يتامى الشهداء.. فرحة عيدية يغتالها ألم الفراق

استطلاع/ أسماء حيدر البَزَّاز

“عيدٌ.. بأي حالٍ عُدَتَ يا عيد”.. هذا حال أيتام الشهداء، الذين يعيشون عيدهم اليوم بلون قاتم وذكريات حزينة.. فمعيلهم (والدهم) قضى نحبه في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض، غير أن فرحة الاستشهاد خفضت عناء الرحيل ولوعة المصاب في نفوس هؤلاء الأطفال.. الثورة اقتربت منهم لتشاركهم فرحة العيد وتنقل مشاعرهم المرهفة في هذه الأجواء العيدية.. نتابع:

البداية مع الطفل اليتيم أحمد شايف العقبي الذي استشهد والده بفرضة نهم بتاريخ 4 /2/ 2016م بعد أن ودعه والده في ظروف وعمر هو في أشد الحاجة إليه لم تودعه ذكرياته الجميلة مع والده وما إن جاء العيد حتى هيّجَ تلك الذكريات العزيزة، باعثاً سرباً من الحنين والشوق، إذ أن العيد باليوم فقد بهاءه برحيل والده.. هكذا لخص لنا أحمد حديثه عن مشاعره هذا العام..
وصمت برهة ثم قال: ما يخفِّف عنّا مرارة غياب والدنا هذا العام هو أنه ذهب في سبيل هذا الوطن الغالي، ذهب من أجلنا من أجل أن نحيا مستقبلاً جميلاً به تكمن عزتنا وكرامتنا فلا زلت أتذكر كلمات والدي وعندما كنا نذهب سويا في العيد لصلة وزيارة الأرحام وما اشترى لنا العيد السابق من كسوة وجعالة وطعام وعيدية ثم يأخذنا للتنزه في المتنزهات والحدائق ساعياً في سعادتنا وإدخال الفرح والسرور إلى قلوبنا وها نحن اليوم نعيش ونقضى العيد على واقع تلك الذكريات.
رحيل وثبات
الطفل شهاب الديلمي– 9 سنوات – هو الآخر ما إن سألناه عن العيد حتى فاضت عيناه من الدمع حزناً وشوقاً لوالده الذي ارتبطت كل أعياده بذكره.
واستطرد حديثه معنا قائلاً: أرى أصدقائي وجيراني مع آبائهم يذهبون ويتنزهون ويشترون لهم كسوة العيد والعيدية فأتذكر أبي وأتمنى أن يعود بيننا، فظروفنا هذا العيد صعبة جداً بعد رحيله ولهذا فأمي لم تستطع شراء كسوة العيد لي أنا وإخوتي الثلاثة، فبالكاد أن نوفر لقمة العيش وقد قالت لنا أمي العيد عيد العافية سوى ما حصلت عليه أختي الصغيرة من فستان العيد من إحدى قريباتنا، وكل ذلك لا يهم بقدر شوقنا لأبي الذي نتمنى أن نكون مثله في صبره وقوته ونعاهده بأننا سنكون طائعين ومحافظين على علمنا وتعليمنا وأن نكون قدوة حسنة كما أمرنا وتعهدنا.
لفتة كريمة
ذكرى الجنيد طفلة في ربيعها الرابع ببراءتها تقول: أبي عند الله وهو مرتاح إذا نحن لم نبك عليه لأنه إن فعلنا ذلك يستعذب، وأنا أحب بابا كثيراً وأتمنى أن يكون سعيداً وأن يأتي يزورنا في العيد.
أم ذكرى أوضحت لنا بأن عدداً من الجمعيات الخيرية والمنظمات زارتهم وقدمت لهم عدداً من حلوى العيد وكسوته ومبلغاً رمزياً وفاء للشهيد وإعانة لهم على متطلبات العيد ومصاريفه وهي لفتة كريمة لهؤلاء الأطفال الضحايا الأبرياء والتي مثلت هذه اللفتة سعادة كبيرة في قلوبهم.
رجال الخير
وهو ما أفادتنا به أم محمد جمعان والتي تكفل عدد من رجال الخير فضلوا عدم ذكر أسمائهم في كفالة أبنائها الأربعة وتوفير كافة متطلباتهم العيدية ومصروفاتهم للخروج والتنزه بالإضافة إلى تحديد مبلغ أربعين ألف شهرياً نفقة لهم وهي بادرة خيرة نحو إسعاد الأيتام وإدخال السرور والفرح إلى قلوبهم في هذه الأجواء العيدية المباركة.
عظمة إسعادهم
وفي هذه الزاوية أوضحت الداعية بشرى المتوكل عظمة الإحسان إلى هؤلاء الأيتام في عيد الفطر المبارك على  وجه الخصوص لأنهم أحوج إلى من يبهجم ويسعدهم حالهم حال غيرهم من أصدقائهم وأقرانهم والقرب من معاناتهم والتخفيف من وطأتها انطلاقاً من الواجب الديني والإنساني على حد سواء.
وأضافت المتوكل متطرقة إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إلى عظمة إكرام الأيتام والأرامل والتفقد لأحوالهم وحالتهم المعيشية ومواساتهم في أحزانهم وآلامهم والتخفيف من معاناتهم وما أكثرهم في ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها وطننا الحبيب نسأل الله السلامة، ولتتذكروا قول رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة . وقرن بين اصبعيه الوسطى، والتي تلي الإبهام)وهذا رجل شكا إلى رسول الله صلى الله عليه آله وسلم قسوة قلبه فقال “امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين” فعندما يرى الطفل اليتيم الذي فقد أحد والديه أو كليهما أقرانهم في العيد يلعبون ويمرحون برفقة آبائهم ويجدون كلما يتمنوه من كساء وطعام وشراب , يدخل ذلك في أنفسهم بشيء من الأسى والحزن ويذكرهم بأبيهم الذي فقدوه وكيف صار حالهم من بعده فواقعهم هو ذكريات مريرة لواقع أشد مرارة ولهذا طوبى لمن يبادر إلى هؤلاء الأيتام بإسعادهم أو إخراجهم للتنزه واللعب مع أطفالهم  , وليس مضاعفة قهرهم باللامبالاة والتهميش وفي ذلك يقول المولى عز وجل:  ” فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ “.

قد يعجبك ايضا