترهيب أقاربهم تحت غطاء النصح بمغادرة مساكنهم بحجة قرب دخول قوات الشرعية المزعومة و تحول مناطقهم الى مناطق اقتتال و قصف في حين لا يحدث ذلك .
و يقول البعض ان هؤلاء لا يهتمون بما قد يفعله تحذيرهم الزائف من إرباك للحياة و ترك معاشاتها في حال صدّق الناس كلامهم و غادروا مساكنهم بخلاف تعريضها للنهب و السرقة . و لا يعني هذا وجود قرى لا تعاني من قصف مرتزقة العدو الناتج عن خنق زحفهم أكثر من مرة و في اكثر من اتجاه.